قبل الإفطار لا تخلو مائدة طعام رمضانية من المشروبات المتعارف عليها مثل السوبيا والتمر والعرقسوس، ويسارع المواطنون في شوارع أسيوط بحثًا عن تلك العصائر لشرائها واستعدادًا لتناولها عند الإفطار ومن تلك المشروبات التى يعتاد عليها "الأسايطة" مشروب العرقسوس داخل الإبريق الفضي أوالنحاس المصنوع خصيصًا ليحفظ برودة المشروب، مثبتة به أكواب زجاجية وأهل مصر مع أقدم بائع عرقسوس بالمحافظة.
ينادي "عم محمد" أقدم بائع عرقسوس بأسيوط للإعلان عن بضاعته، فى ظل أزمة كورونا، وقلة خروج المواطنين فى إحدى جوانب منطقة بغرب البلد بسيارة خشبية تحمل أباريق نحاس بداخلها العرقسوس، وبها حنفية ومجموعة أكياس بلاستيك للتعبئة، وألواح من الثلج لتكسيرها ليظل باردًا قبل الإفطار فى ظل حرارة الجو تلك الشراب الذي يتميز بحلاوة مذاقه، وارتبط ارتباطًا وثيقًا بشهر رمضان وأيام الصيف الحارة.
يحكي "عم محمد" عن سنوات عمره التى قضاها فى بيع العرقسوس، وكأنه يرسم لوحة تعبيرية ليشاهدها الجميع كالتراث، وحكاوى الزمن فيقول: "عملت بالمهنة منذ 30 عام، مع والدى أساعده بالتجول، وأنا شباب ولما تقدم بى السن استقريت بمكان بغرب البلد بمحافظة أسيوط ليأتى الزبائن من كل مكان لطعم ومزاق العرقسوس، لأنه فن ولم يتغير سعر كوب العرقسوس كثيرًا، ففي السنوات الماضية كان"قرش"، وتدرج ليصل إلى 25 قرشًا، حتى وصل إلى جنيه، ونظرًا لشعبية المناطق التي يعمل بها فليس من الصالح أن يرفع السعر أكثر من ذلك، وإلا لن يتجاوب معه المواطنين.
وعن مكونات العرقسوس، يشرح الرجل الخمسيني أنه خلاصة أعشاب طبيعية مجففة معروفة لدى محلات العطارة في أنحاء الجمهورية، يتم تنميشه بالماء بدون أي إضافات أوتحلية، ويقدم للزبائن بطبيعته، أوإضافة قطع الثلج لمن بريده مثلجًا، كل حسب طلبه "والصنعة بتفرق"، مضيفًا: "خبرة السنوات في مهنته ليكون عاملًا مساعدًا في جلب رزقه، فحاجة السوق ربنا محليها لأنها سبيل رزق".
ويختتم بائع العرقسوس، حديثه بالقول: "لولا تلك المهنة ما كنت استطعت أن يكون لدي زوجة وأبناء، تلك الزوجة التي كافحت معي واهتمت برعاية الأبناء ساعات عملي خارج المنزل".