في الوقت الذي نشرت فيه صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية تقريرا مفاده أن تركيا تستعد لارسال المزيد من المرتزقة السوريين من خلال جسر جوي إلى ليبيا، لا يزال ملف المرتزقة السوريين في ليبيا يلفه الغموض وسط تضارب في العدد الحقيقي لهم بعد أن وصل للأراضي الليبية نحو 6000 من المرتزقة السوريين المتعطشين للدماء وسط عمليات تجنيد هيسترية تقوم بها المخابرات العسكرية التركية للشباب السوري في مناطق عفرين أو مناطق درع الفرات، ومنطقة شمال شرق سوريا، وهى كلها مناطق تحت الاحتلال التركي لسوريا. في نفس الوقت يظل صمت الميلشيات الليبية المسلحة المحسوبة على جماعات متطرفة وعلى تنظيمات تكفيرية غامضا من وجود المرتزقة السوريين على أراضي ليبيا، في الوقت الذي تعود فيه الأصول الفكرية لمرتزقة سوريا إلى جماعات تكفيرية سبق لها وأن اصطدمت مع جماعات دينية متطرفة أخرى على صلات تنظيمية وارتباط عقائدي بالجماعة الإسلامية المقاتلة التنظيم الإرهابي الرئيسي في ليبيا والذي تفرعت منه باقي الميلشيات الليبية الموجودة في طرابلس ومصراتة.
وجود المرتزقة السوريين في ليبيا، وعلى مسافة قريبة من الحدود المصرية الغربية يمثل شكلا من أشكال التهديد المباشر للأمن القومي المصري بشكل قد يفوق التهديد الإسرائيلي للأمن القومي المصري، بالنظر إلى أن مرجعية المرتزقة السوريين المعلنة حتى الآن هى مرجعية تكفيرية متطرفة، بالإضافة إلى تعطشهم الشديد لسفك الدماء وسعيهم الدؤوب لنشر الفوضى في أى مكان تصل لهم أقدامهم على خريطة الدول العربية، خاصة بعد أن أسفر ظهورهم في سوريا عن نتائج كارثية لحقت بالدولة السورية التي كانت من أقدم الدول في العالم وتحولت في خلال أقل من عقد من الزمان إلى مساحة جغرافية ممزقة يتبع كل جزء دولة خارجية أو تحت سيطرة فيصل عقائدي أو ديني موالي لدولة أخرى بخلاف الدولة السورية.
مجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس نشرت تقريرا لموفدها إلى طرابلس فريدريك وهري وصف فيها بدقة المقرات الأسمنتية المحصنة للمرتزقة السوريين في العاصمة الليبية طرابلس والتي تشبه إلى حد كبير حصون الإسرائيلين السابقة في خط بارليف التي دمرها الجيش المصري في حرب أكتوبر سنة 1973 م ، كما نشرت صحيفة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية مقالا كشفت خلاله عن محاولة تركية لإقامة جسر جوي لإيصال أسلحة ومرتزقة إلى ليبيا خلال شهر رمضان المبارك.
ووصفت المجلة الأمريكية مقر الميلشيا السورية في ضواحي العاصمة الليبية طرابلس بأنها فيلا من الخرسانة المصبوبة والتي كانت بمثابة أماكن المعيشة لمجموعة من المرتزقة السوريين الذين لا ولاء معلن لهم سوى المال، إلا أن اللافت أن موفد المجلة إلى طرابلس أكد أن المقر الذي زاره يضم قرابة 500 مرتزق، بقيادة ضابط سابق في الجيش السوري اسمه أحمد، الذي حكي له عن تفاصيل مثيرة حول تجنيد المرتزقة السوريين ومهمتهم في ليبيا، والتي يبدو أن الاتجاه الحقيقي صوب مكان آخر ليس المقصود به طرابلس.