يعيد للأذهان قرار الحكومة بشأن إغلاق المحال والمقاهي ما حدث في عامي (2011، 2012)، عندما حاول مجلس الوزراء فى هذا التوقيت، إلزام كافة المحال باختلاف نشاطها بالإغلاق العاشرة مساء، فى وقت كانت مصر تعانى من أزمة كبيرة فى الطاقة وانقطاع متكرر فى التيار الكهربائى، ورغم محاولة الحكومة التنفيذ وإعلانها فرض غرامات على الممتنعين.
يبدو الأمر أن الحكومة فشلت عمليًا فى تطبيق القرار، وظل الحال على ما هي عليه، حتى جاءت جائحة فيروس كورونا لتجبر الجميع على تطبيق القرار.. فهل ستنجح الحكومة والبرلمان في تطبيق وتشريعه قانون"تنظيم غلق المحل التجارية"، على أصحاب المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم خلال الفترة المقبلة؟.
ففى محاولة جديدة لتنظيم عشوائية الشارع المصري، قال محمد المصري، نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية بالقاهرة، تناقش لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب مشروع قانون "المحال العامة"، والذي يحدد قواعد وشروط وإجراءات تراخيص المحال، حيث نص فى المادة 21 منه على أنه: "للوزير المختص بعد موافقة وزير الداخلية وأخذ رأى المحافظ المختص أو رئيس الجهاز المختص بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، تحديد مواعيد فتح وغلق المحال العامة من النوع الأول".
وأضاف نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية بالقاهرة، في تصريحات لـ«أهل مصر»، أن المقصود هنا بالنوع الأول "المطاعم والكافيتريات والكافيهات والمقاهى والمنافذ، وما يماثلها من المحال المعدة لبيع أو تقديم المأكولات أو المشروبات غير الكحولية لعموم الجمهور، والتي لا تعتبر منشاة سياحية"، طبقًا لما نص عليه القانون، فى حين أن النوع الثانى الذي لن يحدد موعد لغلقه هي الفنادق والبنسيونات والأماكن المفروشة وما يماثلها من المحال المعدة لإقامة الجمهور، والتي لا تعتبر منشاة فندقية.
ومن جانبه، قالت الدكتورة نادية سالم النمر، الخبير الاقتصادي، إن تحديد مواعيد غلق المحال معمول بها فى العديد من دول العالم، ولكن مصر تسير بطريقة عشوائية، مؤكدة تأييدها للقانون الجديد فى النص على هذا الموضوع، بحيث ينص القانون على ساعة محددة، وإنما يكون بقرار من الجهة المختصة يراعى طبيعة النشاط والمنطقة والظروف الاقتصادية.
وأكدت "النمر"فى تصريحات لـ"أهل مصر"، أن قدرة الحكومة على تطبيق هذا القرار يتوقف على مدى مرونته ومراعاته للتوقيتات الشتوية والصيفية، حيث فشلت الحكومات السابقة فى تحديد مواعيد للغلق بسبب المعارضة الشديد من أصحاب المحالات، بجانب نجاحه خلال تطبيق حظر التجوال جراء قرارات فيروس كورونا.
وأوضحت، لا يجوز ترك القهاوي والكافيهات تزعج السكان حتى الساعات الأولى من الصباح، حيث أن تحديد ساعة الغلق بـ9 مساء كحد أقصى هي الأنسب بالنسبة للكافيهات والمقاهي بجانب المحالات التجارية العامة، وهو المتعارف عليه عالميًا، كونها ذلك يقلل من نسبة الجريمة بين الأسرة المصرية.
ولفتت الخبيرة الاقتصادية إلى أن تحديد موعد الغلق طبقًا لقانون ملزم قرار مناسب سيعيد النظام، ويحل العديد من المشاكل الناتجة عن العشوائية، كما سيخلق ثقافية مجتمعية عن الشعب المصرية وسينظم حياته العملية واليومية.
وأشارت إلى أن فشل الحكومة السابق فى إلزام المحالات بالغلق فى مواعيد محددة قد يكون بسبب تراخى منها، أو أن المناخ العام لم يكن مهيأ لتطبيقه، وقد كان مجرد قرار وليس قانون ملزم يفرض عقوبات على المخالفين، وما يثبت ذلك تطبيقه بجبر أصحاب المحلات التجارية والكافيهات تزامنًا مع الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا في البلاد.
