الإدارية العليا تنصف موظفا بالضرائب بمبدأ تاريخى: جرائم الفيسبوك لا تثبت إلا بدليل رقمي

المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة
المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة

قضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ونبيل عطاالله وشعبان محمود ونادى عبد اللطيف نواب رئيس مجلس الدولة، بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها , والقضاء مجددا بإلغاء قرار وزارة المالية بخصم أجر عشرة أيام من راتب الطاعن (ع.ع.م) مأمور ضرائب شبرا الخيمة بمصلحة الضرائب، والقضاء ببراءته من الاتهام المنسوب إليه بالإساءة إلى قيادات المصلحة.

وأكدت المحكمة فى مبدأ تاريخي لحماية المواطنين من انتحال الصفة على صفحات الفيسبوك على عدم جواز محاكمة المواطنين على جرائم الفيسبوك إلا بالدليل الرقمى من مباحث الإنترنت عن طريق الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات، وأن الإمعان فى العدالة يقتضى عدم معاقبة برئ ولابد من ثبوت الدليل الرقمى لجميع جرائم تقنية المعلومات على كافة وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعى , وأن هناك 24 جريمة جنائية بعقوبات تتسم بالشدة لحفظ كيان الدولة وأمنها القومى وحفظ المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وأن صفحة ليست باسم الطاعن على الفيسبوك تتهم رئيس مصلحة الضرائب بأنه يستعين بالفاسدين والعناصر الإخوانية كرؤساء مأموريات ويغلب أصل البراءة لعدم وجود دليل رقمى على ملكيته للصفحة.

وكانت مصلحة الضرائب قد اتهمت الطاعن بإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بما نشره على صفحته على الفيسبوك بالإساءة إلى قيادات مصلحة الضرائب واتهامه لرئيس المصلحة بأنه يردع الشرفاء ويستعين بالفاسدين والعناصر الإخوانية كرؤساء مأموريات والإساءة لوكيل الوزارة بأنه فاسد وغير شريف , بينما قال الطاعن أن الصفحة التى نشر عليها الموضوع وهى صفحة "اتحاد ضرائب مصر 2014 علم وشرف ومهنية " لا تخصه وأنه طلب من الإدارة تعقب صاحب الصفحة عن طريق الأجهزة الفنية إلا أنها رفضت وعاقبته بخصم عشرة أيام من راتبه.

قالت المحكمة إن المشرع استلزم فى جرائم تقنية المعلومات توافر الدليل الرقمى أى معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية وما فى حكمها، ويمكن تجميعها وتحليلها باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية خاصة.

كما قرر المشرع أن يكون للأدلة المستمدة أو المستخرجة من الأجهزة أو المعدات أو الوسائط الدعامات الإلكترونية، أو النظام المعلوماتى أو من برامج الحاسب، أو من أى وسيلة لتقنية المعلومات ذات قيمة وحجية الأدلة الجنائية المادية فى الإثبات الجنائى متى توافرت بها الشروط الفنية الواردة باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه , وبغير توافر هذا الدليل الرقمى فلا يمكن معاقبة المواطن على جريمة خالية من دليل الإدانة.

وأضافت المحكمة أن الأدلة الرقمية تحوز ذات القيمة والحجية للأدلة الجنائية المـادية فى الإثبات الجنائى إذا توافرت فيها خمسة شروط وضوابط: الأول أن تتم عملية جمع أو الحصول أو استخراج أو استنباط الأدلة الرقمية محل الواقعة باستخدام التقنيات التى تضمن عدم تغيير أو تحديث أو محو أو تحريف للكتابة أو البيانات والمعلومات ، أو أى تغيير أو تحديث أو إتلاف للأجهزة أو المعدات أو البيانات والمعلومات ، أو أنظمة المعلومات أو البرامج أو الدعامات الإلكترونية وغيرها . ومنها على الأخص تقنية Digital Images Hash، Write Blocker، وغيرها من التقنيات المماثلة.

وأوضحت أن الضابط الثاني أن تكون الأدلة الرقمية ذات صلة بالواقعة وفى إطــار الموضوع المطـلـوب إثباته أو نفيه ، وفقـًا لنطاق قرار جهة التحقيق أو المحكمة المختصة، وأما الضابط الثالث أن يتم جمع الدليل الرقمى واستخراجه وحفظه وتحريزه بمعرفة مأمورى الضبط القضائى المخول لهم التعامل فى هذه النوعية من الأدلة ، أو الخبراء أو المتخصصين المنتدبين من جهات التحقيق أو المحاكمة ، على أن يبين فى محاضر الضبط ، أو التقارير الفنية على نوع ومواصفات البرامج والأدوات والأجهــزة والمعــدات التى تم استخــدامها ، مع توثيق كود وخوارزم Hash الناتج عن استخراج نسخ مماثلة ومطابقة للأصل من الدليل الرقمى بمحضر الضبط أو تقرير الفحص الفنى ، مع ضمان استمرار الحفاظ على الأصل دون عبث به .

