أكد هانى أبو الفتوح، الخبير المصرفى، أنه في خطوة استباقية صادفت توقعات العديد من بنوك الاستثمار والمحللين، اتخذت لجنة السياسة النقدية قرارا مفاجأ برفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي، بواقع 100 نقطة أساس، ليصل إلى 9.25% و10.25% و9.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم، بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.75%.
الحفاظ على مكتسبات الإصلاح الاقتصادي
وأضاف أن البنك المركزى أبرز مبررات القرار بالحفاظ على مكتسبات برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي حمى الاقتصاد المصري من التقلبات الكبيرة والأزمات، وكذلك الإصلاحات الهيكلية التي خففت العبء على المواطنين خلال أزمة كورونا، واستهداف التضخم الذي يأخد منحنى صعودي بسبب تبعات الحرب الروسية الأكرانية، والارتفاع العالمي في أسعار السلع تكاليف الشحن.
وأوضح أنه الطبيعي أن يكون لأي قرار اقتصادي مزايا إيجابية إلى جانب بعض الآثار السلبية التي قد تؤثر على الأسواق و قطاعات الأعمال وحتى الأفراد، لافتا إلى أن رفع سعر الفائدة يعمل على الحد من هجرة محافظ المستثمرين الأجانب إلى الدولار الأمريكي وعملات الملاذ الآمن والأصول الأقل خطورة، خصوصا في ظل ارتفاع معدل التضخم وبالتالي انخفاض معدل العائد الحقيقي على الجنيه مقارنة بعملات الأسواق الناشئة.
ومن زاوية استهداف التضخم اشار الى أن المركزي على المدى المتوسط الى امتصاص السيولة من الأسواق لخفض التضخم، وربما يرفع أسعار الفائدة عدة مرات خلال العام الجاري حتى يحقق هذا الهدف غير أن رفع الفائدة له عدة تأثيرات، فرفع أسعار الفائدة الآن يضر بتكاليف الدين الداخلي ويرهق الموازنة ويضعف فرص النمو الذي شهد قفزة كبيرة رغم تحديات جائحة كورونا. كذلك يسبب رفع تكلفة الاقتراض لقطاعات الأعمال والقطاع العائلي ومن ثم يؤثر على معدلات التشغيل و ويرفع تكلفة الإنتاج متزامنا مع ضعف القوى الشرائية ما يعمق مزيد من التباطء في الأسواق.
شهادة ادخار جديدة استثنائية
وفي رد فعل فوري لقرار المركزي برفع الفائدة، استجابت بعض البنوك الحكومية بطرح شهادة إدخار جديدة استثنائية مدتها سنة بسعر عائد سنوي يبلغ 18%. لتعويض الأفراد انخفاض العائد الحقيقي لاستثماراتهم بسبب التضخم، ويتوقع أن تتجه أغلب السيولة في السوق للتحرك الى البنوك المصدرة للشهادات ذات العائد المميز.
وأشار أبو الفتوح إلى أنه على عكس التوقعات فإن قرار البنك المركزي برفع أسعار الفائدة لم يؤثر على التداولات في البورصة المصرية بدعم من استمرار عمليات الشراء القوية من قبل شرائح مختلفة من المتعاملين بقيادة المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار المصري، وهو ما ظهر منذ بداية الجلسة اليوم من ارتفاعات ملحوظة للمؤشرات ومكاسب حققتها الأسهم.
وعلى صعيد سعر الصرف، أشار المركزي في بيانه بأهمية مرونة سعر الصرف، خصوصا في ضوء انخفاض صافى الأصول الأجنبية لدى البنوك المصرية، وكما ذكر تقرير بنك الاستثمار 'جيه.بي مورجان' فإن هناك حاجة الآن على الأرجح إلى خفض سعر الصرف الجنيه المصري الذي يعتقد أنه حاليا أعلى من قيمته بأكثر من 15%، وإن كانت هذه النسبة قد تكون أعلى من توقعات بنوك استثمار أخرى التي توقعت أن الجنيه يمكن خفضه بنسبة لا تتجاوز 9%.
وأعطت هذه الإشارة الضوء الأخضر للبنوك لتحريك سعر الصرف حيث شهد سعر صرف الدولار ارتفاعا ليتم تداوله عند مستوى 17.5 جنيه في بعض البنوك، وقد يشهد بعض التقلبات الى حين حدوث استقرار في الأسواق.