حذّر الصحفي البريطاني ورئيس تحرير موقع ميدل إيست آي، ديفيد هيرست، من أن التوسع العسكري الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، لا سيما في الجنوب، قد يتحول إلى عامل استنزاف استراتيجي يهدد مكانة “إسرائيل” الإقليمية، وربما يقود إلى نتائج عكسية على المستويين العسكري والدبلوماسي.
وأوضح هيرست، في مقال مطوّل، أن مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد كشف عن تعقيدات متزايدة تواجهها “إسرائيل”، في ظل تصاعد المقاومة المحلية في سوريا، وتداخل أدوار قوى إقليمية ودولية، أبرزها تركيا والسعودية والولايات المتحدة، بما يحدّ من قدرة تل أبيب على فرض هيمنة مستقرة.
وأشار إلى أن “إسرائيل” اختارت نهجاً تصعيدياً منذ وصول الإدارة السورية الجديدة إلى الحكم، عبر حملات قصف مكثفة وعمليات برية أدت إلى تدمير قدرات عسكرية سورية، وفرض سيطرة ميدانية على مساحات واسعة من الجنوب السوري. واعتبر أن هذه السياسة، بدل أن تحقق مكاسب دائمة، ساهمت في تغيير المزاج الشعبي السوري، الذي انتقل من الإنهاك والرغبة في الاستقرار إلى تصاعد خطاب المواجهة والرفض للاحتلال.
وأضاف أن تل أبيب فوّتت فرصة التعامل مع الواقع السياسي الجديد في دمشق وبناء قنوات تفاهم غير مباشرة، مفضّلة توسيع تدخلها العسكري، ما أدى إلى تعقيد المشهد الإقليمي، وفتح جبهات احتكاك محتملة مع تركيا، إلى جانب توتر علاقاتها الدبلوماسية في ظل التحولات في الموقف الأميركي.
وتناول هيرست محاولات “إسرائيل” توظيف ورقة الأقليات، ولا سيما الدروز والأكراد، لتعزيز نفوذها داخل سوريا، معتبراً أن هذه السياسة لم تحقق أهدافها، بل ساهمت في زيادة التوترات الداخلية وإثارة مخاوف من مشاريع تقسيمية.
كما لفت إلى أن اعتماد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاب “الحروب بلا نهاية” يعكس، بحسب الكاتب، اعترافاً ضمنياً بعجز “إسرائيل” عن حسم صراعاتها عسكرياً، محذراً من أن استمرار التمدد على جبهات متعددة قد يصل بالقوات الإسرائيلية إلى مرحلة الإجهاد الاستراتيجي.
وختم هيرست بالإشارة إلى أن سوريا قد تتحول إلى نقطة اختبار حاسمة للطموحات الإسرائيلية، حيث إن تصاعد المواجهات واتساع رقعة التدخل العسكري قد يؤديان إلى فقدان السيطرة، بما يهدد الاستقرار الإقليمي ويفتح الباب أمام صراعات أوسع نطاقاً.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
