قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إنه كان لجهود الدولة التنموية المكثفة فى السنوات الأخيرة دور كبير فى الصمود أمام جائحة كورونا، فعلى الرغم من الانخفاض النسبى فى بعض المؤشرات الاقتصادية نتيجة للجائحة، إلا أن الجهود الجادة للإصلاح وما نفذته الدولة من إصلاحات تشريعية ومؤسسية وتكثيف الاستثمارات العامة لقطاعات البنية الأساسية والتى وصلت إلى 1.7 تريليون جنيه خلال آخر ستة أعوام، وما تحقق من نتائج إيجابية نتيجة لهذه الجهود، انعكست على تحقيق معدل نمو بلغ 5,6% فى النصف الأول من العام المالى 2019/2020 (قبل بداية أزمة كورونا)، بالإضافة إلى ما يتميز به الاقتصاد المصرى من تنوع فى القطاعات.
أضافت السعيد، أن كل ذلك قد ساهم فى أن يصبح الاقتصاد المصرى أكثر مرونة ولديه قدرة على استيعاب الصدمات الاقتصادية وأزمة كوفيد 19، حيث جاءت مصر ضمن عددٍ محدودٍ من دول العالم التى حقّقت نموًا موجبًا فى ظل الجائحة، وحظيت بإشادة العديد من المؤسسات الدولية، مشيرة إلى أنه من المؤشرات الإيجابية كذلك، اقتران هذا النمو بانخفاض معدلات البطالة إلى 7.2% فى الربع الثانى من (20/2021)، بالإضافة إلى تراجع ملموس فى معدل التضخّم والذى بلغ 4.8% فى يناير 2021، وهو أدنى مستوى له فى 14 عامًا.
وأشارت السعيد، إلى تبنى الدولة مجموعة من السياسات الاستباقية التى تستهدف التعامل مع الجائحة فى إطار الحرص على تحقيق التوازن بين الحفاظ على صحة المواطن واستمرار عجلة النشاط الاقتصادى، مؤكدة اعتماد الدولة خطة واضحة ومدروسة تستهدف كافة الفئات والقطاعات الاجتماعية، لاسيما الفئات الأكثر تأثرًا بالجائحة، من أجل التخفيف من تداعيات الركود الاقتصادى على المواطنين من جرّاء جائحة كورونا، هذا إلى جانب تبنى الدولة إجراءات فورية لدعم الفئات والقطاعات المتضررة، وتعليق مدفوعات خدمة الديون للأفراد والمنشآت، بالإضافة إلى اهتمام الحكومة بشبكات الحماية الاجتماعية وخلق فرص العمل، من خلال التوسع فى عدد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة، والتوسع فى تنفيذ مبادرتى "حياة كريمة" للقرى الاكثر احتياجًا، و"مراكب النجاة" باعتبارها أبرز الأدوات لتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية.
وتابعت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن من المؤشرات التى تدلل على نجاح مبادرة "حياة كريمة"، مساهمتها الفاعلة فى خفض معدلات الفقر وتوفير الخدمات فى القرى التى تغطيها المبادرة، وهى نتائج تعزز جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة سواء الوطنية أو الأممية، وقد تكلل هذا النجاح بإدراج الأمم المتحدة مبادرة "حياة كريمة" ضمن أفضل الممارسات الدولية.
كما نوهت السعيد إلى الخطوات التى اتخذتها الدولة لتنشيط الاقتصاد من خلال زيادة الدخول والاستثمارات العامة فى القطاعات الواعدة التى تمثل ركيزة أساسية لدفع النمو فى المرحلة المقبلة، وبما يعكس الأولويات التى فرضتها أزمة كورونا، مثل قطاعات الخدمات الصحية والمستلزمات الطبية، الزراعة، الصناعات الغذائية، والتشييد والبناء والصناعات التحويلية، مؤكدة إيلاء الدولة أهمية قصوى كذلك لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية للرقمنة فى إطار تعزيز التوجه نحو التحول الرقمي.
وحول مرحلة الإصلاحات الهيكلية؛ قالت السعيد أن الدولة تلتزم بتنفيذ البرنامج الذى يعتبر المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادى، مشيرة إلى أن الإصلاحات الهيكلية تستهدف تنويع هيكل الاقتصاد المصرى وزيادة مرونته، ورفع القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مسار الاقتصاد المصرى ليصبح اقتصادا إنتاجيًا يرتكز على المعرفة ويتمتع بقدرات تنافسية فى الاقتصاد العالمى، بالإضافة إلى الاهتمام بالتعليم الفنى الذى يحتاجه سوق العمل وذلك من أجل تشجيع النمو الاحتوائى وخلق فرص عمل لائقة ومُنتِجة، وتنويع وتطوير أنماط الإنتاج وتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، وتوطين الصناعة المحلية وزيادة تنافسية الصادرات المصرية، وتعزيز الشمول المالى والاهتمام بالتطوير المؤسسي.
وأوضحت السعيد، أنه استكمالًا لجهود تحقيق التنمية المستدامة، يأتى ضمن الأولويات اهتمام الدولة المصرية بتوطين التنمية، أو ما نطلق عليه "التوطين المحلى لأهداف التنمية المستدامة، " بهدف تحقيق مفهوم «النمو الاحتوائيInclusive Growth والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة»، كأحد الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030، لتعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للمحافظات وتوجيه الاستثمارات العامة للدولة بشكل أكثر كفاءة وفاعلية، مع إصدار تقارير لتوطين التنمية فى كافة محافظات الجمهورية، وإعداد مؤشرات تنافسية فى هذه المحافظات.
كما أشارت الوزيرة، إلى أن الحكومة المصرية تولى أولوية لقضايا الاقتصاد الأخضر (والتعافى الأخضر) ومعايير الاستدامة البيئية، وفقًا لرؤية 2030، حيث تتبنى الحكومة استراتيجية وطنية للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وجارى العمل على تحقيق 30% من المشروعات الاستثمارية بخطط الدولة لمفاهيم الاستدامة البيئية والاقتصاد الأخضر ترتفع النسبة لتصبـح 50% فى الأعوام الثلاث القادمة.
وأكدت السعيد حرص الدولة من خلال الإصلاحات التشريعية والمؤسسية وكذلك تطوير البنية التحتية على تحفيز دور القطاع الخاص باعتباره شريكًا رئيسيًا فى تحقيق المستهدفات التنموية، سواء من خلال خلق فرص العمل اللائق والمنتج أو تحقيق النمو الشامل والمستدام، مشيرة إلى أن مصر جاءت فى المرتبة الأولى على مستوى شمال أفريقيا فى جذب تدفقات الاستثمار الأجنبى فى عام 2019 بواقع 9 مليارات دولار أمريكى، وفقًا لتقرير الاستثمار العالمى الصادر عن مُؤتمر الأمم الـمُتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) فى عام 2020.