وأضافت أن الضابط الرابع أنه فى حالة تعذر فحص نسخة الدليل الرقمى وعدم إمكانية التحفظ على الأجهزة محل الفحص لأى سبب يتم فحص الأصل ويثبت ذلك كله فى محضر الضبط أو تقرير الفحص والتحليل.

وتابعت بأن الضابط الخامس أن يتم توثيق الأدلة الرقمية بمحضر إجراءات من قبل المختص قبل عمليات الفحص والتحليل له وكذا توثيق مكان ضبطه ومكان حفظه ومكان التعامل معه ومواصفاته .

وأشارت المحكمة إلى أن المشرع عين فى الباب الثالث من القانون تحت عنوان " الجرائم والعقوبات" أربعة وعشرين جريمة جنائية قرر لها عقوبات تتسم بالشدة لحفظ كيان الدولة وأمنها القومى من ناحية , وحفظ المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين من ناحية أخرى ، وترواحت العقوبات بين الحبس الذى تتراوح مدته مدة لا تقل عن شهر لبعض الجرائم وأخرى الحبس لا يقل عن سنتين وغرامة ترواحت ما بين 20 ألف جنيه بما لا يجاوز المليون جنيه، بل إن المشرع شدد العقوبة بالمادة (34) منه إذا وقعت أى جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، أو الإضرار بالأمن القومى للبلاد أو بمركزها الاقتصادى أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لأعمالها، أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح أو الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى تكون العقوبة السجن المشدد, لذا فإنه امعانا فى تحقيق العدالة وعدم معاقبة برئ استلزم المشرع ثبوت الدليل الرقمى على جميع جرائم تقنية المعلومات على كافة وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعى.

وذكرت المحكمة أن مبدأ المواجهة في التحقيق الذي يجري مع الموظف العام من مبادئ حقوق الإنسان بمعنى أن تتم مواجهته بالتهمة المحددة في عناصرها ومكان حدوثها، فإذا قام الموظف بالرد على الاتهام وتقديم دفاعه، فعلى المحقق أن يحقق هذا الدفاع ويتثبت منه ويستبعد ما يثبت له من خلال التحقيق عدم صحته حتى يتسنى للمحقق أن يعيد استجواب المتهم على أساس ما يظهر له من صدق أو كذب دفاعه، ويتحقق بالتالي مبدأ المواجهة، وغير هذا التحقيق للدفاع لا يتسنى للموظف معرفة ما هو منسوب إليه على نحو دقيق وينهار بالتالي مبدأ المواجهة ويكون التحقيق معيباً ويبطل ما يبنى عليه سواء كان قراراً بالجزاء أو بالإحالة للمحكمة التأديبية.

وقالت المحكمة إن الثابت بالأوراق أن سبب قرار الجزاء الموقع على الطاعن بخصم أجر عشرة أيام من راتبه كان بركيزة من أنه بوصفه مأمور ضرائب شبرا الخيمة بمصلحة الضرائب المصرية أساء استخدام مواقع التواصل الاجتماعى بما نشره على صفحته الخاصة على الفيسبوك من إساءة إلى قيادات مصلحة الضرائب واتهامه لرئيس المصلحة بأنه يردع الشرفاء ويستعين بالفاسدين والعناصر الإخوانية كرؤساء مأموريات والإساءة لوكيل الوزارة بأنه فاسد وغير شريف , والثابت من الأوراق أن تلك المنشورات كانت على صفحة "اتحاد ضرائب مصر 2014 علم وشرف ومهنية " على الفيسبوك , وقد أنكر الطاعن صلته بهذه الصفحة ودفع اتهامه بأن طلب فى التحقيقات تتبع حساب الصفحة المذكورة لأنها لا تخصه وأنه كان يتعين على الجهة الإدارية أن تحيل الأمر إلى الجهات الفنية بمباحث الإنترنت عن طريق الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلوماتالتى تؤكد مدى ملكيته لحساب الصفحة من عدمه رغم طلبه ذلك فى التحقيقات وانكاره ذلك الاتهام.

ولفتت إلى أن التحقيق الذى أجرى مع الطاعن الصواب أغفل تناول أوجه دفاع الطاعن فى وجود الدليل الرقمى الذى يفيد ملكية الصفحة التى تناولت مخالفات الإساءة والتشهير والتجريح لقيادات مصلحة الضرائب ، مما يصم التحقيق بالقصور الجسيم لخلوه من الدليل الرقمى على ما نشر بالفيسبوك دون تمحيص لدفاعه الجوهرى وصولاً للحقيقة بدقائق تفاصيلها وحقيقة كنهتها وهو ما خلا التحقيق من بحثه والتيقن منه , مما يصم التحقيق بإهدار ضمانات جوهرية للطاعن بعدم تحقيق أوجه دفاعه حتى تنجلي وقائع المخالفة ويصمها بالعوار ويقوض أساسها وما ترتب عليها من الجزاء الطعين بناءً على تلك التحقيقات المبتسرة المعيبة، مما يكون معه القرار الطعين صدر مخالفا مبادئ المحاكمة العادلة المنصفة، ويستوجب القضاء ببطلان التحقيق وبطلان قرار الجزاء المطعون عليه كأثر مترتب على ذلك العوار، ويتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً