تستعد العاصمة اللبنانية بيروت لاستقبال الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، في زيارة رسمية يوم الأربعاء، 13 أغسطس 2025. تأتي هذه الزيارة في توقيت حساس ومليء بالتوترات، خاصة مع تصاعد الاعتراضات اللبنانية على ما يعتبر تدخلاً إيرانياً متزايداً في الشؤون الداخلية للبلاد. وقد سبقت وصول لاريجاني تصريحات إيرانية حاسمة، مما أثار العديد من التساؤلات حول أهداف الزيارة ومدى تأثيرها على المشهد السياسي اللبناني.
جدول أعمال الزيارة ولقاءات محددة
من المقرر أن يلتقي لاريجاني بكبار المسؤولين اللبنانيين، وهم رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام. هذه اللقاءات الرسمية تشير إلى أهمية الزيارة بالنسبة لطهران، ورغبتها في تأكيد علاقاتها مع القوى الفاعلة في لبنان.
ومع ذلك، لوحظ غياب لافت لوزير الخارجية اللبناني، يوسف رجّي، عن جدول لقاءات لاريجاني. ووفقاً لمصادر في وزارة الخارجية اللبنانية، لم يطلب المسؤول الإيراني موعداً مع الوزير رجّي. وفي حال طلب، كان سيُقابل بالرفض، خاصة بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها مسؤولون إيرانيون والتي اعتبرتها الحكومة اللبنانية غير مقبولة. هذا التهميش الدبلوماسي يعكس عمق الخلافات القائمة بين البلدين حول قضايا سيادية.
تصاعد الخلافات حول سلاح حزب الله
تأتي زيارة لاريجاني عقب توتر حاد تسببت به تصريحات علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، والتي اعتبرها وزير الخارجية اللبناني "مشبوهة ومرفوضة". وكان ولايتي قد صرح بأن أي محاولة من الحكومة اللبنانية لنزع سلاح "حزب الله" مصيرها الفشل، مؤكداً أن إيران ستواصل دعمها للمقاومة في لبنان.
وقد أثارت هذه التصريحات غضب الحكومة اللبنانية، مما دفع الوزير رجّي إلى الرد بحزم، مؤكداً أن "لا حق لأي طرف أن يتحدث باسم الشعب اللبناني أو أن يدعي حق الوصاية على قراراته السيادية". هذه المواجهة العلنية تكشف عن أن قضية سلاح "حزب الله" هي محور الخلاف الرئيسي.
موقف الرئيس اللبناني: تأكيد السيادة الوطنية
في ظل هذه التوترات، تبرز مواقف الرئيس اللبناني جوزيف عون، الذي لطالما أكد على ثوابت وطنية تتعلق بالسيادة وعدم تدخل الدول الأجنبية في الشؤون اللبنانية. كانت هناك زيارة سابقة لوفد إيراني في فبراير الماضي، حيث قال عون للوفد: "لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه". ومن المتوقع أن يجدد الرئيس اللبناني هذا الموقف خلال لقائه مع لاريجاني، مشدداً على ضرورة احترام القرارات السيادية اللبنانية.
آفاق الزيارة والتوقعات
يبقى السؤال الأهم حول ما إذا كانت زيارة لاريجاني ستنجح في تهدئة التوترات أم ستزيد من حدتها. ورغم أن مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية أكدت على ضرورة انتظار نتائج الزيارة قبل الحكم عليها، إلا أن الإشارات الأولية لا تبدو إيجابية. فالرفض الضمني من وزارة الخارجية اللبنانية للقاء لاريجاني، وتأكيد الرئيس عون على ثوابت السيادة، يضع الزائر الإيراني أمام تحدٍ كبير.
قد يكون الهدف من الزيارة هو إعادة تأكيد الدور الإيراني في لبنان، والضغط على الحكومة اللبنانية للتراجع عن قرارها بشأن سلاح "حزب الله". في المقابل، قد يرى المسؤولون اللبنانيون في هذه الزيارة فرصة لتأكيد موقفهم السيادي ووضع خطوط حمراء واضحة أمام أي تدخلات خارجية. هذه الديناميكية ستجعل من لقاءات لاريجاني مع عون وبري وسلام محط اهتمام بالغ.