تدين البشرية لعلماء كثر بتغيير مجرى حياتهم، وربما كان هؤلاء العلماء قد غيروا شكل الحياة عن طريق الصدفة، كالتفاحة التى جعلت نيوتن، العالم الشهير، يخترع قانون الجاذبية، ومن بعده سار العلماء على هذا المنوال، ومن ثم أصبح نيوتن ذو علم نافع مكث في الأرض لأنه نافع للناس بآرائه ونظرياته التي سجلها التاريخ.
لكن لم يعلم نيوتن أنه بعد وفاته بردح من الزمن يظهر آخر منتحلا اسمه، ولكنه ليس لو ضع نظريات علمية تنفع الأرض إنما لوضع مقالات عديدة ممهورة بتوقيع نيوتين العالم لكنها تهدف لمصالح شخصية ربما أو لأهداف أخري ، هذا ما فعله صلاح دياب مؤسس جريدة "المصري اليوم" عندما أصر على استخدام منصته التى أنشأها بأمواله، ليصيغ أفكارا غريبة تمثل تفريطا في أرض حارب من أجل تحريرها الجيش المصري.
خرج دياب خلال الأسابيع الأخيرة بثلاثة مقالات يطالب فيها باستحداث وظيفة وهي حاكم سيناء ليكون له سلطة أعلى من سلطة المحافظ ويكون مستقلا إداريا عن نظام الدولة كمثل الذي يحدث في ولاية بافاريا الألمانية، وهونج كونج في الصين، فبدأ "دياب" بأول مقال والذي طالب فيه باستحداث وظيفة حاكم سيناء، مدعيا بأن ذلك سيحدث تنمية لم تشهدها سيناء من قبل.
وزعم "نيوتن" أن هذا الأمر موجود في بعض الدول الأخرى كألمانيا مثلا، كاتبا 3 مقالات فى هذا الصدد ليدعم فيها فكرته مما جعله البعض يستغرب من هذا الطرح، خاصة في مثل هذا التوقيت الذي تحارب فيه مصر الإرهاب وفيروس كورونا معا فى آن واحد.
وقال نيوتن في المقال الأول الذي نشره، إن الوظيفة تتطلب الاستقلال التام عن بيروقراطية القوانين السائدة، فى الاستثمار وفى استخدام الأراضى، مؤكدا أنه مطلوب الابتعاد عن ميزانية الدولة ولن يجمع الإقليم بالدولة إلا السياسة الخارجية والدفاع المسؤول عن حماية الحدود.
وزعم نيوتن فى مقاله، أن الوظيفة قد يراها البعض طلبًا مغامرًا أو صادمًا، قائلا "لنعترف أنه شىء يستدعى التفكير. سيئ النية سيصورونه كمؤامرة لتفتيت الدولة. لا مجال للتفريط فى أى قطعة من هذا الإقليم الأكثر تشربًا لدماء المصريين. ولفرادة هذا الإقليم وتميزه. سيكون قاطرة التقدم والازدهار لمصر. بالرغم من الذين يعتبرون سيناء خطًا أحمر. لتظل مهجورة جرداء. أو ملعبًا مفتوحًا للجماعات المتطرفة والصفقات المشبوهة".
وأكد نيوتن، "من يتولى هذه الوظيفة تكون له الحرية لإقامة النظام الأفضل للحكم المحلى. الذى يحقق الاستقرار لهذا الإقليم".
وتابع، "لكل هذا فقد تنجح الفكرة نجاحًا باهرًا. تنطلق سيناء بعده لتصبح أحد النمور الإفريقية الآسيوية. باعتبارها واقعة فى القارتين. التجربة يمكن استنساخها فى محافظة أخرى. لتصبح انطلاقة قومية جبارة، أما إذا فشلت التجربة. فليس هناك الكثير لكى نبكى عليه، فهل يا ترى من الوارد القيام بهذه التجربة والتعامل مع سيناء كمنطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة. أم أن معوقات هذه التجربة أكبر من أن نتجاوزها؟".
بعد ذلك، كتب نيوتن مقالين أولهما هو "حاكم سيناء" تحدث فيه عن محاور نفس الفكرة أيضا، ثم المقال الأخير وهو "سيناء وإمكانيات بلا حدود"، ليتم بعدها حملة انتقاد وهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبا البعض باتهام صلاح دياب بتهمة الخيانة العظمى، حتى استدعاه المجلس الأعلى للإعلام للتحقيق معه فيما نسب إليه من إضرار بالأمن القومي المصري.
بالفعل امتثل صلاح دياب، مالك جريدة المصري اليوم ومؤسسها، ورئيس تحريرها عبد اللطيف المناوى، إلى تحقيقات المجلس الأعلى للإعلام برئاسة الكاتب مكرم محمد أحمد، وذلك أمس الثلاثاء، في تحقيق مطول، أصدر بعده المجلس عدة قرارات بشأن الجريدة ومؤسسها ورئيس تحريرها، أهمها إلزام صحيفة المصري اليوم، وموقعها الإلكتروني بنشر وبث اعتذار واضح وصريح للجمهور، عن المخالفات التي ارتكبتها حول سيناء تحت اسم مستعار "نيوتن" وذلك خلال ثلاثة أيام.
وألزم المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، صحيفة المصري اليوم، بإزالة المحتوى المخالف من الموقع الإلكتروني، كما ألزم المجلس الصحيفة بأداء غرامة مقدارها 250 ألف جنيه، وحجب الباب الذى نُشرت وبُثت به المواد المخالفة بالصحيفة لمدة ثلاثة أشهر.
وقرر الأعلى للإعلام، إحالة رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم، إلى المساءلة التأديبية بنقابة الصحفيين مع اتخاذ تدبير وقائي بمنع الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية من ظهوره لحين انتهاء المساءلة التأديبية.
وقرر المجلس الأعلى للإعلام، إحالة الواقعة إلى النائب العام للتفضل بالنظر والتصرف في الشق الجنائي، ومنع جميع الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمواقع الالكترونية من ظهور كاتب سلسلة المقالات المنشورة تحت اسم مستعار "نيوتن" وهو صلاح دياب، مؤسس الصحيفة ومساهم في ملكيتها، وذلك لمدة شهر.
ويعتبر عمود "نيوتن" في المصري اليوم، من الأعمدة الشهيرة في الصحافة المصرية خاصة مع انطلاق المصري اليوم في عام 2005، وكان عبارة عن شخص مجهول عرف بعدها أنه عبد الله كمال، الكاتب الصحفي الشهير، بالتناوب مع مؤسس الجريدة صلاح دياب وكتاب آخرين، يقومون من خلال العمود بكتابة أفكارهم ومناقشتها بطريقة صحفية على صفحات الجريدة، وهو ما أثار حالة ملفتة داخل الصحافة المصرية ليتم بعد ذلك تقليده في بعض الصحف الأخرى.
واستمر الوضع على ذلك حتى توفى الكاتب الصحفى عبد الله كمال، وكان العمود على وشك التوقف، إلا أن إدارة الصحيفة رأت استمرا العمون بصلاح دياب فقط مع الاستعانة ببعض الكتاب الآخرين في أحيان أخرى.