تواصل محكمة جنح مستأنف القاهرة الجديدة، المنعقدة بمجمع محاكم التجمع الخامس، اليوم السبت، استئناف 9 متهمين في القضية المعروفة اعلاميا بإسم «انهيار عقار جسر السويس»، على أحكام الحبس الصادرة ضدهم من سنة لـ 3 سنوات.
توضح «أهل مصر» القصة الكاملة لقضية عقار جسر السويس المنكوب، بداية من مشاهد الرعب والفزع التي انتابت سكانه وأسرهم وذويهم وجميع سكان المنطقة، وانتهاءً بحكم الحبس الصادر ضد المتهمين، حتى محطة استئناف المتهمين على الحكم.
في 21 من سبتمبر الماضي، أصدرت محكمة جنح القاهرة الجديدة، حكمًا بحبس 9 متهمين من سنة إلى 3 سنوات مع الشغل، وغرامة 50 ألف جنيه لإيقاف التنفيذ، لإدانتهم بالتسبب في انهيار عقار جسر السويس، والذي راح ضحيته 25 مواطن وإصابة آخرين، وهو الحكم الذي أثلج صدور الضحايا والمصابين.
كارثة عمارة التلاجة
فجر السابع والعشرين من مارس المنصرم، استيقظ سكان حى السلام أول بالقاهرة، على كارثة جديدة، وتحديدا في شارع 'ثلاجة الزهراء' المتفرع من جسر السويس، أمام عمارات الفاروقية، بعد انهيار عمارة مكونة من 11 طابق، بالسكان المتواجدين فيها، خلفت ورائها ضحايا ومصابين.
لجنة هندسية لفحص المخالفات
فرضت الأجهزة الأمنية كردونًا حول العقار، وأُعلنت حالة الطوارئ بمستشفى السلام وعين شمس لاستقبال ضحايا انهيار عقار جسر السويس، وتم توجيه لجنه هندسية لفحص العقارات التي تجاور عقار جسر السويس للبحث عن تأثرها بانهيار العقار.
باشرت نيابة شرق القاهرة الكلية، تحقيقاتها مع مالك العقار وآخرين من المتسبين في الحادث، للوقوف على الملابسات الكاملة للحادث، وأصدر فريق النيابة المختص بالواقعة، بإشراف المحامي العام الأول لنيابات شق القاهرة الكلية، عدة قرارات من بينها التحفظ على ملف العقار المنهار داخل حى السلام لمراجعته بشكل دقيق، وندب رجال المعمل الجنائي للتوصل لسبب انهيار العقار، وتشكيل لجنة هندسية مختصة لمعاينة موقع الانهيار لبيان الأسباب التي أدت لسقوط العمارة بهذا الشكل، وتسليم جثامين الضحايا لذويهم بعد توقيع الكشوفات الطبية الظاهرية عليهم، ومن ثم التصريح بدفن الجثث.
أحد سكان المنطقة الملاصقة للعقار المنهار، ويدعى محمد رشدي، أوضح في تصريحات سابقة لـ «أهل مصر» أن العقار المنهار من أقدم العقارات والأبراج السكنية في منطقة تقسيم عمر بن الخطاب بحى السلام أول، جرى بنائه في باديء الأمر منذ نحو 40 عاما، وكانت عبارة عن طابق أرضي فقط 'ثلاجة' لحفظ الجبن وتوزيع الألبان، وسمي الشارع هناك بإسم 'شارع ثلاجة الزهراء' نسبة إلى تلك 'الثلاجة'.
سر السوري صاحب مخزن الأقمشة
المنطقة دى غالبية العمارات اللى فيها بدون ترخيص، يوضح 'رشدي' مشيرا إلى أنه وفي أعقاب ثورة 25 يناير وما تلاها من انفلات أمني، قام صاحب 'الثلاجة' ببناء 9 طوابق أخرى بدون ترخيص، ليبلغ عدد طوابق العمارة 11 طابقًا.
ولفت الساكن مشيرا إلى أن صاحب العمارة قام بتأجير البدروم لمواطن سوري الجنسية، استغله كمشغل ومحلات للخيوط والأقمشة، ونوه إلى أن سكان المنطقة شاهدوا المواطن السوري، يقوم بإزالة عدد من الأعمدة بالبدروم الخاص به، وقاموا بإخطار حى السلام.
أشار كذلك إلى أن مسئولي حي السلام، توجهوا في مأمورية بالفعل إلى موقع العمارة، وحرروا محضرا للمواطن السوري، نظير قيامه بتلك الأعمال المخالفة، وقاموا بتشميع مشغل الخيوط والأقمشة الكائن بالبدروم، غير أن 'السوري' استمر في إزالة أعمدة البدروم بشكل جزئي، لإدخال بعض التوسعات في المكان بشكل كامل، حتى اسيقظ الأهالي قبل يومين على صوت 'طرقعة'، اكتشفوا أنها 'طرقعة العمدان' نتيجة لإزالة وهدم بعض منها على يد السوري ورفاقه.
في نفس السياق، قال ساكن آخر بمنطقة تقسيم عمر بن الخطاب، التي شهدت انهيار عقار جسر السويس، بشارع ثلاثة الزهراء، إن هناك 6 عمال بمخزن خيوط وأقمشة بالعقار المنهار، يحملون الجنسية السودانية، فُقدوا بعد انهيار البرج السكني.
أضاف الساكن أن أحد العمال السودانيين، نجا بفعل العناية الإلهية من الموت وقت وقوع الحادث، بينما تواصل قوات الحماية المدنية جهوجها في البحث عن باقي الضحايا ومن بينهم العمال السودانيين الخمسة، من أصدقاء وأقارب السوادني الناجي من الحادث.
انهيار على مرحلتين
كشف مصدر مطلع من حى السلام أول، عن مفاجأة في حادث انهيار عقار جسر السويس، إذ تبين أن الانهيار وقع على مرحلتين، ولم يسقط مرة واحدة.
كشفت أن المعاينة الأولية وسماع أقوال عدد من سكان العقار عن سماع صوت ضخم أحدث هزة خفيفة في العقار، موضحا أن ذلك الصوت يعرف بإسم 'طرقعة العمدان'، وجرى ذلك عقب إزالة عدد من أعمدة الطابق الأرضي 'البدروم'، وكان ذلك قبل يومين، لينتبه الأهالي ويقررون ترك العقار بسرعة خشية سقوطه.
تابع المصدر موضحا أن عدد كبير من سكان العقار بالفعل خرج من العقار، بعد سماع ذلك الصوت، في حين لم ينتبه آخرون، لينهار العقار بالكامل قرابة الثانية فجرًا، ويتسبب في كارثة محققة، تبذل الجهات المختصة جهودا مضنية في التعامل معها، من خلال استخراج جثث الضحايا والبحث عن مصابين أسفل الأنقاض.
حكم بالإدانة
في ختام التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة مع المتهمين، تم إحالتهم إلى محكمة الجنح لبدء محاكمتهم، وخلال جلسات المحاكمة ترافع دفاع المتهمين عن موكليهم، فيما طالب المدعون بالحق المدني تعويضات مالية لصالح الضحايا والمصابين، قبل أن تصدر المحكمة أحكاما بالحبس من سنة إلى 3 سنوات، بحق المتهمين، الذين تقدموا باستئناف على الحكم الصادر ضدهم.