أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، لكن خططه هذه قد تتأثر بشكل كبير بتقريرين اقتصاديين هامين مرتقبين. وتأتي تصريحاته، التي أدلى بها في ندوة جاكسون هول، وسط توترات متزايدة بين أهداف البنك المركزي المزدوجة والمتمثلة في تحقيق أقصى قدر من التوظيف واستقرار الأسعار، بالإضافة إلى ضغوط سياسية متزايدة.
إشارات باول تدعم التوقعات بخفض الفائدة
خلال خطابه، ألمح باول إلى أن المخاطر المتزايدة الناجمة عن ارتفاع تكاليف الاقتراض قد تضر بسوق العمل. ووفقاً لصحيفة "فاينانشال تايمز"، فإن هذا التحوّل في لهجة باول يُشير إلى أن خفض سعر الفائدة قد يكون مبرراً في شهر سبتمبر المقبل. وقد انعكس هذا التفاؤل على الأسواق، حيث شهدت الأسهم والسندات الأميركية ارتفاعاً ملحوظاً، وعزز المستثمرون رهاناتهم على أن البنك المركزي سيبدأ قريباً في خفض أسعار الفائدة.
وتشير أسواق العقود الآجلة الآن إلى احتمال بنسبة 75% بأن يخفض البنك المركزي سعره الرئيسي بمقدار ربع نقطة مئوية خلال اجتماعه في منتصف سبتمبر. ويتوقع العديد من الاقتصاديين في "وول ستريت" المزيد من التخفيضات في وقت لاحق من عام 2025.
بيانات التضخم والتوظيف في مرمى الترقب
على الرغم من الإشارات الإيجابية من باول، يرى العديد من المستثمرين والاقتصاديين ومسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أن خطط خفض الفائدة ليست محسومة بعد. ويعود السبب في ذلك إلى تقارير اقتصادية قادمة حول التضخم وسوق العمل.
يُشير ستيفن براون من "كابيتال إيكونوميكس" إلى أن حذر باول المتبقي يدل على أن أي تقرير إيجابي للغاية عن التوظيف في أغسطس أو بيانات أسعار مقلقة قد يؤدي إلى تأخير قرار خفض الفائدة.
ستكون تقارير الوظائف لشهر أغسطس (المقرر صدوره في 5 سبتمبر) ومؤشر أسعار المستهلكين (المقرر صدوره في 11 سبتمبر) بمثابة مؤشرات حاسمة تحدد مسار البنك المركزي.
الجدل حول الرسوم الجمركية والتضخم
يُعد تأثير التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب على الشركاء التجاريين أحد العوامل الرئيسية التي تُثير الجدل. فبينما يرى البعض أن هذه الرسوم قد تُسبب تضخماً مستمراً، يعتقد آخرون أن تأثيرها سيكون محدوداً ومؤقتاً.
باول نفسه ألمح إلى أن البنك لن يسمح "لزيادة لمرة واحدة في مستوى الأسعار بأن تصبح مشكلة تضخم مستمرة". ومع أن تأثير الرسوم الجمركية على أسعار المستهلكين كان طفيفاً حتى الآن، تُشير بعض الشركات إلى أن تأثيرها سيزداد حدة بمجرد نفاد مخزونها الذي تم شراؤه قبل فرضها.
انقسام داخل "الفيدرالي" وضغوط سياسية
يواجه باول معارضة من بعض زملائه داخل لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية. فقد أيّد عضوان من الحكام، ميشيل بومان وكريستوفر والر، خفضاً في أسعار الفائدة في يوليو، في خطوة نادرة تُشير إلى وجود انقسام داخل اللجنة. كما أن هناك ضغوطاً سياسية متزايدة، حيث يواجه باول حملة شرسة من البيت الأبيض بقيادة ترامب، الذي يصفه بأنه "أحمق" و"أبله" ويدعوه إلى خفض أسعار الفائدة بشكل كبير.
ورغم هذه التحديات، يعتبر العديد من المراقبين أن خطاب باول كان بمثابة "درس في عرض قضية خفض تكاليف الاقتراض بلغة لا تبدو وكأنه يستسلم لضغوط شديدة من البيت الأبيض". وقد حظي بتصفيق حار من محافظي البنوك المركزية في الندوة، الذين يدركون أن الهجمات السياسية على استقلالية البنوك المركزية ليست مقتصرة على الولايات المتحدة.