في ظل تطور الفقه السياسي لمفهوم الدولة القومية لا تزال الاسلامة مفهوم غامض تحاول بعض التيارات المتطرفة استغلالها من أجل الترويج لأفكار سياسية، فهل الدولة الإسلامية وهم وخيال؟ وهل هناك طبيعة خاصة للدولة الإسلامية ؟ وما هو الدور الذي يقوم الحاكم في ظل الدولة الاسلامية ؟ ذهب فقه السياسة الشرعية إلى أن الدولة الإسلامية هى طراز خاص من الدول لها ذاتيتها وطبيعتها الخاصة التي تتميز على سائر الدول المعاصرة فإن ذلك يمكن أن يوضح العديد من القواعد الإدارية التي يجب أن تسود الجهاز الإداري، والتي لا نظير لها في الإدارة المعاصرة. ومن بين هذه القواعد ضرورة اشتراط الإسلام في القادة الإداريين الذين يمارسون الولاية العامة على المسلمين؛ وذلك لأن هذا الشرط يتعلق بذاتية الدولة الإسلامية وطبيعتها الخاصة؛ وذلك لأن غير المسلم لا يعمل على تحقيق الأهداف والغايات التي ابتغاها الإسلام، فضلا عن أنه سوف لا يراعي ما أوجبه الشارع الإسلامي، ولكون الدولة أساسا تؤسس على الإسلام وتنبني عليه، فلا يتصور ترتيبا على ذلك أن يمارس أعمال الولاية العامة من لا يدين بدين الإسلام، وكان من المنطقي أن تمنع النصوص ولاية غير المسلم على المسلم.
وفي ظل الدولة الإسلامية فإن وظيفة الحاكم هو العمل على تحقيق مقاصد الله في الخلق ومراعاة المصلحة العامة لجماعة المسلمين، واعتبار هذه المصلحة أساس ممارستهم لكل السلطات في الدولة الإسلامية واستناد العملية الإدارية على القيم والأخلاق الإسلامية، فضلا عن ضرورة أعمال الشورى في تسيير أعمال الإدارة لرقابة الأمة الإسلامية بمقتضى واجب الحسبة، وكل هذه القواعد الإدارية مستمدة أساسا من ذاتية النظام الإسلامي وطبيعته الخاصة ، ولا نظير لها في النظم الإدارية المعاصرة ، وهي الطبيعة التي تقوم على قاعدة توازن السلطة مع المسئولية لهذه القاعدة
فلا يوجد في الإسلام من يكون بمنأى عن المسئولية؛ وذلك لأن عدم المسئولية تعني أن غير المسئول يحتل مكانا مقدسا أو هو معصوم من الخطأ ، وبالتالي غير مسئول عن أعماله وتصرفاته، وليس في الإسلام من يحتمل هذه المكانة سوى الأنبياء والرسل؛ ذلك أن كل مسلم مسئول عن تصرفاته وأفعاله أمام الله عز وجل وأمام نفسه وضميره وأمام عموم المسلمين .
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
