فقدت تونس اليوم الأحد، المطربة نعمة التي ولدت في 23 فبراير 1934، وتُعد من أشهر المطربات التونسيات، شهدت مجدًا فنيًا في بلادها، واسمها الأصلي «حليمة الشيخ».
ولدت نعمه في قرية أزمور من معتمدية قليبية ولاية نابل، بدأت تغني وتتحسس خامات صوتها عبر أغنية «صالحة» و«مكحول نظارة» وغيرها من الأغاني الشعبية التي أدخلتها إلى أرشيف الأغنية التونسية، وكان ذلك وهي في الحادية عشر من عمرها.
تزوجت في نهج الباشا وهي في السادسة عشرة من عمرها، وانجبت ابنها الأول هشام ثم ابنها الثاني طارق ثم ابنتها هندة، وكانت تغني في الأفراح العائلية، وبسرعة كبر اسمها وأصبح يتردد على أفواه الأقارب والجيران.
نعمة التونسية
غنت لأول مرة أمام الجمهور في حفلة خيرية لصالح جمعية المكفوفين، وفي هذه الحفلة وقفت إلى جانب المطربة 'علية التونسي'، التي كانت تعتبر المطربة الأولى في 'فرقة العصر' التي كان يقودها الفنان 'حسن الغربي'، وأيضا إلى جانب بعض المطربات الشهيرات، غنت نعمة 'حبيبي لعبتو' ولاقت هذه الأغنية استحسانا وقوبلت بترحاب كبير من قبل الجمهور الذي لم يسمع بنعمة من قبل.
انخرطت نعمة في المعهد الرشيدي وأصبحت من مطربات فرقة الرشيدية ولقبها الفنان صالح المهدي بـ'نعمة' ولحن لها مجموعة من الأغاني العاطفية، من بينها'يا ناس ماكسح قلبو' و'الدنيا هانية' و'الليلة أة ياليل' كما لحن لها الفنان خميس ترنان 'ماحلاها كلمة في فمي' و'شرع الحب' و'غني يا عصفور'.
نعمة التونسية
وكانت الإذاعة التونسية تنقل كل نصف شهر حفلات الفرقة الرشيدية وتقوم بتقديمها مباشرة على الهواء، ومن الإذاعة كان الانتشار، ومع الانتشار كانت الشهرة التي جعلتها تدخل الحفلات العمومية من الباب الكبير كفنانة مطلوبة من الجماهير، وفي بضعة أشهر كانت المطربة نعمة تجوب البلاد التونسية طولا وعرضا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، وكان لهذا الانتشار السريع، وهذه الشهرة المجنحة الكثير من المتاعب.
في عام 1958 دخلت الفنانة إلى الإذاعة كمطربة رسمية ضمن المجموعة الصوتية التي كانت تضم أشهر الأسماء مثل 'صليحة' و'علية' و'نادية حسن'، ووصلت شهرتها إلى الجزائر وليبيا والمغرب وفرنسا فأصبحت تقيم العديد من الحفلات في هذه البلدان، وغنت في مهرجان انتخاب ملكة جمال العرب ببيروت سنة 1966.
وفي مهرجان ألفية القاهرة عام 1969، شاركت المطربة نعمة ضمن الوفد الفني التونسي في هذه الاحتفالات، وكتب عنها الأديب والشاعر 'صالح جودت' في مجلة 'الكواكب المصرية'.
أما الأديب والروائي والمسرحي 'يوسف ‘دريس' فقد خص المطربة نعمة في المناسبات القليلة التي التقى فيها بالوفد الفني التونسي في ألفية القاهرة بهالة غريبة من التبجيل والاحترام واصفا اياها بأنها تستحق عن جدارة لقب ' فنانة تونس الأولى'.
نعمة التونسية
غنت المطربة نعمة كل الألوان الطربية ولم تكتف بلون واحد، فرصيدها الغنائي يتجاوز 360 أغنية بتلحين أشهر الفنانين العرب، فمن تونس خميس ترنان ومحمد التريكي وصالح المهدي والشادلي أنور ومحمد رضا وسيد شطا وقدور الصرارفي وعلي شلغم وعبد الحميد ساسي، ومن ليبيا حسن العريبي وسلام قادري وكاظم نديم، ومن مصر يوسف شوقي وسيد مكاوي، وبعد مسيرة طويلة من النجاحات أعلنت اعتزالها نظرًا لظروفها الصحية.