تظبط عليه الساعة كل صباح مبكرا وهو يجلس على طاولته بالفندق الشهير المطل علي نيل القاهرة ويظل في حالة شد وجذب مع شخصيات أعماله التي ينسجها بخياله الواسع المضبوط على إيقاع آلام المصريين واحلامهم واحزانهم.
وفي المساء تجد الكاتب الكبير الراحل وحيد حامد جالسا على مقهى أم كلثوم الشهير بوسط القاهرة وهو يتأمل الناس والشارع ويدخل في حوارات ونقاشات مع المترددين على المقهى ليقترب من عوالمهم المختلفة.
ابن الشرقية الذي جاء من الريف حالما بنشر رواياته القصيرة ويدخل من أبواب الرواية إلى عالم الأدب القصصي يجتذبه ميكروفون الإذاعة ويتعلم فن كتابة الدراما الإذاعية علي يد أحد رواد الإخراج الدرامي الإذاعي وهو الراحل مصطفى أبوحطب الذي وجه له حامد التحية والشكر منذ أيام خلال ندوة تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي.
شكل حامد وأبو حطب دويتو درامي إذاعي قدم للميكرفون العديد والعديد من الكلاسيكيات التي دخلت موسوعة الأشهر بين الدراما الاذاعية علي مدار تاريخها منذ إنطلاق الكلمة الماثورة هنا القاهرة بصوت كروان الإذاعة الراحل محمد فتحي عام 1934 وحتى الآن.
ساهم الراحل وحيد حامد في تطور الدراما الإذاعية بالموضوعات الجريئة التي طرحها في أعماله الإذاعية مثل قانون سكسونيا التي تحولت سينمائيا فيما بعد وأصبحت فيلم الغول.
ومسلسل طائر الليل الحزين الذي تحول هو الآخر إلى عمل سينمائي بنفس الاسم والانسان يعيش مرة واحدة الذي لعب عادل امام بطولته اذاعيا سينمائيا حيث شاركته بطولته خلف الميكرفون الفنانة هالة فاخر فيما شاركته بطولته سينمائية الفنانة يسرا.
معظم أعمال الكاتب الكبير الراحل تحولت تدريجيا الي أفلاما وجدت طريقها الي الشاشة الكبيرة واحتلت صدارة شباك التذاكر مثل الهلفوت ودراما تلفزيونية مثل أحلام الفتى الطائر وغيرها.
تأثر حامد بالكتابة الإذاعية التي تعتمد على خيال الكاتب والصورة التي يكونها بالجمل الحوارية حتى يجذب أذن المستمع الى الميكرفون.
حملت الجمل الحوارية السينمائية لوحيد حامد إسلوبا خاصا بين أقرانه من كتاب السيناريو وارتبطت بها الجماهير بمختلف طبقاتها وأطيافها.
قدم وحيد حامد العديد من الأسماء السينمائية التي أصبحت فيما بعد من الأسماء البارزة في عالم الإخراج والتمثيل مثل المخرجين سيمون صالح وشريف عرفة ومحمد ياسين ومروان حامد وشريف البنداري وتامر محسن.
كما شكل دويتو ناجحا مع المخرج الراحل الدكتور سمير سيف والمخرج عاطف الطيب وشكلت أعماله مع كل هذه الأسماء علامات مضيئة علي شاشة السينما وفي تاريخ أصحابها.
مثل البرئ الإرهاب والكباب وطيور الظلام والنوم في العسل والمنسي وكشف المستور و الراقصة والسياسي ودم الغزال والوعد وعمارة يعقوبيان ومعالي الوزير وفي التلفزيون بدون ذكر أسماء والجماعة 1و2.
تميزت كتابات وحيد حامد الاستشرافية وكثير من هذه الأعمال تنبأت بأحداث عاشتها مصر مثل أحداث الأمن المركزي التي فجرها وحيد حامد من خلال فيلمه البرئ وتنبأ بها قبل اندلاعها بسنوات.
لم ينقطع الراحل عن عشقه للكتابة حتى وهو في أصعب مراحل مرضه رافعا شعار الكتابة حتى النفس الأخير حيث إنتهى منذ فترة قصيرة من كتابة أكثر من عمل في مقدمتها عملا سينمائيا كان من المقرر أن يجمعه بالفنان الكبير يحيي الفخراني وتخرجه ساندرا نِشأت بعنوان الصحبة الحلوة والجزء الثالث من مسلسله الجماعة والذي بدأ في التحضير لتصويره مع المخرج محمد ياسين.
برحيل وحيد حامد فقدت السينما المصرية والدراما كاتبها ونساج مشاهدها الأشهر وشاعر حواراتها الأول.