قالت رئيس صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا إن الحكومات بحاجة إلى توجيه دعم تكاليف المعيشة نحو الفئات الأكثر ضعفًا، بشكل مركز من أجل تجنب التراجع عما أحرزه محافظو البنوك المركزية من خطوات في مكافحة التضخم.
وأوضحت في مقابلة أجرتها يوم السبت مع هاسليندا أمين، المذيعة في تلفزيون بلومبرج: "إذا لم تكن المساعدات موجهة بشكل جيد، فقد يؤدي تقديم الدعم للسكان بطريقة غير مستهدفة إلى زيادة الضغوط التي تقود لارتفاع الأسعار، وبالتالي سيكون مطلوبًا من السياسة النقدية اتخاذ مزيد من الإجراءات".
وقالت في المقابلة التي تم اجراؤها في ختام اجتماعات كبار المسؤولين الماليين بمجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا: "يتم تشديد السياسة النقدية، لكن السياسة المالية يمكن أن تسير في الاتجاه الآخر عن غير قصد".
وسارع المسؤولون في الاجتماعات إلى إلقاء اللوم على روسيا بشكل مباشر في مشاكل الاقتصاد العالمي، ورأت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين أن حوالي نصف الارتفاع في التضخم بالولايات المتحدة يرجع إلى زيادة تكاليف الطاقة، والتي قالت إن روسيا مسؤولة عنها بشكل مباشر نتيجة لعملياتها الحربية.
كذلك أضاف ممثلو الدول الأخرى إداناتهم الخاصة لروسيا، بينما أقر المشاركون في مؤتمر مجموعة العشرين بأنه لم يقم أحد بالانسحاب عندما تحدث المسؤولون الروس في هذا التجمع، على عكس ما حدث في الاجتماع السابق للمجموعة خلال هذا العام.
ومع عدم تمكن المسؤولين من الاتفاق على بيان رسمي في ختام الاجتماعات، حولوا تركيزهم إلى المجالات التي يمكن التوصل فيها إلى توافق في الآراء، مثل الأمن الغذائي وأزمة الديون.
وقالت السيدة جورجيفا: "علينا أن نحلل بشكل موضوعي الأسباب التي أدت إلى ارتفاع التضخم بشكل كبير"، مشيرة إلى أن تداعيات الحرب جاءت بعد جولات متتالية من الإنفاق المرتبط بمكافحة وباء كوفيد، ومعوقات إنتاج السلع، واختناقات سلاسل التوريد، وبالنسبة للغذاء، زادت مشكلات الطقس من ضغوط التكلفة.
وأضافت جورجيفا "لقد نما الوعي بشكل أكبر بكثير بشأن قتامة الآفاق الاقتصادية" خلال الأشهر القليلة الماضية، مشيرة إلى أن صندوق النقد الدولي قد خفض توقعات النمو الاقتصادي مرتين هذا العام، وفي غضون أسبوعين سيخفض التوقعات مرة أخرى، وقالت إن مخاطر الهبوط قد تحققت من الحرب والوباء وتشديد الأوضاع المالية.
وأضافت جورجيفا: "أود أن أذكر كل شخص على استعداد للاستماع إلىّ أنه خلال عامين كان لدينا حدثان لا يمكن تصورهما "وباء كوفيد والحرب في أوكرانيا"، "ما الذي يضمن عدم حدوث صدمة أخرى؟ يجب أن نكون مستعدين لها".
يعاني حوالي 30% من الاقتصادات الناشئة والنامية من أزمة ديون، ويدفعون نحو 10% أو أكثر لخدمة الدين، وقالت إن الحصة المتعثرة من الأسواق ذات الدخل المنخفض ارتفعت إلى نحو 60%.
أما بالنسبة لسريلانكا، التي تخلفت حكومتها عن السداد في وقت سابق من هذا العام وتجري مناقشات مع صندوق النقد الدولي بشأن إعادة هيكلة الديون، فقد أكدت جورجيفا أنه بمجرد تشكيل حكومة جديدة، سيعود المفاوضون ويحركون محادثات الديون "بسرعة كبيرة".
يجري صندوق النقد الدولي محادثات مع العديد من البلدان التي تدهورت آفاقها الاقتصادية في الأشهر الأخيرة، حيث أشارت جورجيفا إلى المناقشات التي تم الانتهاء منها مؤخرًا على مستوى الخبراء في باكستان، حيث كان الهدف هو إعادة الاقتصاد إلى "حيث كان قبل عام واحد فقط".
كما ركز بنك التنمية تركيزًا شديدًا على تونس ومصر، التي "فعلت الكثير" من أجل بناء الاحتياطيات.
وكانت زامبيا، أول دولة أفريقية تتخلف عن السداد خلال الوباء، محط اهتمام بين مسؤولي مجموعة العشرين الذين يتعين عليهم الوفاء بوعدهم بتقديم الإغاثة من خلال إطار العمل المشترك لصندوق النقد الدولي، وقالت جورجيفا إنهم مازالوا يستهدفون إتمام اتفاق مع الدائنين بنهاية شهر يوليو.
وقالت جورجيفا: "لقد سعدت للغاية أن أرى الصين قد تقدمت للمشاركة في رئاسة لجنة الدائنين لزامبيا.
بالنسبة لزامبيا وتشاد، قالت إنها "متفائلة بشكل حذر" بشأن التقدم في إعادة هيكلة الديون عبر مجموعة العشرين.
إن الفجوة المتزايدة بين الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة التي أشارت إليها السيدة جورجيفا وآخرون في وقت مبكر من فترة انتشار وباء كوفيد "لم تتحسن". وقالت إنه لا يوجد حتى الآن عودة إلى الاتجاه الذي استمر ثلاثة عقود، قبل الوباء، المتمثل في جهود لحاق الأسواق الناشئة بالاقتصادات الأكثر تقدمًا.
"وبينما سيولة الدولار بشكل إجمالي وفيرة، إلا أن الأمر يتعلق بالقدرة على تحمل التكاليف أكثر من توافر الدولارات في الوقت الحالي للعديد من البلدان، خاصة تلك التي شهدت انخفاض لعملاتها وسط ارتفاع التضخم"، وذلك طبقاً لتصريحاتها.
"علينا أن نصل إلى استقرار الأسعار مرة أخرى، لأننا إذا لم نفعل ذلك، فسوف تتأثر معنويات المستثمرين والمستهلكين، وتتآكل مستويات الدخل للشعوب، كما ستتأثر سلامة أساسيات النمو بشكل كبير".