تحل اليوم ذكرى وفاة الفنان القدير الراحل حسن البارودي شيخ الفنانين، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1974، تاركا إرثا فنيا سيبقى عالقا في أذهان محبيه وجمهوره.
موهبة مبكرة
ولد حسن البارودي بحي الحلمية يوم 19 نوفمبر 1998، كان والده يعمل مترجما بشركة 'توماس كوك'، وكان البارودي يتقن اللغة الانجليزية بطلاقة ، فهو خريج مدرسة الامريكان، مواهبه الفنية بدأت في سن مبكر ، فكان لديهم بيت في عابدين وكانت به شقة خالية يجمع فيها أبناء الجيران ويضع خشبة على هيئة مسرح صغير، ويشرع في التمثيل لهم، ومن المواقف الكوميدية ان والده عندما أراد أن يؤجر الشقة كان يقف مع ابناء الجيران ليقابل المستأجرين ويدعى أنه تم تأجير الشقة بالفعل ، كما كان يتحدث لهم على أنها مسكونة بالعفاريت حتى يطفش الزبائن، حتى يستطيع ان يمارس هوايته فيها بالتمثيل، كان البارودي رئيسا لفريق التمثيل في المدرسة.
إشادة وحلم
وعندما كان في عمر الـ15 عاما اختاره مدرس اللغة العربية ليلقي كلمة أمام الزعيم سعد زغلول الذي جاء في زيارة للمدرسة، وبعد إلقائه الخطبة نادى عليه سعد باشا وسلم عليه وقال له صوتك حسن مثل اسمك ومؤثر وقوي ومقنع ولو عملت محاميا ستكون محاميا بارعا وممكن تأخذ البراءة من أول مرة، ورغم سعادته بهذه الكلمات الا ان حلم التمثيل وهوسه به ظل عالقا في ذهنه، وبعدما تخرج من المدرسة بدأ حياته العملية بالترجمة في شركة 'توماس كوك'، لكنه لم يستمر طويلا في هذا المجال والتحق بفرقة حافظ نجيب وبعدها بفرقة فاطمة رشدي وجورج أبيض، وعام 1923 تقدم للعمل بفرقة رمسيس إلى كونها يوسف وهبي مع عزيز عيد، وعرض عليه يوسف وهبي أن يعمل كملقن لاكتمال عدد أفراد الفرقة ووافق على أمل أن تأتيه فرصة للتمثيل ويقف على المسرح، وكان في هذا التوقيت أيضا يترجم مسرحيات يوسف وهبي للانجليزية وتحقق حلمه في التمثيل عندما غاب استيفان روستي عن تمثيل دوره في مسرحية 'غادة الكاميليا' واسند له الدور ادى الدور واداء بنجاح كبير، وطلب منه يوسف وهبي أن يستمر في تمثيل ورفع أجره من 12 إلى 25 جنيها .
النجاح يتواصل
كان الفنان حسن البارودي يخفي عن والده عمله في الفن، ولاحظ والده أن ابنه يخرج ليلا وعندما واجهه اعترف بعمله في فرقة يوسف وهبي واصطحب والده معه في إحدى المرات وهو يمثل فوافق والده على أن يمثل ويستمر، خلال مشواره شارك البارودي في نحو 200 مسرحية وكان يعشق المسرح، وعام 1934، كون فرقة مسرحية، وكان من بين أعضائها الفنانة نجمة إبراهيم ومحمود المليجي وعباس فارس، وطاف بها محافظات مصر حتى وصل للسودان، وحقق من خلال فرقته نجاحات كبيرة، وتم تعيينه عضوا في المسرح القومي عام 1951، و سينمائيا كانت بدايته من خلال فيلم 'ابن الشعب' 1920، وتوالت أعماله السينمائية بعد ذلك لتصل إلى 100 فيلم، أهمهم، 'الطريق، جعلوني مجرما، الشيماء، جريمة حب، لحن الوفاء، الزوجة الثانية'، واخر اعماله كان فيلم 'العصفور' الذي شارك فيه في نفس العام الذي توفي فيه عام 1974.
العالمية
وعالميا شارك حسن البارودي في عدة أعمال وكان ذلك في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، حيث جاء الممثل شارلتون هيستون، مع المنتج ليبحثون عن ممثل عربي بمواصفات معينة للمشاركة في فيلم 'الخرطوم'، وشاهدوا عددا من الأفلام العربية، حتى وقع اختيارهم على البارودي، وشارك بعد هذا الفيلم في عملين آخرين، فيلم 'ثلاث قصص مصرية، والفيلم الألماني 'روميل يغزو القاهرة'.
ام كلثوم تشيد به
كان صوت حسن البارودي واحدا من أهم مميزاته ، وقال عنه المخرج الأمريكي جورج راتوف إن صوته يساوي مليون جنيه، وعندما سئلت أم كلثوم عن أكثر صوت يعجبها في الفنانين، قالت حسن البارودي، لأنه يغني على المسرح بصوته وتعبيراته.
زيجاته
تزوج البارودي مرتين الاولى من الفنانة رفيعة الشال وله منها ابنة اسمها اميرة ثم تزوج مرة اخري منخارج الوسط الفني، وأنجب ثلاثة أولاد، انتصار، اشرف ، امينة.
نهاية مأسوية
تسلم حسن البارودي خطاب عام 1965 يفيد باحالته للمعاش فكان صدمة كبيرة له لأنه كان يرى أنه لا يزال قادرا على العطاء، رغم بلوغه سن المعاش، وحاول العودة لكن دون جدوى، واعتكف في منزله واصيب بالعمي والاكتئاب حتى توفي 17 سبتمبر عام 1974.