قال اللواء سيد الجابري، الخبير الاستراتيجي، تعليقًا على دعوة الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو لتشكيل قوة دولية لنصرة فلسطين، إن هذه الدعوة محمودة وحميدة، من رئيس يدرك الاستراتيجيات الدولية"، موضحًا أن إسرائيل وأمريكا تتعمدان التضليل وعدم الاستماع إلى الحقائق، وأن الهدف النهائي للمخطط القائم هو تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية وضمها لإسرائيل.
وأضاف الخبير الاستراتيجي في تصريحات خاصة لـ «أهل مصر» أن الدعوة صدرت لعدة أسباب؛ أولها أن أي تدخل عسكري يحتاج قرارًا من مجلس الأمن وفقًا للبند السابع، وهو ما ستعطله الولايات المتحدة بالفيتو، أما السبب الثاني فهو أن الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية هي التي يمكن أن تخرج منها قوات عسكرية، وهو ما سيكشف بوضوح من هو جاد في مواقفه ومن يكتفي بالشعارات.
وأوضح أن الشعوب في معظم دول العالم، شرقًا وغربًا، في حالة استنفار بسبب الجرائم الوحشية والبربرية التي تُرتكب في قطاع غزة، في ظل محاولات الإعلام الصهيوني تشويه الحقائق، بينما الأرقام حول أعداد الضحايا من الأطفال والنساء تؤكد حجم المأساة الإنسانية.
وأكد الجابري أن دعوة الرئيس الكولومبي تعكس قدرًا كبيرًا من الشجاعة والجرأة، خصوصًا أنها تتعارض مع رغبة أمريكا في المقام الأول، وهو ما سيكشف كثيرًا من الأوراق مستقبلًا، مشيرًا إلى إمكانية أن تتحول هذه الدعوة إلى آلية عملية أو تحالف دولي في المستقبل.
وأشار الجابري إلى أن الأمم المتحدة فقدت دورها ومصداقيتها نتيجة الهيمنة الأمريكية، مؤكدًا أن حرب غزة قد تكون سببًا في إعادة تشكيل النظام العالمي الجديد، كما حدث عقب الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وأضاف أن الولايات المتحدة باتت تتحكم حتى في إصدار التأشيرات لحضور الوفود، وهو ما يُسقط حياد المنظمة الدولية.
وختم الجابري بالقول: "تكوين قوة عسكرية على الأرض يحتاج ترتيبات وآليات معقدة تتجاوز مجرد الدعوة السياسية أو الإعلامية، لكن في المقابل أرى أن الكيان الصهيوني بات في نهايته، في رمقه الأخير، خاصة في ظل الحصار السياسي العالمي، وضغط الرأي العام، والخسائر الاقتصادية الكبيرة التي يتعرض لها".
وفي خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، جذب الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو الانتباه على نطاق واسع، حين دعا قبل يومين دول العالم إلى "توحيد الجيوش من أجل تحرير فلسطين"، وقد استحضر في كلمته رموز التحرر في أمريكا الجنوبية، موجهاً انتقادات حادة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.
دعا بيترو، دول العالم وشعوبها "للانضمام إلى الجيوش وحمل السلاح"، قائلاً: "يجب أن نحرر فلسطين".
وأضاف: "أدعو جيوش آسيا وشعوب السلاف الذين هزموا هتلر ببسالة، وجيوش أمريكا اللاتينية - جيوش بوليفار وغاريبالدي (الذي قاد جيشاً أيضاً في إيطاليا)، وسان مارتن، وأرتيغاس، وسانتا كروز. لقد اكتفينا من الأقوال".
واستحضر بيترو رموز التحرر في أمريكا اللاتينية، مثل سيمون بوليفار، قائد استقلال أمريكا الجنوبية عن إسبانيا، وجوزيبي غاريبالدي، المناضل لتوحيد إيطاليا، وخوسيه دي سان مارتن، الزعيم الأرجنتيني الثوري، وخوسيه خيرفاسيو أرتيغاس، مؤسس الهوية الوطنية في الأوروغواي، وأندريس دي سانتا كروز، الزعيم العسكري البوليفي.
وذكّر بكلمات بوليفار: "الحرية أو الموت"، معتبراً أن "القصف لا يستهدف غزة وحدها، ولا الكاريبي فقط كما يحدث الآن، بل الإنسانية التي تنادي بالحرية".
وأضاف: "لا يوجد عِرق متفوق ولا شعب مختار من قبل الرب، فالشعب المختار لدى الرب هو كل البشرية، وعلى الأمم المتحدة، وبطريقة مختلفة وإنسانية، أن توقف أولاً وقبل كل شيء الإبادة في غزة".
وشدد بيترو أنه مُصِرٌّ على الاستمرار في الكلام، ما دامت "الصواريخ التي تمزّق أجساد الأطفال والرضّع الأبرياء في فلسطين تسقط كل ثانية".
وتابع: "من واشنطن ومن حلف الناتو تُقتَل الديمقراطية وتُصنع تيارات استبدادية وشمولية على مستوى عالمي. علينا أن نرفع العلم الأحمر والأسود للحرية أو الموت الذي رفعه بوليفار، إلى جانب اللون الأبيض رمز السلام والأمل، حتى يبقى هناك رجاء للحياة على الأرض وفي قلوب البشر".
كما شدد على أن "الولايات المتحدة لم تعد تُعلّم الديمقراطية بل تقتلها عبر سياساتها تجاه المهاجرين وجشعها، فهي اليوم تُعلّم الطغيان".
ودعا الأمم المتحدة إلى "البدء بتغيير جذري عبر وقف الإبادة في غزة والعمل بفعالية تشبه فعالية جيش من أجل خلاص العالم".
وانتقد السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلاً إن "ترامب لا يسمح فقط بسقوط الصواريخ على الشباب في منطقة البحر الكاريبي، ولا يسجن المهاجرين ويقيدهم بالسلاسل فحسب، بل يغض الطرف أيضاً عن إطلاق الصواريخ على النساء والأطفال والشباب وكبار السن في غزة، وبذلك يكون شريكاً في جريمة الإبادة الجماعية".
وكان ترامب قد أعلن في 16 سبتمبر الجاري، أن قوات بلاده قتلت ثلاثة أشخاص في المياه الدولية بدعوى أنهم كانوا على متن قارب محمّل بالمخدرات انطلق من فنزويلا، في ثاني واقعة خلال الشهر ذاته بعد إعلانه في 2 سبتمبر استهداف سفينة أخرى انطلقت من السواحل الفنزويلية، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً.