ads

تايس والشرع .. دمشق تلعب ورقة المختفين قسريا في عهد الأسد

أحمد الشرع
أحمد الشرع

في الثامن من ديسمبر 2024، وبينما كانت العاصمة السورية دمشق تتجمد من شدة البرودة، كانت الحشود الغفيرة تتدافع أمام أبواب السجون ودوائر الأمن والمخابرات. عشرات الآلاف من الأسر السورية، تحمل على أكتافها سنوات من القلق والألم، اصطفت على أمل الحصول على بصيص أمل بشأن مصير أحبائهم الذين اختفوا قسراً منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011. هذا المشهد المفعم بالحماس يمثل نقطة تحول، فبعد سقوط نظام بشار الأسد، تتجدد آمال الكشف عن مصير مئات الآلاف من المفقودين.

أرقام صادمة وآمال معلقة

تقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن عدد المفقودين في سجون نظام بشار الأسد قبل الإطاحة به وصل إلى 136 ألف شخص. هذا العدد يشمل مواطنين أجانب، من بينهم ثلاثة أميركيين تسعى واشنطن جاهدة للكشف عن مصيرهم، وهم أوستن تايس، ومجد كمالماز، وكايلا مولر.

توم باراك، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، كتب في نهاية مايو على منصة 'أكس' مؤكداً حق عائلات هؤلاء المفقودين في معرفة مصير أحبائهم، ومعلناً موافقة الحكومة السورية على مساعدة الولايات المتحدة في تحديد مكان مواطنين أميركيين أو إعادتهم أو رفاتهم.

قصص المفقودين الأميركيين: آلام متجددة

تتجسد مأساة الاختفاء القسري في قصص هؤلاء الأميركيين الثلاثة:

أوستن تايس: اختُطف الصحفي المستقل أوستن تايس في 14 أغسطس 2012، قرب دمشق، عندما كان يبلغ من العمر 31 عاماً. عمل تايس مع مؤسسات إعلامية كبرى مثل مجموعة ماكلاتشي، وواشنطن بوست، ووكالة الصحافة الفرنسية. لم تتوفر معلومات مؤكدة عن مصيره منذ ذلك الحين. في يناير من هذا العام، زارت والدته دمشق والتقت بالرئيس السوري أحمد الشرع، معربة عن أملها في تسريع وتيرة البحث عن ابنها.

كايلا مولر: خطف تنظيم 'داعش' عاملة الإغاثة كايلا مولر في حلب شمالي سوريا، في أغسطس 2013. أعلن التنظيم في فبراير مقتلها في غارة جوية شنتها طائرات أردنية على مدينة الرقة. رغم تأكيد واشنطن لمقتلها، إلا أنها شككت في صحة رواية التنظيم المتطرف حول ظروف وفاتها.

مجد كمالماز: فُقد المعالج النفسي مجد كمالماز عام 2017 خلال زيارة خاصة إلى دمشق، بعد توقيفه على نقطة أمنية. كمالماز، وهو أميركي من أصل سوري، كان متخصصاً في العلاج النفسي لمتضرري الحروب والكوارث، وعمل مع اللاجئين السوريين في لبنان. أفادت تقارير غير مؤكدة لاحقاً بوفاته في السجن.

وبحسب مصدر سوري مطلع على المحادثات بين الحكومتين السورية والأميركية، تضم قائمة واشنطن أسماء 11 مفقوداً، جميعهم سوريون يحملون الجنسية الأميركية.

جهود واشنطن في عهد الأسد وبعده

حاولت واشنطن مراراً خلال حكم الأسد الحصول على معلومات بشأن رعاياها المفقودين. ورغم إنكار دمشق وقتها، تعاملت واشنطن مع ملف تايس بوصفه رهينة لدى حكومة الأسد. يقول نزار زكا، رئيس منظمة دعم الرهائن في واشنطن، إن المعلومات التي وصلته تفيد بأن تايس تنقل بين عدة مراكز توقيف، لكن اسمه لم يسجل في النظام الرسمي للسجون. وأشار زكا إلى أنه 'أوقف بداية في مركز للمخابرات، بعدها في مركز فرع فلسطين، كما حجز في بيوت سرية ومن ثم اختفى تماماً'.

أفادت تقارير صحافية أميركية أن الرئيس دونالد ترامب أرسل مبعوثين سراً للتفاوض مع نظام الأسد. كما أكد سلفه، جو بايدن، اعتقاده بأن تايس رهينة لدى الحكومة السورية، لكن حكومة الأسد لم تتجاوب، وادعت أنها ليست مسؤولة عن اختفائه.

بعد سقوط نظام الأسد، تجدد الأمل بالعثور على تايس بعد 12 عاماً من اختفائه. فقد رصد مكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) مكافأة بمليون دولار، وأعلنت الخارجية الأميركية عن مكافأة ثانية بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومة عن مكان الصحافي المختفي.

أرسلت السلطات الأميركية روجر كارستنز، المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن، إلى سوريا بعد سقوط الأسد. وأكد كارستنز أنه تلقى، خلال الـ 12 عاماً الماضية، معلومات أشارت إلى مجموعة من السجون التي يحتمل أن تايس كان محتجزاً فيها، وقد ضيّق نطاق البحث إلى 6 مواقع محتملة.

بدورها، أعربت ديبرا تايس، والدة أوستن، عن ثقتها بنجاة ابنها وتصميمها على بذل كل ما بوسعها للعثور عليه.

نظرية جديدة: احتمال نقل تايس إلى إيران

مع هذا الأمل المتجدد، تظهر نظرية أخرى حول اختفاء تايس، وهي أنه قد لا يكون موجوداً في سوريا أساساً. تقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن هناك روايات لعناصر من النظام السابق تشير إلى اهتمام الإيرانيين الشديد بحالة أوستن تايس، 'وقد يكون لدينا مؤشرات أنه قد يكون نقل إلى إيران، لتستفيد إيران منه في وقت ما كورقة مساومة مع الولايات المتحدة الأميركية'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً