قالت مجلة “إيكونوميست” في افتتاحيتها إن المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن يجب أن يكون الفائز في الانتخابات الأمريكية. والسبب هو أن الرئيس الحالي دونالد ترامب دنّس القيم التي جعلت أمريكا منارة العالم.
وقالت المجلة إن البلد الذي انتخب دونالد ترامب لم يكن سعيدا ومنقسما، ولكن البلد الذي يأخذه معه لكي يعيد انتخابه بات أكثر تعاسة وانقساما. وبعد أربعة أعوام من حكم ترامب، بات البلد أكثر غضبا وتحزبا وأقل انضباطا. وبات الوباء يلتهم الحياة اليومية، وتم تسجيل 230.000 وفاة وسط المشاحنات والتحلل من المسؤولية والأكاذيب. وترى المجلة أن كل هذا من عمل ترامب، وانتخابه مرة ثانية سيكون مصادقة وتأكيدا على هذا الحال. وأضافت: “جو بايدن ليس علاج المعجزة لأمراض أمريكا، ولكنه رجل طيب يمكنه إعادة الثبات والأدب إلى البيت الأبيض. وهو مؤهل للقيام بالعملية الطويلة وتجميع قطع البلد مع بعضها البعض”. ونوهت: “لهذا السبب لو كان لنا حق بالتصويت لذهب إلى جو”. وأضافت أن “الملك” دونالد فشل في دوره كرئيس للحكومة الأمريكية أكثر من أي رئيس دولة في العالم. وهو ورجال حكومته يمكنهم الحديث عن مكاسب وخسائر مثل بقية الإدارات التي سبقتهم، ولكن كحماةٍ للقيم الأمريكية وضمير الأمة والصوت الأمريكي في العالم، فقد فشلوا بشكل ذريع. وبدون كوفيد-19 كانت سياسات ترامب كافية لأن يفوز بولاية ثانية. فسجله في الداخل يضم تخفيض الضرائب والإعفاءات الحكومية والتنظيمات وتعيين عدد من القضاة المحافظين في المحكمة العليا.
اقرأ أيضا .. 20 مدعي عام أمريكي يدعمون بايدن ويحذرون من تهديد ترامب لسيادة القانون
وقبل الوباء كانت الأجور بين الدوائر الفقيرة من العمال تتزايد بنسبة 4.7%. وكانت الثقة بالأعمال الصغيرة في أعلى حالاتها منذ 30 عاما. وأعطى في سياساته من الهجرة ما طلبته منه قاعدته الانتخابية. وفي الخارج هزمت أمريكا تنظيم “الدولة” ورعت ثلاث عمليات تطبيع بين دول عربية وإسرائيل، وبدأت بعض دول الناتو بالإنفاق، وأصبحت الصين تعرف أن البيت الأبيض بات عدوها الأكبر.
ولكن قائمة الأشياء التي يمكن الاعتراض عليها طويلة، فتخفيض الضريبة كان رجعيا، فيما كانت التنظيمات مضرة للمناخ. وكانت محاولات إصلاح العناية الصحية فاشلة. واتسمت سياسات الحد من الهجرة بالقسوة، حيث قام المسؤولون بفصل الأطفال عن آبائهم، والحد من وصول قادمين جددا بشكل سيجفف حيوية أمريكا. وفي القضايا الأصعب مثل كوريا وإيران والسلام في الشرق الأوسط، لم يكن سجل ترامب أحسن من غيره الذين كان يحب السخرية منهم. وتقول المجلة: “لكن مشكلتنا الكبرى مع ترامب هي أساسية. ففي السنوات الأخيرة دنّس القيم والمبادئ والممارسات التي جعلت أمريكا ملجأ لأهلها ومنارة للعالم. والذين يتهمون بايدن بنفس الشيء أو أسوأ عليهم التريث والتفكير من جديد. ومن يتجاهلون تنمر وأكاذيب ترامب وكذا تغريداته يتجاهلون الأذى الذي تسبب به”. وتوضح المجلة أن القيم التي دنسها ترامب تبدأ بالثقافة الديمقراطية الأمريكية، فالسياسة القبلية سبقت ترامب. ولكن مقدم برنامج “المتدرب” استغلها لكي تنقله من الغرفة الخضراء إلى البيت الأبيض.
اقرأ أيضا .. جو بايدن يتقدم على ترامب في ولاية ميتشيجن الأمريكية
ومع أن الرؤساء الأمريكيين تعاملوا مع مشكلة التحزب كأمر سيئ لأمريكا، إلا أن ترامب رأى فيه شيئا مركزيا لحكمه، ولم يحاول تمثيل غالبية الأمريكيين الذين لم يصوتوا له. وتقول إن ترامب واجه احتجاجات عارمة بعد مقتل جورج فلويد، ولكنه لم يحاول رأب الجراح، بل وصفها بأنها عبارة عن عربدة نهب وعنف من اليسار المتطرف وتهدف إلى إثارة العنف العرقي. واليوم تنظر نسبة 40% أن الجانب الآخر ليس مضللا ولكنه شرير. ولكن ما يثير الدوار في الرأس خلال رئاسة ترامب، هي احتقاره للحقيقة. وكل الساسة لديهم ميل للمراوغة، ولكن إدارته أعطت الأمريكيين “حقائق بديلة”. ولا يمكن تصديق أي شيء قاله ترامب أو نطق به، بما في ذلك اتهاماته لبايدن بالفساد.