ماتوا وحيدين دون "قبلة" أو وداع أخير .. قصص ضحايا فيروس كورونا داخل غرف الحجر الصحي

ضحايا فيروس كورونا داخل الحجر الصحي
ضحايا فيروس كورونا داخل الحجر الصحي
كتب : سها صلاح

تحتضن المستشفيات قصص مؤلمة عن فقدان أحباب رحلوا بسبب فيروس كورونا وحيدين داخل العزل دون أن يمسك بأيديهم أحد في لحظاتهم الأخيرة، أو يساندهم أحد من عائلتهم أو التعبير عن مدى حبهم لفقدانهم في غرف باردة من الخوف قاتمة ومرعبة،لعل أفظع ما يحمله هذا الوباء هو الطريقة التي يعزل بها ضحاياه حتى في لحظاتهم الأخيرة، حيث يموت المرضى بمفردهم في غرف المستشفى، ولا يتمكن أزواجهم وأطفالهم وإخوتهم وأقاربهم من الاقتراب منهم،أما لحظات الوداع الأخيرة، إذا أمكن السماح بها، فتتم عبر جهاز لوحي أو هاتف ذكي، بمساعدة ممرضة كوسيط بين الأهل والمريض.

اقرأ أيضاً: "كرموهم في هدوء".. هكذا تعامل أهالي أسوان مع حالتين توفيا بـ "كورونا" (صور)

والد نانسي يموت وحيداً

في هذا السياق، روت نانسي هوبكنز تجربتها المؤلمة مع والدها الذي بلغ من العمر قبل وفاته 83 عاماً، حيث قالت: " كان يلهث أنفاسه في المنزل بصعوبة فهاتفت الطوارئ ولم أكن أدرى أنها المرة الأخيرة التي سأرى والدي فيها، وضعت يدي على ذراعه وقلت له "عد لي" لكنه لم يعود، عندما وصل مستشفي الحجر الصحي بكالفورنيا في مساء شهر مارس المرير الذي حصد احبائنا واحداً تلو الآخر، ذهبت لأراه لكنهم منعوني من الدخول بسبب القيود المفروضة على زيارة المرضى خلال جائحة كورونا، كنت أذهب وانتظر بالساعات أمام المستشفى أملاً أن يدخلوني اراه لمرة واحدة كم بقيت من الساعات أبكي في سيارتي دون أمل، وبعد 14 يوماً من صراع "روبرت ماكورد" والد نانسي م المرض في غرفة عزل بالطابق العلوى أطفأت الأنوار ورحل دون أن تربط ابنته على كتفه، كل ما حدث عندما اقترب موته قالت هوبكنز إنه على الرغم من تعقيمها وتغطيتها برداء مصنوع من البلاستيك لعزلها بالكامل تم السماح لها بالوقوف خلف نافذة زجاجية لتراه لآخر مرة، بينما تحمل ممرضة الهاتف الآخر بالقرب من أذنه.

والد نانسي

واضافت كان التحد الأكبر لي لا أستطع أن امسك بيده وأكون بجانبه في لحظاته الأخيرة رغم انني وعدته، المر مؤلم جداً، وفي 1 ابريل الجاري توفى الوالد العزيز.

اقرأ أيضاً: "كنا فى كابوس"..متعافون من كورونا يروون قصص هزيمتهم للفيروس

الهاتف الملعون

في قصة حزينة أخرى، قال ديفيد مايكل إنه كان مجبراً على وداع والده البالغ من العمر 61 عاماً، بينما كان يحتضر عبر تطبيق على الهاتف المحمول يوم 31 مارس.

ويضيف: "والدي استيقظ من نومه مع سعال قبل أسبوع واحد فقط من وفاته، وتم نقله إلى مستشفى بالتيمور حيث تم تزويده بالأكسجين لمساعدته على التنفس، لكن حالته لم تتحسن وتم نقله إلى العزل حيث تم وضعه على جهاز تنفس اصطناعي، واثناء وفاته سمحوا لي بمكالمته عبر الهاتف من امام خاجز زجاجي لعين كان حائلاً بيني وبين احتضان والدي، كان يخرج الكلمات بصعوبة وكنت ابكي بشدة وسط مكالمة جماعية محرجة شهدها أقارب آخرون وأطباء وممرضات في غرفة المستشفى، ثم رحل.

دايفيد مايكل

الجدة "كيكو"

اما عن الجدة كيكو نويتز من مدينة كنتاكي، كان من النادر أن تكون وحيدة، عاشت طوال حياتها وسط ابناءها الـ8 و28 حفيد كانت حياتها صاخبة دوماً وعندما اصيبت بالمرض، أوصت الجدة "كيكو" ألا يتم وضعها على جهاز التنفس الصناعي وهي تحتضر، أمام مستشفى نورتون برانونسبورو في لويزفيل، كان ستة من أبنائها الثمانية الكبار، يقفو على بعد مترين بين كل منهم، إذ لم يسمح المستشفى إلا بدخول واحد منهم فقط على أن يقوم بارتداء ملابس واقية، تغطي كامل الجسم، والذهاب إلى غرفة الجدة لفترة وجيزة. وبالفعل دخلت ابنتها كاثي ميلز لتجد والدتها منهكة القوى، لكن مستيقظة ومستلقية على جانبها بذراع واحدة ممتدة من السرير.

الجدة كيكو

نظرت ميلز إلي والدتها من وراء قناع تنفس، وقناع ثانٍ فوقه، ونظارات وقاية، مرتدية زوجين من قفازات المستشفى الزرقاء، ثم تمكنت من الإمساك بيد أمها،وقالت لها والدموع تملأ عينيها: "أنا آسفة يا أمي لأنني لا أستطيع تقبيلك".

اقرأ ايضاً: قالولنا متلبسوش الواقيات الشخصية.. ممرضة بمستشفى الوراق تروي لـ"أهل مصر" تفاصيل إصابة زملائها بكورونا

خرجت الابنة لتنضم إلى باقي أخوتها أمام المستشفى حيث تم إجراء مكالمة عبر تطبيق "فيس تايم" مع ممرضة تحمل الهاتف بالقرب من الجدة كيكو بينما كان كل ابن من أبنائها بالتناوب يقول لها: وداعاً.

وبينما أجهش الجميع في البكاء لم يتمكن أي منهم من أن يحتضن الآخر أو أن يقترب منه ليربت على كتفه،وتقول ابنتها الأخرى ديبي: "لم نتمكن من معانقة بعضنا بعضا، كان الوضع غير طبيعي على الإطلاق ففي العادة كنا نبكي على أكتاف بعضنا بعضا، وفي لحظة ماتت والدتنا في مشهد مرعب حتى الآن لا نستطيع تصديقه،وفي الساعة 7:45 صباح الاثنين، كانت الجدة كيكو تلفظ أنفاسها الأخيرة بينما كان الأقارب يراقبونها.

اقرأ أيضاً: ذوي الاحتياجات الخاصة في "مهب الريح".. الأهالي: فيروس كورونا قضى على حقوق أطفالنا.. والأطباء ليس لدينا حل

إلى ذلك أصبحت مكالمات الفيديو ضرورية للمرضى وعائلاتهم لدرجة أن مستشفى ليتلتون أدفنتيتست في كولورادو تستهدف توفير جهاز كمبيوتر لكل غرفة في القريب العاجل.

وحتى الآن، تم تدبير حوالي 2500 من الأجهزة اللوحية المتبرع بها بالفعل، وجارٍ العمل على توزيعها، وجمعت المؤسسة أكثر من 125000 دولار من نحو مليون دولار تستهدف استخدامها لاستكمال الخطة.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً