سجلت أسعار السلع هبوطاً حاداً خلال الأسبوع الماضي، وتفاعلت السوق بشكل سلبي مع تجدد المخاوف المرتبطة بالنمو بعد تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، جيروم باول، الذي أشار بما لا يدع مجالاً للشك بأن الولايات المتحدة والبنوك المركزية حول العالم ستواصل رفع أسعار الفائدة لفترة طويلة بهدف كبح جماح التضخم.
ودفعت هذه التطورات أسواق الأسهم نحو تسجيل هبوط حاد، في حين وصل الدولار الأميركي إلى أعلى مستوياته خلال أعوام عدة، وارتفعت عائدات السندات مجدداً إلى أعلى مستوى لها منذ يونيو الماضي.
كما شهد العالم تجدد مخاوف النمو المرتبطة بصراع الصين طويل الأمد مع أزمة "كوفيد-19"، وسياسة الرئيس الصيني شي جين بينغ، التي تهدف للقضاء نهائياً على المرض والمتمثلة بإجراءات الإغلاق المتخذة أخيرا، وأبرزها في مدينة تشنغدو التي تضم 21 مليون نسمة.
وقال تقرير لـ"ساكسو بنك"، إن تلك التطورات أدت إلى تحول التركيز في أسواق السلع نحو مستويات الطلب، والتي قد تتراجع بفعل تباطؤ النمو الاقتصادي، وبعيداً عن توقعات انخفاض الإمدادات الخاصة بعدد من السلع الرئيسية بدءاً من الذرة والبن، ووصولاً على وقود الديزل والغاز، إضافة إلى تراجع إمدادات عدد من المعادن الرئيسية نتيجة للتحديات المتعلقة بالتعدين والإنتاج.
وشهد النمو الاقتصادي والسلع المعتمدة على الصين - مثل المعادن الصناعية والقطن - تراجعاً كبيراً، في حين ساهمت التوقعات المتعلقة باستئناف شركة غازبروم الروسية توريد إمدادات الغاز عبر خط "السيل الشمالي 1" اعتباراً من يوم السبت في خفض أسعار الغاز في القارة الأوروبية.
وانطلاقاً من ذلك، انخفضت أسعار الديزل نتيجة للتوقعات المتعلقة بتباطؤ وتيرة التحول من الغاز إلى الوقود.
وسجلت أسعار الذهب، والفضة على وجه التحديد، خسائر كبيرة نتيجة للمواقف المتفائلة والصادرة عن عدد من أعضاء مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، بينما واصلت مخاوف النمو في الصين فرض ظروف معاكسة على الاستثمار في قطاع المعادن من خلال تأثيرها على الدولار، الذي ارتفع بدوره بنسبة 11% مقابل العملات الرئيسية الأخرى خلال هذا العام، بينما شهدت عائدات سندات الخزينة الأميركية لأجل 10 سنوات الارتفاع الأكبر لها خلال عقود والتي بلغت حالياً 1.9% في عام 2022.
وتشير التوقعات إلى أن الاستثمار في المعادن سيواجه بشكل مستمر الكثير من الصعوبات حتى يصل الدولار وعائدات سندات الخزينة الأميركية إلى مرحلة الاستقرار.
وقال رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك"، أولي هانسن، إنه منذ إبداء رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، تفاؤله خلال كلمة ألقاها في ندوة جاكسون هول، التي انعقدت يوم الجمعة الماضي، تراجعت توقعات التضخم بشكل أكبر إلى أدنى مستوى لها خلال خمسة أعوام لتبلغ نسبته المتوقعة أقل من 3%.
وسجلت أسعار الفضة الانخفاض الأكبر، حيث تأثرت بتوجهات السلع الأخرى التي لا تقتصر على الذهب والدولار فحسب، وإنما (والأهم من ذلك) تشمل أيضاً توجهات المعادن الصناعية أخيرا، لاسيما النحاس.
وتشهد أسعار كلا المعدنين اليوم انخفاضاً بنسبة 24% على أساس سنوي، لتعود الفضة إلى أسعارها الموحدة السابقة والتي تتراوح بين 16.50 - 18.50 دولار.
وأدى ذلك إلى ارتفاع حاد في نسبة الذهب إلى الفضة لتسجل أعلى مستوياتها خلال عامين وتبلغ حوالي 95 (أونصة فضة لكل أونصة ذهب).
واستعادت هذه النسبة الآن أكثر من 50% من الخسائر التي شهدتها بين عامي 2020 - 2021 عندما انخفضت من 127 إلى 62، ويرتكز هذا الانتعاش بالدرجة الأولى على التطورات المتعلقة بالصين ومعدن النحاس.
ويواصل الذهب تقديم أداء جيد بالمقارنة مع باقي السلع والسندات التي تعاني من ضغوطات شديدة.
لكن لا ينطبق ذلك على الدولار، حيث انخفضت أسعار تداول الذهب مقابل الدولار (XAUUSD) بنسبة 11%. ونجح المعدن الأصفر حتى الآن بالعثور على الدعم مجدداً عند سعر 1680 دولار للأونصة.