يعد الغاز الطبيعي من أهم الملفات المهمة التي اهتمت بها القيادة السياسية المصرية، والتي كانت وما زالت من أولوياتها؛ فمصر ذات الكلمة العليا في المتوسط بفضل اكتشافاتها العظيمة ودورها القيادي الحكيم في المنطقة والتي ازدادت بقوة بعد ترسيم الحدود مع كل من قبرص واليونان ليأتي منتدى شرق المتوسط للغاز والذي حول إلى منظمة شرق المتوسط ليعلن عن قيادة مصر للمنطقة.
قال مهندس مدحت يوسف، إنه منذ تولي الرئيس السيسي وانعقاد المؤتمر الاقتصادي الأول بشرم الشيخ، قام الرئيس بالقيام بالتفاوض المباشر مع الشركاء الأجانب العاملين في مجال البحث والاستكشاف لحثهم على ضخ المزيد من الأموال والاستثمار في مجالي البحث والاستكشاف وتنمية الحقول، والتي أتت ثمارها باكتشاف حقل ظهر وتنمية الحقول المتوقفة كنورس وشمال الإسكندرية وخلافه، والتي أثمرت عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بل تحقيق فائض يتم تصديره للخارج عن طريق محطات الإسالة المصرية.
وأوضح "يوسف"، أن مصر كانت تستورد غازا ما قيمته 2.5 مليار دولار سنويا وكان سعر الغاز عالميا حين ذاك 10 دولارات، وذلك دون تشغيل كافة المصانع ومحطات الكهرباء بالطاقة القصوى مما أحدث أزمة اقتصادية كبيرة، موضحا أن تلك الجهود والتي حققت مؤخرا بفضل القيادة السياسية حمت مصر من مخاطر الأزمة الحالية والتي تجاوز فيها سعر الغاز الطبيعي عالميا 44دولارا، ولو كانت مصر ما زالت مستوردة فسيكون هناك عبء على الموازنة يقدر ب15مليار دولار خاصة مع ارتفاع أسعار الغاز عالميا وتشغيل محطات الكهرباء الحديثة.
وأضاف يوسف أن سياسة تسويق قطاع البترول رشيدة حيث تربط أسعار تصدير الغاز بالأسعار الفورية وهذه نقطة هامة، مؤكدا أن هناك خطة طموحة للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز، والمساهمة في تأمين احتياجات الأسواق العالمية.
مصر مركزا للغاز الطبيعي
ومن جانبه قال محمد محمود عبد الرحيم الباحث الاقتصادي، إن مصر تسعى أن تكون مركزا للغاز وخصوصاً بعد تكوين تحالف غاز شرق المتوسط حيث وفقاً لتقرير صادر عن الاتحاد العالمي للغاز تساهم مصر بنسبة1 % من إجمالي صادرات الغاز المسال عالمياً في عام 2019، وبلغت صادرات مصر 3.5 مليون طن وذلك بعد وصول محطة ادكو للإسالة إلى أقصى طاقة قصوى لها.
وأوضح الباحث الاقتصادي، أنه من الممكن في المستقبل أن نري فرصا لشركات مصرية تصل إلى مستويات عالمية في تنقيب وأسأله الغاز، حيث تتمتع مصر بثروات هائلة من الغاز، مشيرا إلى أن هناك توقعات بأن تكون مصر من بين البدائل المناسبة للأسواق الأوروبية وذلك لتنويع بدائل إمدادات الغاز الروسي حال نقصها في ظل الأزمة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، وذلك في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي عَالَمِيًّا.
وأضاف أن دول الاتحاد الأوروبي، تسعى إلى خفض وارداتها من الغاز الروسي حيث تبلغ حاليا نسبة واردة أوروبا من الغاز الطبيعي من روسيا حوالي ٤٠٪ تقريبًا وخصوصا في ألمانيا وهي نسبة كافية لحدوث زلال اقتصادي كبير في أوروبا، مضيفا أن هناك فرصا جيدة في المستقبل لزيادة الصادرات المصرية من الغاز لأوروبا بشرط استمرار البحث والتنقيب وتطوير البنية التحتية في الغاز وضمان أفضل استغلالا للموارد البترولية والغاز.
وأكد محمود أن السوق المصري جاذب جدا للشركات الدولية العملاقة في مجال البترول لعدة أسباب، ومنها فرص وجود اكتشافات جديدة، كما أن مصر تسير نحو خطط الاكتفاء الذاتي وفقاً لرؤية خلال أشهر، وبالتالي لتحقيق أقصى إنتاج متاح لا بد من تشجيع الاستثمار الأجنبي في مجال البترول، حيث ارتفعت مساهمة قطاع البترول في الناتج المحلي الإجمالي إلى 27 %، كما أن مصر تمتلك فرصا كبيرة لتكون أكثر تأثيراً على المستوى الإقليمي والدولي في مجال الغاز.
وتابع، أن تكثيف أنشطة البحث والاستكشاف وبرنامج التطوير والتحديث، فضلًا عن تطبيق برامج التحول الرقمي لزيادة كفاءة قطاع البترول، حيث تم في الفترة الأخيرة طرح 7 مزايدات عالمية للبحث عن البترول والغاز في المناطق البرية والبحرية بكل من البحرين المتوسط والأحمر والدلتا والصحراء الغربية والشرقية وخليج السويس وصعيد مصر.
وأكد الباحث الاقتصادي، أن المستقبل بكل تأكيد يحمل أهمية نسبية أقل لقطاع النفط نظرا لوجود بدائل أخرى للطاقة بشكل عام وعلى رأسها الطاقة النظيفة، والتي بدأ يتجه العالم لها في ظل سياسات التنمية المستدامة وفي أي إطار الحفاظ على البيئة، وبالتالي من الصعب وجود شركة بترول مصرية على مستوى عالمي وخصوصاً في ظل أن مصر ليست بلدا بترولية من الأساس وأن كان في الفترة الأخيرة اتجهت وزارة البترول إلى تحقيق سياسة الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية عن طريق تقليل الفاقد وإيجاد البدائل من الطاقة وسياسة جديدة في للتنقيب عن البترول.
وتابع الباحث الاقتصادي، أنه في عام 2015 تم اكتشاف حقل ظهر الذي يعد من أكبر حقول الغاز بمنطقة حوض البحر المتوسط وذلك عن طريق شركة أيني الإيطالية وقد بدأ الإنتاج الفعلي في ديسمبر 2017 ويبلغ احتياطي الغاز المقدر في الحقل حوالي 30 تريليونا قدم مكعب وتبلغ قدرته الإنتاجية حوالي 3 مليارات قدم مكعب يومياً، وقد أدى اكتشف حقل ظهرا إلى تغير كبير في سوق الغاز في مصر، حيث تحولت مصر إلى التصدير حيث يمثل الحقل 40 % من إجمالي إنتاج مصر.