أزمة فيروس كورونا هزت 19 دولة أوروبية مثقلة بالديون وكشفت حقيقة التناقضات والخلافات بين دول الاتحاد الأوروبي، فرأينا فرض حظر تصدير على بعض المواد الهامة من المعدات الطبية، مما اسفر عن زيادة عدد الوفيات في الكثير من الدول، ووضعت ضوابط حدودية تركت المواطنين الأوروبيين عالقين.
وكان ماوريتسيو مساري ، سفير إيطاليا لدى الاتحاد الأوروبي قد اشتكى من أن استجابة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لصرخات بلاده من الضيق خلال جائحة فيروس كورونا المستمر يقتصر على المشاورات فقط في حين أن بعض الدول العربية أتخذت خطوات فعليه لمساعدته على رأسهم مصر، فعندما طالبت إيطاليا بإمدادات إضافية من المعدات الطبية ، بما في ذلك الأقنعة ، فرضت ألمانيا وفرنسا ، جنبًا إلى جنب مع أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين، قيودًا على تصدير المعدات الطبية الواقية،وعلى النقيض من ذلك، عرضت الصين بيع 1000 جهاز تهوية في إيطاليا، و 2 مليون قناع ، و 20 ألف بدلة واقية ،و50 الف مسحة لفحص فيروسات كورونا، فيما أرسلت مصر طائرة محملة بمليون ونصف كمامة طبية.
حرب الأقنعة وانقسام الاتحاد الأوروبي
أطلق الوباء تدافعًا على المعدات الطبية، حيث اتهمت الحكومات بمصادرة شحنات معدات الحماية الشخصية (PPE) وأجهزة التهوية الموجهة إلى بلدان أخرى، بينما تتضاءل المخزونات، وتتردد الحكومات في السماح للمعدات الوقائية وغيرها بمغادرة أراضيها، وتتحجج العديد من الحكومات إن الأسعار المطلوبة لمعدات الحماية الشخصية باهظة الثمن.وبالتالي نحن نرى جلياً أنه على المستوى العالمي، الحلفاء بعيدون عن الوحدة ويتهمون بعضهم البعض بالسرقة، على عكس الدول العربية الآن الذين يقفون بجانب بعضهم البعض، إذن لقد قلبت الآية أو بالأحرى ظهرت الحقيقة أمام الشعوب، ففي السابق وفقاً لمعهد دراسات "بيجن السادات" للأبحاث، كانت شعوب الدول الغربية ترى الصورة الظاهرية لحكوماتهم الذين صدروا دوماً فكرة الشعوب العربية المتخلفة، الآن شعوب العالم الثالث هي الأكثر ترابطاً في أزمة تفشي فيروس كورونا.
سقوط القوى العظمى للدول
في عام 1956، كشف التدخل البريطاني في السويس عن الاضمحلال الذي حدث في السلطة البريطانية، ووضع علامة على نهاية دور بريطانيا كقوة عالمية، لذا يجب على صانعي السياسة الأمريكية اليوم أن يدركوا أنه إذا لم ترتفع الولايات المتحدة لتكون قوة عظمى حقيقية وليس مجرد شعارات، وتترفع عن شعار "أمريكا أولاً"، فإن فيروس كورونا يمكن أن يمثل "لحظة السويس" للقوة الأمريكية.وقد فشلت الدول في التعاون لمكافحة هذا الوباء طبياً ومجتمعياً، حيث يعمل الباحثون وشركات التكنولوجيا الحيوية الكبيرة في العديد من البلدان بسرية وبشكل مستقل دون أي نية للتعاون من أجل الصالح العام.
وقد كشف فيروس كورونا عن أن المنظمات فوق الوطنية مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة قد يكون لها نوايا حسنة ، لكنها ليست أكثر من أندية للنخب، إذا كان هذا هو كل ما عليهم فعله في وقت الأزمات، فقد حان الوقت لحل كلا الهيئتين.