تتوجه الحكومة المصرية نحو التعاون العربي خلال الفترات المقبلة، في إطار تعميق العلاقات العربية المشتركة لدعم قطار التنمية وحركات الإصلاح مع مختلف البلدان الشقيقة، ومن أجل ذلك عمقت مصر تعاونهما الثنائي مع العراق عبر توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرتوكول تعاون في مجالات عدة خلال اجتماعات اللجنة العليا المشتركة، والتي عُقدت أعمالها في بغداد خلال شهر نوفمبرالماضي، للتأكيد على القيادة السياسية بدعم العلاقات الثنائية، وتضمنت أوجه التعاون عدد من القطاعات، والتي من بينها، البترول والثروة المعدنية، التدريب، العدل والقضاء، الموارد المائية والري، سوق الأوراق المالية.
وكشفت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أن الحكومة المصرية حريصة على تعزيز التعاون المشترك مع العراق في مختلف المجالات، لاسيما في مجال إعادة الإعمار والإسكان، في ظل الخبرات الضخمة والمتراكمة التي تتوافر لدى الدولة المصرية، حيث نجحت في تعزيز البنية التحتية طوال السنوات الماضية وإطلاق مشروعات قومية ضخمة من بينها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة ومدينة الجلالة، كانت محل إشادة دولية.
من جانبه، قال الدكتور محمد راشد، الخبير الاقتصادي، المدرس بكلية السياسة والاقتصاد جامعة بني سويف، إن الاستثمارات العراقية في مصر لا تزال محدودة، حيث لا تتجاوز نصف مليار دولار، وهذا لا يتناسب مع مع الجهود المبذولة من الجانبين المصري والعراقي لتدعيم أطر التعاون الاقتصادي والتجاري، مضيفًا أن مجالات التعاون بين البلدين هو مشاركة مصر فى ملف إعادة الإعمار العراق، حيث تتواجد شركات المقاولات المصرية لتنفيذ مشروعات الطرق والكباري والإسكان وغيرها، علاوة على التعاون فى مجال البترول والطاقة والصناعات التحويلية عبر إنشاء شراكات من قبل الجانبين بما يسهل عمل المستثمرين المصريين فى العراق ونقل الخبرة المصرية للأشقاء العراقيين، مما يساهم في الارتقاء بمعدلات النمو الاقتصادي وخلق المزيد من فرص العمل الدولتين.
وأضاف 'راشد' في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، أن زيادة حجم الصادرات المصرية للعراق سيكون له عائد في رفع قيمة التبادل التجاري بين الدولتين، التي وصلت إلى 1.6 مليار دولار خلال الفترة الحالية، فضلًا عن إمكانية نفاذ الصادرات المصرية لبعض دول الخليج الأخرى عن طريق العراق، مؤكدًا أن زيادة الاستثمارات المصرية ستنعكس إيجابًا على تصدير الأيدي العاملة والخبراء المصريين بالعراق.
وأشار راشد، إلى مشروع الربط الكهربائي مع العراق، وذلك بالتنسيق مع الأردن، والذي يستهدف تصدير فائض الكهرباء فى مصر إلى الأردن والتي تعاني من عجز واضح فى إمدادات الكهرباء عبر الاتفاق من الجانبين من أجل الاستفادة من الخبرات المصرية في تنفيذ استثمارات مصرية فى مشروعات الكهرباء بالعراق.
قال فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة التشييد بالجمعية، إن الجهات المعنية حريصة على تحقيق التعاون ما بين مصر والعراق للحصول على النفط مقابل إعادة الإعمار سيفتح باب جديد أمام الشركات المقاولات المصرية للعبور إلى الدول الأفريقية خلال الفترة المقبلة.
وأضاف 'فوزي' في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، أن الشركات العقارات تنتظر آليات التعامل الحكومة المصرية وطرق سداد مستحقات الشركات التي تقوم بتنفيذ المشروعات الإعمار بالعراق.
وكانت مصر والعراق وقعت على خطة النفط مقابل إعادة الإعمار شهر ديسمبر الجاري، ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ بمجرد الانتهاء من الإجراءات الدستورية، وتمثل هذه الصفقة بداية للعديد من المشاريع المشتركة بين الدولتين.
وفي السياق ذاته، قال المهندس علي عيسى ، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين، أن اهتمام الدولة المصرية في إعادة إعمال العراق سيلعب دورًا هامًا في فتح أسواقًا جديدة أمام المستثمرين، خصوصًا بعد تحسن الأوضاع الأمنية بين الجانبين خلال الفترة الحالية، نظرا لأنها كانت تمثل أحد العوائق التي تعرقل حركة الاستثمارية بين البلدين.
وأكد عيسي، أن التعاون المصري العراقي لا يقتصر على مشاركة شركات المقاولات بعملية إعادة الاعمار والبناء، بل يصل إلى تصدير مواد البناء في تصدير منتجاتها، فضلا عن نقل خبرات العمالة المصرية، وتوقع زيادة حجم التبادل التجاري من خلال تحديد كيفية نفاذ المنتجات المصرية للسوق العراقي عبر منطقة لوجستية في الأردن خاصة بالصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية.
والجدير بالذكر، أنه تم عقد أعمال اللجنة العليا المشتركة المصرية العراقية الأولى منذ نحو 30 عامًا خلال الفترة من 28-31 أكتوبر الماضي، برئاسة رئيسي مجلسي وزراء مصر والعراق، ونتج عنها توقيع 15 وثيقة في مجالات متنوعة لتعزيز التعاون المشترك بين الجانبين، وتنظيم ملتقى اقتصادي تجاري بمشاركة رؤساء اتحاد الغرف التجارية والوزراء المعنيين من الجانبين.