حكاية المسلة التي عبرت الأطلنطي واحتفل جمهور الأرجنتين بكأس العالم حولها

مسلة مصرية
مسلة مصرية
كتب : ندى صدقي

تصدرت المسلة المقلدة في العاصمة الأرجنتينية 'يوينس أيرس' محركات البحث وذلك بعد تجمع مئات الأرجنتنيين حولها عقب الفوز في مونديال كأس العالم بقطر2022، حيث إن هذه المسلة هي أولى المسلات المصرية التي عبرت المحيط الأطلنطي.

مسلة مصرية

مسلة بوينس آيرس

شائعة نقل مسلة مصرية إلى الأرجنتين

مسلة بوينس آيرس، والتي استحوذت على صور وكالات الأنباء العالمية، وبالقرب منها الحشود الهائلة التي احتفلت بفوز الأرجنتين بكأس العالم في نسخته مونديال قطر ٢٠٢٢م، هو نصب تاريخي ورمز لمدينة بوينس آيرس الأرجنتينية.وبُنيت المسلة للاحتفال بالذكرى المئوية الرابعة لتأسيس المدينة، وهي مسلة مقلدة غير حقيقية، وتم تصميمها خلال ثلاثينيات القرن الماضي.

أثيرت في السنوات السابقة الكثير من الشائعات حول هذه المسلة، ففي عام 1880 نشرت الصحف المصرية خبر نقل مسلة تحتمس الثالث التي نقشها فرعون مصر الذي يعتبر واحدا من أهم مؤسسي الإمبراطورية المصرية لمعبد الشمس في مدينة أون القديمة، حيث أثارات الشائعات إنها نقلت إلى أمريكا لتكون بذلك أول مسلة تعبر المحيط الأطلنطي.

كما قالت الصحف المصرية الصادرة في نهاية القرن التاسع عشر، التي وصفت المسلة بأنها مسلة كليوباترا 'قد تم نقل مسلة كليوباترا من الإسكندرية إلى أمريكا كما انتقلت أختها من قبل إلي بلاد الإنجليز، ففي رسالة وردت إلينا من الإسكندرية أنها قد أنزلت ووضعت علي صفين من الأخشاب قرب البحر وستحمل إلى ديار من يعرف قيمتها'.

ويقول المؤرخ والأثري فرنسيس أمين، في تصريحات صحفية: 'إنه على الرغم من أن المسلة كان قد نقشها تحتمس الثالث بالقرب من معبد الشمس فإن الصحف قديمًا أعطتها اسم مسلة كيلو باترا ، لافتًا إلى أن المسلة كان وزنها 220 طُنًّا من الجرانيت الأحمر.

لا يحدد التاريخ بدقة العدد الكبير للمسلات التي صنعها الفراعنة، كما لا يجزم بعدد المسلات التي غرقت في البحار منذ جعلت الإمبراطورية الرومانية مصر ضمن ممتلكات الإمبراطور شَخْصِيًّا، والذي أخذ الكثير من الآثار المصرية ووضعها في العاصمة روما، ويوضح فرنسيس أمين، أن هناك الكثير من المسلات التي استخدمت في أوروبا لصناعة تماثيل أيضًا بعد تفتيتها وتكسيرها، مضيفا أن إيطاليا تتواجد بها 12 مسلة مصرية، هذا خلاف المسلات التي تتواجد في باريس ولندن وتركيا وأمريكا منذ العصر الحديث.

وكتب القنصل العام الأمريكي بالقاهرة رسائل إلى الخديوي توفيق، وطلب مسلة لمدينة نيويورك، وبعد شهرين من المداولات، تمت الموافقة على الطلب، ورتبت نيويورك لاستقبال التوأم المتبقية لمسلة لندن، حيث تم إقرار اتفاقية لزيادة التبادل التجاري بين مصر كي تطمع أمريكا، التي لم تكن بعد قوة عظمى، في المسلة التي تم نقشها في مدينة أون التي كانت مقدسة عند المصريين القدماء.

واستطاع صراع قناصل الدول الأوروبية في عهد محمد على باشا، أن يُسفر عن اقتناء مجموعات كثيرة تم نقلها إلى أوروبا، مثل رأس رمسيس الثاني وبردية الملوك، التي تحوي قوائم ملوك مصر، فيما نشب صراع على مسلة الملكة كليوباترا في معبد فيلة بمحافظة أسوان، وهو الصراع الذي أظهر قضية الفساد الذي كان يتفشى لدى كل الباحثين عن اقتناء آثار مصر.

ذهب سولت لأسوان فاكتشف أن المسلة تحوي اسم الملكة كليوباترا بالهيروغليفية واليونانية، واستطاع أن يقنع عمدة أسوان بشرائها والاستيلاء عليها، وحين سمع دروفيني بقصة المسلة ذهب للعمدة وقام برشوته وإقناعه بأن أسماء المسلة تحوي أسماء أجداده وأن له الحق في امتلاكها'، وكان على القنصل سولت أن يفشل خطة عدوه القنصل دروفيني فأرسل له الأثري بلزوني، الذي اكتشف معبد أبو سمبل، فقام بإهداء العمدة ساعة فضية، وقام بنقل المسلة إلى إنجلترا مباشرة.

المسلة المصرية التي عبرت الأطلنطي

المسلة المصرية التي عبرت الأطلنطي

أما المسلة المصرية التي نقلت إلى باريس عن طريق الإهداء، فقد كانت الشرارة الأولى لوعى المصريين على تراثهم ورفض النهب الاستعماري للآثار المصرية، وقد انتبه رفاعة الطهطاوي رائد التنوير جيدا لنهب آثار أجداده رافضا نقل المسلات الفرعونية لأوروبا، ويكشف روبرت سوليه في كتابه 'الرحلة الكبرى للمسلة' ترجمة زينب الكردي، أن رفاعة الطهطاوي شعر بقيمة تراث بلده؛ لذا قام بسرد وقائع نقل المسلات لأوروبا في كتابه 'ذهب باريس'، وقد قال رفاعة إن احتفاظ مصر بتراث أجدادها أولي، واصفا نقل المسلات لأوروبا بأنها عملية نهب وسلب واضحة لا يلزم لها أي إثبات، بل طالب رفاعة من المصريين التوجه لمدرسة الألسن وتقديم التراث القديم، حيث كانت صرخته هي أول نواة لإنشاء متحف مصري في مدرسة الألسن يضم تراث وتاريخ مصر، وقد كانت مبادرته بداية لإصدار مرسوم عام ١٨٣٥م للحفاظ على الآثار المصرية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً