أكد جيورجي بوريسينكو سفير روسيا بالقاهرة، أن العلاقة الوثيقة بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين تشكل حافزا للتقارب بين البلدين، واصفا العلاقات مع مصر بأنها ودية ومكثفة.
وقال بوريسينكو، في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم بمناسبة الاحتفال بمرور 77 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الذي يوافق الأربعاء المقبل، إن الآلية الخاصة لعقد القمم الثنائية سنويا والمنتدى الروسي-الأفريقي الذي عقد في مدينة سوتشي تحت الرئاسة المشتركة لمصر وروسيا أثبت أن صداقتنا يمكن أن تكون مثمرة للمنطقة بأسرها.
وأضاف أن التعاون المصري-الروسي عميق الجذور وله تاريخ طويل في تطوره ونتشارك وجهات النظر حول العديد من القضايا الدولية والإقليمية ونتعاون في إطار المنظمات والمؤسسات الدولية المختلفة، مشيرا إلى أن مصر تعد أحد شركاء بلاده الرئيسيين في مجال التجارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأوضح أنه بالرغم من الجائحة العالمية لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، فإن هناك تنسيقا مستمرا ووثيقا على مختلف المستويات بين مصر وروسيا بما في ذلك الرئاسية والوزارية والبرلمانية، مضيفا أن مصر ترتبط بعلاقات ثقافية متينة مع روسيا.
وأوضح السفير الروسى أن هناك مشاورات منتظمة على مستوى وزاري في إطار (2+2) في مجالي الشؤون الخارجية والدفاع التي تسهم في تطوير الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا، مشيرا إلى أن كلا الجانبين يشجعان على توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري من خلال الإطار الحالي للجنة الحكومية المشتركة .
ونوه بتشكيل لجنة للصداقة من البرلمانيين لتعزيز العلاقات الروسية-المصرية، معبرا عن أمله فى تكثيف هذه العلاقات بعد إنشاء مجلس الشيوخ المنتخب حديثا في مصر، مؤكدا اهتمام كلا البلدين باستئناف الزيارات بعد الانتهاء من وباء كوفيد -19 وأنه يتم حاليا استخدام تقنيات الاتصالات الحديثة لمناقشة القضايا الأكثر حيوية .
وشدد بوريسينكو على أن روسيا تولي اهتماما كبيرا بالحفاظ على اتصالات مكثفة وتعاون مع مصر في مجالي الأمن ومكافحة الإرهاب وأنه من المخطط عقد اجتماع لمجموعة العمل المشتركة حول قضايا مكافحة الإرهاب في المستقبل، مشيرا إلى أن مصر تعد الشريك الإقليمي الأساسي لروسيا في مكافحة الإرهاب، مضيفا: "إننا نقدر كثيرا جهودها في هذا المجال بما في ذلك الحملة طويلة الأمد التي تشنها قوات الأمن المصرية في شمال سيناء ضد الإرهاب".
وعن النزاع في سوريا وليبيا، قال بوريسينكو: "إن مصر وروسيا تتبنيان موقفا وثيقا فيما يتعلق بالوضع في البلدين"، موضحا أن "موقفنا المشترك هو ضرورة تعزيز الحوار السياسي الشامل بين الأطراف المتنازعة وأنه لا يوجد بديل إلا الحل السياسي في كلا النزاعين".
وأكد أن بلاده لا تهدف حماية أي سلطة سياسية في سوريا ولكن هدفها حماية القانون الدولي وأنه لا يجوز السماح لأي قوى خارجية أن تملي على شعب دولة ذات سيادة كيف يعيش ومن يحكمه.
وبالنسبة للنزاع في ليبيا، أكد تفهم موسكو لمخاوف شركائها المصريين على أمنهم القومي خاصة مع وجود الكثير من الإرهابيين في شرق ليبيا ؛الأمر الذى يشكل تهديدا لكل من مصر وروسيا والولايات المتحدة والعالم بأسره، مشيرا إلى أن الوضع الحالي جاء نتيجة لتدمير مؤسسات الدولة في عام 2011 ودخلت ليبيا التي كانت مزدهرة في حرب أهلية واسعة النطاق.
كما أكد تأييد روسيا لإعلان القاهرة الأخير لأنه يمهد الطريق لحل سلمي للنزاع فى ليبيا، مضيفا: "نبذل جهودا كبيرة لتجنب الخط الأحمر (سرت الجفرة) الذي أعلن عنه الرئيس عبد الفتاح السيسي"، مشيرا إلى أن الجانب الروسي يجري مشاورات مستمرة مع تركيا للتوصل إلى وقف إطلاق دائم في ليبيا وتجميد تحرك قوات الوفاق الوطني.
وردا على سؤال حول التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر ورسيا، قال بوريسينكو إن البلدين بذلتا مؤخرا جهدا كبيرا لتعزيز التعاون الاقتصادي حيث بلغ التبادل التجارى 6.2 مليار دولار عام 2019 مما جعل موسكو من أكبر 10 شركاء تجاريين لمصر إلا أن هذا التبادل تراجع بسبب وباء كورونا ليبلغ مليار دولار فقط في الربع الأول من هذا العام، مشيرا إلى أن أهم الصادرات الروسية لمصر القمح والمعادن والنفط والغاز و سيارات وعربات السكك الحديدية والأخشاب والدهون والزيوت بينما تشمل الصادرات المصرية لروسيا، المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية والكيميائية.
وأوضح أن الشركات الروسية الكبرى بما في ذلك "روسفنت" و"لوك أويل" وشركة السيارات "لادا" تعمل في السوق المصري وهناك العديد من المشروعات المشتركة التي تشكل حافزا قويا لدعم التعاون الاقتصادي حيث بدأت الشركة الروسية "ترانسماش هولدينج" في توريد 1300 عربة لتطوير قطاع السكك الحديدية في مصر.
وأكد أن الشركات الروسية تهتم بزيادة سبل تعزيز التعاون مع رجال الأعمال المصريين في السوق المحلي الذي وصفه بأنه جاذب للغاية للاستثمار، مشيرا إلى أن الاستثمارات الروسية المباشرة في مصر زادت في السنوات القليلة الماضية لتصل إلى 7.4 مليار دولار خلال عام 2020، معبرا عن اعتقاده بوجود آفاق جيدة لزيادة حجم هذه الاستثمارات في الفترة المقبلة خاصة في مجالات اكتشاف النفط والغاز والزراعة والصناعات الغذائية والهندسة الميكانيكية.
وحول المنطقة الصناعية الروسية التى ستقام في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، قال سفير روسيا بالقاهرة إنه من المتوقع أن تجذب سبعة مليارات دولار في شكل استثمارات جديدة وقد عبرت العشرات من الشركات الروسية عن اهتمامها بالاستثمار في هذا المشروع، مؤكدا أن قانون الاستثمار الجديد والنمو الاقتصادي الكبير في مصر بالإضافة إلى عضويتها في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية يجعل مصر من أهم الدول فائدة في أفريقيا بالنسبة للمستثمرين الروس.
وأوضح أن هذا المشروع يمنح لرواد الأعمال الروس فرصة لتصدير المنتجات المحلية إلى الأسواق الأخرى التي تتميز بضرائب ورسوم منخفضة وهناك تطورات جديدة في هذا المشروع التي تشجع على استكماله وتجعله أكثر فعالية، معبرا عن أمله في أن ينطلق هذا المشروع في القريب العاجل بعد استقرار الوضع الوبائي العالمي وتسوية جميع المسائل القانونية.
وعن ملف سد النهضة، أكد بوريسينكو تفهم روسيا للمعنى الاستراتيجي لنهر النيل لمصر ولشعبها، مضيفا: "وفي الوقت ذاته، نعترف بحق أثيوبيا في تطوير اقتصادها بما في ذلك قطاع الطاقة، ونحاول إقناع أديس أبابا بتسوية هذا النزاع سليما بدون إلحاق الأذى لجيرانها، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أرسل مناشدات متكررة لشركائنا الإثيوبيين يطالبهم بالالتزام بالمفاوضات الجارية والتوصل إلى اتفاق ثلاثي بشأن ملء وتشغيل سد النهضة".
وشدد على أنه من المستحيل تغيير الجغرافيا ولذلك يتعين على دول حوض النيل أن تتعايش اليوم وغدا وبعد 100 عام ومن الضروري أن تكون قادرة على حل جميع الأمور بروح الجوار الطيب، مشيرا إلى أن الحوار الحالي بين الجانبين جاء بعد اجتماع بين زعيمي مصر وإثيوبيا على هامش منتدي الروسي-الأفريقي في مدينة سوتشي العام الماضي.