اعلان

في ذكرى ميلاده.. كيف انتصر وحيد حامد في محكمة معاركه مع النقاد؟

وحيد حامد
وحيد حامد

إذا صادفت ورأيته من بعيد فإنك بالتأكيد شعرت بهدوئه الشديد، وأبهرك ابتسامته الصافية، وسائلت نفسك: 'كيف لمثل هذا الرجل أن يقدم هذه الأعمال العظيمة؟'، أما إذا كنت تعرفه جيدًا وتعاملت معه، فبالتأكيد أنت تعرف بأنه مثل 'البركان' الذي يملأه الأفكار المنصهرة تنفجر من وقت إلى آخر، اختار أن يكون القلم رفيقه، والورقة الساحة التي ينفس من خلال سطورها عن غضبه ورسم لحظات سعادته، فهو الذي فضح 'الجماعة'، وراوغ في 'اللعب مع الكبار' و'كشف المستور'، وأول من حارب الإرهاب بـ 'الإرهابي'، و'الإرهاب والكباب'.

لم يكتف كاتبنا بذلك بل كسر أجنحة 'طيور الظلام'، وأفسح الطريق لـ 'البرئ'، حتى أجبرنا على الإبتسامة 'علشان الصورة تطلع حلوة'، فهو الأستاذ 'الوحيد' وحيد حامد، الذي يحل اليوم ذكرى ميلاده، بعد أن رحل عن عالمنا بجسده تاركًا روحه في أعماله التي ستظل أحد أهم العلامات في تاريخ السينما المصرية.

كان وحيد حامد، على الرغم من أعماله التي قدمها وتصل إلى أكثر من 85 عملًا بين السينما والدراما والمسرح، إلا أنه كان في أعماقه ناقدًا قاسيًا جدًا لنفسه، يدخل نفسه بعد كل عمل كان يقدمه في محكمة هو 'الخصم والحكم' فيها، لم يكن يترك أي فرصة للنقاد حتى يهاجمهوا وينتقدوا أعماله، فكان دائمًا لديه حل اللغز في عقله، ولكن 3 أعمال في مسيرته طرحوا بالصدفة في عام واحد 1991، كادوا أن يخسروا 'حامد' القضية لأول مرة أمام النقاد، وهم: 'مسجل خطر'، و'المساطيل'، و'نور العيون'، إلا أن أوراقه ومستنداته غلبت في النهاية.

مُسجل خطر.. كيف للبراءة تطهير المجرمين؟

نبدأ الحكاية من فيلم 'مسجل خطر'، والذي يدور حول 'سيد كباكا' الفنان عادل إمام، الذي يتعرف على شخصين في السجن، وهما بدر سليم القواد، ومصطفى أبو العز، الذي اعترف كذبًا بارتكابه جريمة سرقة قام بها شركاء له من اجل الحصول على المال لعلاج زوجته.

حقق 'مسجل خطر' نجاحًا جماهيريًا وقت عرضه، خصوصًا بعد عرضه في أكاديمية الفنون ونال تصفيقًا كبيرًا، ولكن بالنسبة للنقاد وضع أمامهم سؤالًا، 'لماذا قدم وحيد وعادل إمام هذه النوعية من الأعمال التي قدمت كثيرًا في هذه الفترة؟'، وكان بالنسبة لهم لم يقدموا أي جديد.

وتعرض وحيد حامد وعادل إمام للهجوم من قبل النقاد، ليخرج ويرد الأستاذ، ويقول ردًا على أسألة النقاد والصحفيين من خلال تصريحات صحفية قديمة له: 'قدمت الجديد في هذا الفيلم، وهو كيف يمكن للبراءة أن تطهر مشاعر القوة والإجرام واستطعت أن أوصل هذه الرسالة للجميع'.

المساطيل.. واقع ومستقبل متنبأ

يأتي بعد ذلك فيلم 'المساطيل' الذي تدور أحداثه حول مجموعة من الشباب الضائعين 'ليلى علوي، وحسن حسني، ونجاح الموجي، ومحمود حميدة'، يلتقون في جلسات لتعاطي المخدرات، لكل منهم قصة، ولكنهم يشتركون في حدث واحد، وهو جريمة قتل أحد أصدقائهم.

ليخرج النقاد وقتها وينهالوا عليه بالتساؤلات مرة أخرى: 'لماذا قدمت يا وحيد حامد فيلم تجاوزه الزمن والواقع؟'، ليخرج هو بأرواقه من جديد ويرد: قائلًا: 'بعد 10 سنوات سوف يكتشف الجميع قيمة هذا الفيلم خصوصا وأنني أعتبره من أفضل الأعمال التي قدمتها ومن شاهد هذا الفيلم، فسيجد بأننا نعيش في الفترة الحالية هذا الواقع بحياتنا'.

نور العيون.. صفقة فيفي عبده

أما عن 'نور العيون' الذي قدم فيه الفنانة فيفي عبده بشخصية 'نور' ابنة 'حسونة' الفنان محمد أبو حشيش، التي تخفيها والدتها عن العيون، لتجد نفسها بعد وفاة والدتها نفسها وحيدة تسعى فقط للانتقام من دعبس، الذي قتل والدتها، وتتزوج من ابن عمها محسن الذي يحاول دفعها للرذيلة، ويتسبب في إدخالها السجن ظلمًا فى قضية دعارة وبعد انتهاء مدة عقوبتها تحصل على الطلاق، تقرر العمل فى مصنع 'دعبس' لكي تنتقم منه، أجمع النقاد وقتها على أن هذا العمل مجرد صفقة تم تسخيرها لتقديم فيفي عبده، وهي من دفعت ثمنه.

جاء رد السيناريست الراحل وحيد حامد عليهم، ولكنه كان هذه المرة ضعيفًا، فنفى في البداية دخوله في أي صفقة بهذا الفيلم، مشيرًا إلى أنه إذا كانت هناك أي صفقة فهي بعيدة عنه تمامًا، متابعًا: 'قد يكون الفيلم صفقة، وجميع من شاهده قال لي بالفعل بحثنا عن وحيد حامد بداخله ولم نجدك، وأنا أعترف بأنني لم أكن موجودًا بهذا الفيلم، ناسبًا العمل كله للمخرج حسين كمال.

وأضاف: 'أنا لا أتبرأ من الفيلم، وأنا مشارك بقدر مسؤوليتي ككاتب للسيناريو؛ ولأن السينما فن جماعي فأنا لست المتحكم في الفيلم، وهنا يجب أن أضع النقط فوق الحروف وأوضح الحقيقة'.

فاعتبر النقاد أن هذا العمل هزيمة في مسيرة الأستاذ وحيد حامد بعد أن تهرب منه وقال: 'بعد أن انتهيت من كتابة سيناريو نور العيون في 1983 انتهيت علاقتي به تمامًا، وعندما أرادوا تنفيذه في عام 1990 طلبت من المخرج حسين كمال أن يعاد النظر في السيناريو والألحان وكل ما يخص الفيلم، فرفض وأصر على أن هذا السيناريو من أفضل ما كتب للسينما، فوافقت على عرضه'.

يذكر أن الأستاذ وحيد حامد الذي يحل اليوم 1 يوليو ذكرى ميلاده، قدم للسينما المصرية أعمالًا كثيرة مهمة، استطاع من خلالها الهروب من قبضة السلطة والرقابة، وعبر عن المواطن المصري بكل أوضاعه وحالاته، فهو مدرسة ينتهجها الكثير من الكتاب الآن، وتسبب رحيله في فجوة كبيرة في عالم الكتابة بالسينما المصرية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً