'الفن هو أكثر المنافذ التي يستطيع أن يبني أو يهدم'.. جملة قالها الفنان محمد صبحي في لقاء خاص معنا، ولأن دور الفن مهم جدًا في جميع الأزامات التي نمر بها. تساءل البعض حول الدور الذي سيقدمه الفن خلال الفترة المقبلة بعد انتشار وباء جديد وهو فيروس كورونا المستجد.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يقدم الفن فيه يد العون للتوعية أو الحديث عن وباء، فهناك العديد من الأعمال التي ناقشت بعض الأوبئة. ترصد 'أهل مصر' لكم بعضها في السطور التالية..
الحب في طابا
عام 1992، عُرض فيلم الحب في طابا للمخرج أحمد فؤاد والمؤلف رفعت فريد، وبطولة هشام عبد الحميد وممدوح عبد العليم وجالا فهمي وحنان شوقي، وكان الفيلم مرتبط بوباء الإيدز وقتها.
فكانت قصة الفيلم حول الأصدقاء الثلاثة مصطفى وفخري وخالد الذين يسافرون في رحلة إلى شرم الشيخ، حيث يتقابلوا ثلاث سائحات، ويمارسوا معهن علاقة جنسية ليكتشفوا بعدها أن السائحات مصابات بالإيدز، لينهار الثلاثة، ويحاول كل منهم الهروب من أسرته.
الحرافيش
وعن وباء الطاعون، قدم مسلسل 'الحرافيش' في 1986، هذه المشكلة من خلال قصة للأديب نجيب محفوظ، وإخراج وائل عبد الله وبطولة نور الشريف وإلهام شاهين وأحمد بدير وماجدة زكي.
دارت قصة المسلسل حول وباء الطاعون الذي كان يأكل الأخضر واليابس، مما جعل نور الشريف الذي لعب دور 'عاشور الناجي' أن يصطحب زوجته ويسافر ويعيش في الصحراء.
ولأن دور صناع الفن مهم فيما تمر به البلاد حاليًا بعد تزايد أعداد الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد، ويعد أنه وباء خطير ومُعدي. كان يجب علينا أن نعرف الكورونا في عيون الفن.
تحدثنا مع المخرج أمير رمسيس والذي قال: 'إذا قدمت عمل يناقش قضية وباء منتشر مثل كورونا، بالتأكيد سيكون تركيزي مع المؤلف على مواقف واقعية حدثت مثل الفزع المبالغ به والاستهتار المبالغ به أيضًا من الناحية العكسية، وسأسلط الضوء على المشاهد المؤلمة في المحلات التي تقول أن البشر يتعامل بمنطق أنا وبعدي الطوفان والأنانية الإنسانية'.
وأشار رمسيس إلى أنه من الأفلام التي جذبته في مناقشة الأوبئة كان فيلم Contagion لستيفن سودربرج، واليوم السادس ليوسف شاهين و Outbreak barry levinson.
بينما قال المخرج أحمد سمير فرج في تصريحاته لـ 'أهل مصر' عن دور الفن في مواجهة وباء الكورونا: 'في هذه المرحلة الدور هو دور الإعلام يجب أن يوعي الناس عن تفاصيل المرض، فنحن حتى الأن لا نعرف تفاصيل والكل يخمن ويقول نفس الكلام'.
وتابع: 'دورنا كصناع فن يبدأ بعد ذلك عندما نفهم الذي يحدث وقتها سنقوم بتحليله ونقدم عمل يُفيد الجمهور'.
وعن الوباء في عيون نقاد الفن، قال الناقد السينمائي كمال القاضي: ' هناك محاولات محدودة في السينما والدراما بهذا الخصوص جرت قبل نحو ثلاثين عاما على الأقل فقد نقلت الدراما على سبيل المثال بشكل عابر جانبا من الحياة الاجتماعية في ظل انتشار وباء الكوليرا حين تم تجسيد قصة حياة طه حسين في مسلسل الأيام ورأينا كيف مثل الوباء فزعا بالنسبة لعموم المصريين في تلك الفترة . كما سلط المخرج يحي العلمي الضوء على واقعتين غاية في الأهمية الدرامية الواقعة الأولى تتصل بموت شيخ الكتاب الذي حفظ فية طه حسين حسين القرأن الكريم . والواقعة الثانية تتعلق أيضا بوفاة شقيقة محمود الطبيب الذي كان يعمل ضمن فريق الأطباء المصريين لمكافحة المرض وتلك الواقعة في سياقها التراجيدي جاءت مؤثرة للغاية . الحالة الثانية التي ناقشت فيها السينما المصرية وباء الكوليرا كانت في فيلم شفيقة ومتولي في اشارة سريعة لمعاناة حفر قناة السويس وما ترتب على ذلك من وفاة المئات'.
وتابع: ' في هذا السياق جاءت اشارات السينما والدراما لأخطار وباء الكوليرا . وقياسا عليها يمكن وضع خطط انتاجية لعمل أفلام ومسلسلات تعرض تفاصيل محنة مرض الكورونا كوباء عالمي في اطار رصد ردود الأفعال الدولية والعالمية مع مراعاة الالتفات الى الخلفيات الأخرى التي صاحبت العدوى كنشأة المرض ومصدرة وسرعة انتشارة ولابد هنا من المزج بين الرؤية التسجيلية والرؤية الدرامية بحيث يكون عنصر التوعية حاضر بقوة للاستفادة من التجربة على مستويات كثيرة . ولكن في ما يخص التوعية بالذات تكون فرصة السينما التسجيلية هي الأكبر وربما بعد انتهاء الأزمة يأتي الدور على السينما الروائية الطويلة لعرض النتيجة كذلك يأتي دور الدراما التليفزيونية التي ستبني تصورها على التفاصيل والنتائج بوصفها تتميز باتساع الرؤية . أما في الوقت الحالي فلن يتعدى دور السينما والدراما الجانب التقريري التوعوي وهو ماسوف يفتقد بكل تأكيد للكثير من التأثيرات الفنية الموضوعية وان تميز من الناحية التسجيلية والوثائقية المتصلة بتاريخ المرض وأسبابة وطرق الوقاية وغيرها من أوجة التوثيق'.
وقال الناقد طارق الشناوي: 'المطلوب من صناع الفن دراسة الموضوع اجتماعيًا، كي يقدم عمل فني ممكن أن يكون إطاره الخارجي لناس تواجه الفيروس، وردود الفعل ولأنه هناك واجب إجتماعي من المفترض كل شخص منا القيام به والسؤال هنا هل نحن نقوم بهذا الواجب ولا نستغل الموضوع لصالحنا بمعنى أن الصيدلي والبقال وبائع الخضار وما شابه، هل لديهم هم اجتماعي ولا استغله هذا الموقف لصالحهم؟'.
وتابع الشناوي: 'يجب أيضًا دراسة رجال الدين، هل هم اعتبرو الوباء فرصة لتوصيل رسائل معينة عن طريق موضوع الفيروس أم كانوا قادرين على النظر لهذا الأمر بشكل صحيح مثل تعليق صلوات الجمعة تمت في أكثر من دولة عربية ولكن مصر حتى الأن لم يخرج قرار حازم بهذا، وهذا من الممكن أن يدرس في الأعمال الفنية، وأن من رأيي أن العمل الفني الذي سيناقش مثل وباء كورونا هو دراسة اجتماعية تفتح المجال لتقديم عمل درامي عنها'.