واستكملت نادية النمر، أن أفضل طريقة لتحديد مواعيد الغلق من خلال قرار إداري باللائحة التنفيذية للقانون، حتى يكون هناك مرونة فى تحديد الوقت المناسب للإغلاق بحسب المنطقة وطبيعة النشاط، متوقعًا أن تتمكن الحكومة من التطبيق هذه المرة بمساعدة البرلمان، وإجراءات حوارات تشاورية مع أصحاب المحلات التجارية والكافيهات لمعرفة احتياجاتهم جراء تطبيق ذلك القرار.
وأكملت: ""أن قرار تنظيم غلق المحال التجارية" سيكون له تأثيرات إيجابية ملموسة من ناحية المواطن والدولة، ويتمثل ذلك في تقيل استخدام الطاقة "الكهرباء"، نظرًا لتواجد إنارة المحلات لأوقات طويلة، وبالتالي سيقلل من كمية الضغط، مما يسهم في توفير الطاقة بشكل منتظم دون حدوث قطع التيار الكهربائي بالمنازل".
ومن جانب أخر، قال حاتم عبد الغفار، رئيس غرفة كفر الشيخ، إن الغرفة عقدت عدة ندوات وسلسلة من اللقاءات مع الشعب التجارية النوعية وممثلي الأنشطة المختلفة، للتعرف على مقترحات كل نشاط والخاصة بمواعيد فتح وغلق المحال التجارية، حيث سيتم عمل استطلاع رأي وحوار مجتمعي لمنتسبي الغرفة لاختيار وقت الغلق، بما يناسب الطبيعة الخاصة بالأنشطة التجارية وطبيعة المستهلكين في الشراء، مع الأخذ في الاعتبار عدد من النقاط التي يجب دراستها بعد حصر استبيان كل شعبة ونشاط علي حده، ومنها مراعاة الفصول والمواسم والإجازات الرسمية بالمحافظة، ودراجات الحرارة، وطبيعة ونمط الحياة اليومية فيها، و أثر المواعيد علي العمالة القائمة، حيث سيتسبب ذلك في إلغاء الورديات وخفض العمالة القائمة، ما سيرفع من معدلات البطالة.
وأكد "عبد الغفار"، على أن نسبة التوفير في الطاقة لا تمثل قيمة بالنسبة للاستهلاك الكلي، حيث تبلغ نسبة استهلاك الكهرباء للقطاع التجاري طبقًا لبيانات وزارة الكهرباء 7% من مجمل استهلاك الكهرباء، ثلثها للقطاع التجاري والباقي منها للقوى المحركة (تجميد، وتبريد .. الخ)، ومن ثم فإن نسبة الطاقة التي سيتم توفيرها تقريبًا أي أقل من 1% وفي المقابل ستزيد نسبة الاستهلاك المنزلي بنسبة 2%، علمًا بأن إغلاق المحلات لا يعني الاستغناء عن الطاقة لأن معظم المحلات المرتبطة بالسلع بحاجة إلى تبريد وتجميد وتهوية ستظل تعمل بالكهرباء، وإن كانت الغرفة تطالب الحكومة تأجيل دراسة هذا المقترح لفترة زمنية لا تقل عن سنتين حتي يتخلص القطاع التجاري من التداعيات السلبية لأزمة كورونا.
ومن جهته، قال صلاح خليل، رئيس غرفة تجارة الأقصر، إن تحديد مواعيد إغلاق المحلات التجارية يضرب السياحة والقطاع التجارى فى المحافظة، لكون الأقصر من المحافظات التى ترتفع فيها درجة الحرارة أغلب شهور السنة، كما أن التسوق والتنزة يبدأ عندما تقل درجة الحرارة ليلًا، فضلًا عن أن السائح العربي والأجنبي لا يأتيان من أجل الطعام، ولكنه يأتي لزيارة مصر للاستمتاع بالسهر والحفلات الفنية والتنزه، ومن ثم لا يمكن حرمان السائح من السهر والترفيه.
وأكد أن عددًا كبيرًا من القطاعات التجارية تنتظر تعويضًا لخسائر استمرت أكثر من 4 أشهر متوالية، مطالبًا باستثناء محافظة الأقصر من تطبيق القرار.