وصلت أسعار الذهب العالمي إلى أدنى مستوياتها منذ 5 أشهر مع بداية جلسة اليوم وذلك بعد تزايد البيع على المعدن النفيس بعد محضر اجتماع البنك الفيدرالي يوم أمس الذي أشار إلى استمرار التشديد النقدي لمواجهة التضخم، بينما يحاول الذهب اليوم التعافي وتعويض جزء من خسائره.
صورة ارشيفية
تداول الذهب
يتداول الذهب الفوري اليوم الخميس وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1893 دولار للأونصة مسجلاً ارتفاع بنسبة 0.2% وذلك بعد أن سجل أدنى مستوى منذ شهر مارس الماضي عند 1889 دولار للأونصة.
منذ بداية الأسبوع انخفضت أسعار الذهب بنسبة 0.9% لتستقر التداولات الآن تحت المستوى 1900 دولار للأونصة، وهو ما يضع أهداف هابطة جديدة بالنسبة للذهب بالقرب من مستويات 1850 دولار للأونصة في حالة فشل الذهب في التعافي والعودة للاستقرار فوق المستوى 1900 دولار للأونصة.
واجهت أسعار الذهب عمليات بيع قوية يوم أمس عقب صدور محضر اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي والذي أظهر تحيز لأعضاء البنك تجاه استمرار تشديد السياسة النقدية، وجاء قرار رفع الفائدة الأخير بمقدار 25 نقطة أساس لتصل الفائدة إلى نطاق 5.25% - 5.50% بأغلبية الأعضاء بينما فضل عدد قليل من الأعضاء تثبيت الفائدة.
إمكانية اللجوء إلى رفع جديد في أسعار الفائدة
مرونة الاقتصاد الأمريكي وتقبله لقرارات رفع الفائدة بشكل جيد ساهم في استمرار التضخم في التماسك وعدم استجابته القوية للسياسة النقدية للبنك الفيدرالي، وهو ما دفع أعضاء البنك إلى المطالبة باستمرار التشديد وإمكانية اللجوء إلى رفع جديد في أسعار الفائدة، وفق جولد بيليون.
بينما ظهر في محضر الاجتماع أيضاً مخاوف بعض الأعضاء من أن الاستمرار في سياسة التشديد النقدي قد تدفع بأسعار الفائدة لمستويات قد تمثل خطورة على الاقتصاد، وهو ما يضعف الفيدرالي في مرحلة محاول تحقيق التوازن بين الاستمرار في التشديد وبين الاكتفاء ومراقبة التطورات.
بشكل عام التوقعات الآن تشير أن اجتماع البنك في سبتمبر القادم لن يشهد رفع جديد في أسعار الفائدة، ولكن يظل الاحتمال قائم أن يلجأ الفيدرالي لرفع أخير للفائدة قبل نهاية العام وإن كانت احتماله ضعيف، ولكن المؤكد أن معدلات الفائدة ستستقر عند أعلى مستوياتها لفترة طويلة من الوقت قد تصل إلى منتصف عام 2024 وفقاً للتوقعات الأخيرة.
صورة ارشيفية
محضر اجتماع الفيدرالي
كان لمحضر اجتماع الفيدرالي تأثير إيجابي كبير على مستويات الدولار الأمريكي الذي ارتفع يوم أمس لأعلى مستوى منذ منتصف شهر يونيو الماضي وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، حيث ارتفع المؤشر يوم أمس بنسبة 0.2% واليوم افتتح الجلسة على ارتفاع بنسبة 0.1% وسجل أعلى مستوياته قبل أن يبدأ في التراجع.
أما عن العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات فقد ارتفع ليسجل أعلى مستوياته منذ 10 أشهر عند المستوى 4.316%، بسبب استمرار التوقعات بالحفاظ على معدلات الفائدة عند أعلى مستوياتها لفترة أطول من الوقت.
الارتفاع القياسي في عوائد السندات الأمريكية زاد من الضغط السلبي على الذهب بسبب تكلفة الفرصة البديلة منذ كون الذهب استثمار لا يقدم عائد لحائزيه في الوقت الذي تشهد عوائد السندات مستويات قياسية، هذا بالإضافة إلى قوة الدولار الأمريكي التي تجبر أسعار الذهب على التراجع منذ كون المعدن النفيس سلعة تسعر بالدولار.
نظرة البنك الفيدرالي لنمو الاقتصاد الأمريكي تتغير والذهب يفقد فرصة جديدة
البيانات الاقتصادية الأفضل من التوقعات التي صدرت مؤخراً عن الاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى اعتدال سوق العمالة في الولايات المتحدة ساعدت توقعات البنك الفيدرالي أن تتغير بالنسبة لمستقبل النمو الاقتصادي.
الآن يرى البنك أن الاقتصاد الأمريكي قادر على تجنب الركود الاقتصادي حتى انتهاء دورة التشديد النقدي، ويرى الأعضاء أنه لن يشهد هبوط عنيف في النمو، بلى بدأت التوقعات تتغير حالياً بإمكانية الاقتصاد الأمريكي أن يشهد نمو ولكن أقل من المستهدف.
تعد هذه الأخبار والتوقعات سلبية بالطبع بالنسبة للذهب الذي يلعب دور الملاذ الآمن في أوقات الأزمات والركود الاقتصادي، وهو الدور الذي سيتخلى عنه بعد أن تراجعت توقعات الركود بالنسبة للاقتصاد الأمريكي.
يظهر هذا بوضوح على سلوك المستثمرين خلال الفترة الأخيرة التي شهدت تخلي عن ضخ المزيد من الاستثمارات في أسواق الذهب سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى خروج استثمارات كبيرة من سوق الأسهم ولكن كانت لصالح أسواق السندات وليس الذهب.
أكبر صندوق استثماري مدعوم بالذهب في العالم وهو صندوق SPDR شهد تراجع في حيازاته من الذهب لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ يناير 2020، كما لم يتم الإبلاغ عن أي تدفقات داخلة للصندوق منذ أواخر شهر يوليو الماضي.
تقرير مجلس الذهب العالمي الأخير أظهر خروج استثمارات بقيمة 2.3 مليار دولار لتتراجع حيازة صناديق الاستثمار من الذهب بمقدار 34 طن خلال شهر يوليو الماضي، ليمثل هذا الشهر الرابع على التوالي من خروج التدفقات النقدية خارج صناديق الاستثمار وفقاً لتقرير مجلس الذهب العالمي.
منذ بداية العام وحتى نهاية شهر يوليو خرجت استثمارات من الصناديق بمقدار 4.9 مليار دولار ما يقدر بـ 84 طن ذهب، ولكن مرونة أسعار الذهب خلال هذا العام ساعدت على ارتفاع الأصول المدارة في الصناديق بنسبة 2% لتصل إلى 215 مليار دولار، وفق جولد بيليون
أيضاً أسهم شركات الذهب والتعدين تشهد عمليات بيع مفتوحة فقد انخفض سهم شركة نيومونت المتداول في بورصة نيويورك والتي تعد مصنفة أكبر شركة للذهب والتعدين في العالم وسجل أدنى مستوياته منذ نهاية شهر أكتوبر من عام 2022.
استمرت عمليات البيع المفتوح على سهم شركة نيومونت منذ 5 أسابيع متتالية، وسجل السهم انخفاض بنسبة 9% منذ بداية شهر أغسطس وحتى الآن.
أسعار الذهب في مصر
تشهد أسعار الذهب المحلي حالياً تذبذب في التحركات ولكن يصاحبه تحركات كبيرة في ظل استمرار السوق في محاولة استعادة التوازن بعد اختفاء الطلب الكبير المفاجئ الذي ظهر في الأسواق منذ نهاية الأسبوع الماضي.
سجل سعر الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً اليوم الخميس 2255 جنيه للجرام وقت كتابة التقرير بعد أن افتتح جلسة اليوم عند 2260 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب 18040 جنيه.
شهدت جلسة الأمس تحركات كبيرة في أسعار الذهب فقد افتتح الجلسة عند المستوى 2250 جنيه للجرام لينخفض مسجلاً أدنى مستوى عند 2230 جنيه للجرام قبل أن يعود إلى الارتفاع وصولاً إلى المستوى 2260 جنيه للجرام وهو أعلى مستوى تم تسجيله خلال جلسة الأمس قبل أن تغلق عند المستوى 2255 جنيه للأونصة، حسب تحليل جولد بيليون.
الأسواق المحلية تشهد حالة من عدم الاستقرار حالياً بسبب الاشاعات والتوقعات أن البنك المركزي المصري قد يلجأ إلى خفض جديد في سعر صرف الجنيه أو حدوث تعويم كامل، وهو الأمر الذي يزيد من الترقب في الأسواق.
الذهب يعد الملاذ الآمن ومخزن القيمة الأهم في الأسواق المالية وبالتالي قد يعود الطلب إلى التزايد على الذهب مع توقعات تعويم الجنيه المتزايدة، ولكن تراجع مستويات السيولة النقدية لدى المشاركين في الأسواق تؤدي إلى التذبذب الحالي في الأسعار.
وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أصدرت توقعات بانخفاض الجنيه المصري مقابل الدولار إلى مستويات 37 جنيه لكل دولار من مستويات الحالية عند 30.95 جنيه لكل دولار، وذلك بحلول نهاية العام.
وقد يسبق هذا تعديل آخر في سعر الصرف في الفترة من سبتمبر إلى أكتوبر وهي نفس فترة مراجعة صندوق النقد الدولي، وترى المؤسسة أنه في حال عمل الحكومة على خفض التضخم تدريجياً والانتقال لسعر صرف مرن سيكون عليها اللجوء إلى خفض سعر صرف عملتها.
توقعت مؤسسة ستاندرد آند بورز أيضاً تسارع معدلات التضخم السنوي ليصل إلى 39% نهاية العام من مستوياته الحالية 36.5% وبذلك يصل متوسط التضخم في مصر هذا العام عند 35% ومتوقع أن ينخفض إلى 20% في العام المقبل.
يذكر ان البنك المركزي المصري قد توقع خلال اجتماعه الأخير ارتفاع التضخم لذروته في النصف الثاني من 2023 قبل أن يبدأ في التراجع التدريجي.
كما ترى المؤسسة العالمية أن البنك المركزي المصري يحتاج لرفع الفائدة 5% هذا العام وقد قام بالفعل برفع الفائدة 3% حتى الآن ومتوقع أن يقوم برفع الفائدة 1% في سبتمبر القادم و1% أخرى في نوفمبر. ليصل إجمالي الفائدة إلى 21.25%.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
استمرت أسعار الذهب الفورية في الهبوط يوم أمس لتتوغل في منطقة الدعم من 1900 – 1880 دولار للأونصة، لتتوقف فوق المستوى 1890 دولار للأونصة بعد أن أغلق السعر تحت المتوسط المتحرك لـ 200 يوم عند 1907 دولار للأونصة لجلستين متتاليتين.
هناك تشبع كبير في البيع على المؤشرات الفنية اليومية وهو ما قد يدفع السعر إلى تصحيح عرضي لتعديل المؤشرات أو التعافي لأعلى مستهدفاً المستوى 1900 دولار للأونصة ومن بعده مناطق المستوى 1910 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً نجد أن سعر جرام الذهب عيار 21 يشهد تحرك تذبذب في نطاق واسع بين صعود وهبوط حول المستوى 2250 جنيه للجرام.
وتظل مستهدفات الذهب هابطة حالياً عند 2200 جنيه للجرام وبعدها 2175 جنيه للجرام في حالة استمرار الهبوط في السيطرة على التحركات، بينما استكمال الارتفاع يعيد الذهب إلى استهداف 2300 جنيه للجرام وبعدها 2350 جنيه للجرام.