أكد د. محمد معيط وزير المالية، أن مصر تنعم بفرصٍ واعدة تكمن في مواردها الطبيعية وثرواتها البشرية وموقعها الجغرافي الاستراتيجي المتفرد، ما يُؤهلها بأن تُصبح مركزًا عالميًا للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات لمختلف دول العالم خاصة الأفريقية والأوروبية.
وقال وزير المالية، في كلمته خلال فاعليات المؤتمر الاقتصادي السنوي الخامس لصحيفة «حابي»، الذي ينعقد تحت عنوان: «استثمار الطاقات الكامنة»، إنه يُمكن للقطاع الخاص استكشاف هذه الفرص التى تتمتع بمزايا تنافسية وتفضيلية، ومقومات محفزة للاستثمار فى قطاعات باتت محل اهتمام دولي، والعمل الجاد على حُسن إدارة هذه الفرص، واستثمارها، وتنميتها، وتعظيم الاستفادة منها باعتبار ذلك أحد الروافد المؤثرة، التى تدعمها الدولة فى صياغة مسار اقتصادي أكثر ديناميكية، يعتمد هيكل نموه على الإنتاج والتصدير بينما تتداعى الأزمات العالمية، وتنسج خيوطها العنكبوتية على الاقتصادات الناشئة فى تشابكات بالغة التعقيد.
ارتفاع تكلفة التمويل نتيجة لزيادة أسعار الفائدة
أضاف، أن كل الدول النامية تُعاني من هذا المشهد المضطرب، الذي ينعكس في ارتفاع تكلفة التمويل نتيجة لزيادة أسعار الفائدة، وغلاء السلع والخدمات على نحو غير مسبوق، مشيرًا إلى إنه فى هذه الأجواء المفعمة بالتحديات الداخلية والخارجية، تأثرًا بتوترات جيوسياسية، تمثل تهديدًا للأمن القومي بمفهومه الشامل والمتكامل، تنشط مدارات البحث الذاتي عن سبل وآليات تلبية أكبر قدر ممكن من الاحتياجات الأساسية للمواطنين محليًا؛ من أجل تقليص فاتورة الاستيراد.
ولفت د. معيط، إلى أن الرهان الأكبر فى ظل هذه التداعيات يقع على القطاع الخاص، وأن الحكومة تحرص على تحفيز الإنتاج بخطى متسارعة؛ لتغطية الطلب المحلي، وتصدير الفائض للخارج؛ وذلك باستهداف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة؛ ليعمل الشركاء الدوليون مع مجتمع الأعمال المحلي فى شراكات إنمائية، عابرة للحدود تنطلق آفاقها من الأولويات المشتركة؛ من أجل المستهدفات الاقتصادية والتنموية.
وأوضح أنه في هذا المضمار، يشهد دولة رئيس الوزراء، اليوم الأربعاء، مراسم التوقيع على عقود إحدى الصفقات المهمة بين الحكومة والقطاع الخاص ضمن برنامج الطروحات؛ تنفيذًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة، سوف يتم إعلان خطة الطرح فى الفترة المقبلة، التى تفتح افاقًا رحبة لتعظيم مساهمات القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، مؤكدًا أن مشروعات المشاركة مع القطاع الخاص تعد أحد المسارات المهمة الهادفة لتمكين القطاع الخاص، التي تحظى بإقبال قوي ودعم كبير من شركاء التنمية والمؤسسات الدولية وجهات التمويل أيضًا، نتيجة لخبرات الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية في التعامل مع التحديات والخروج بهيكلة متطورة للمشروعات، وعقود متوازنة وجاذبة للمستثمرين وجهات التمويل.
وذكر وزير المالية، أن نجاح تجربة مشروعات المشاركة تجسد فى تنافس العديد من التحالفات العالمية على المرحلة الأولى من محطات تحلية المياه، وغيرها من مشروعات الموانئ الجافة والأرصفة البحرية، ومدارس اللغات بنظام «المشاركة مع القطاع الخاص»، والمدارس الفنية الدولية، فضلًا على المشروعات التى يجرى الإعداد لطرحها خلال الفترة المقبلة في قطاعات الكهرباء، والمياه، ومحطات الصرف الصحى والصرف الصناعي، وأسواق الجملة، والمستشفيات، موضحًا أنه يجرى حاليًا بالتعاون مع البنك الدولي وضع القواعد الإرشادية والآليات الخاصة بتحويل مشروعات المشاركة إلى الاقتصاد الأخضر بحيث تتوافق مع متطلبات التمويل الأخضر؛ اتساقًا مع جهود الدولة لخفض تكلفة التمويل.
حزم تحفيزية للإنتاج والتصنيع المحلي والتصدير
وأشار إلى أن الحكومة تحرص على تقديم حزم تحفيزية للإنتاج والتصنيع المحلى والتصدير.. تشمل اتخاذ إجراءات إعفاء المشروعات الصناعية الاستراتيجية من بعض أنواع الضرائب لمدة خمس سنوات مع إمكانية استعادة نسبة من قيمة الأرض والتكاليف الاستثمارية تصل إلى 50% بشرط تنفيذ المشروع في نصف المدة المحددة، فضلاً على استحداث نظام «مقاصة» بين مستحقات المستثمرين، وما عليهم من أعباء ضريبية أو غيرها لصالح الجهات الحكومية، مع وضع حد زمني 45 يومًا يضمن سرعة رد ضريبة القيمة المضافة، مشيرا إلى أنه تم إسقاط ضريبة القيمة المضافة غير المسددة على الآلات والمعدات الوارة من الخارج لاستخدامها في الإنتاج الصناعى فور بدء الإنتاج، فضلًا عما تضمنه قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر من حوافز ضريبية وغير ضريبية تشمل أنظمة ضريبية مبسطة في شكل مبلغ مالي ضريبي مقطوع أو نسبة صغيرة جدًا من الإيراد حسب الأحوال دون الحاجة لإمساك دفاتر وسجلات وعدم الخضوع للفحص لمدة 5 سنوات على الأقل.
وكشف د. معيط، أن الحكومة تواصل مسيرتها المحفزة للقطاع التصديرى، رغم كل التحديات، وقد تم صرف نحو 54 مليار جنيه للشركات المصدرة منذء بدء تنفيذ مبادرات سداد المستحقات المتأخرة للمصدرين فى أكتوبر 2019.
وفي ذات السياق، تم إقرار إعفاء جمركي لمعظم أجزاء ومكونات أجهزة التليفون المحمول، وخفض الضريبة الجمركية على البعض الآخر بحيث لا تتجاوز 2% بعدما كانت تصل من قبل إلى 20 أو 30% وذلك لتشجيع صناعته محليًا.. وإلغاء رسم التنمية على أجزاء ومكونات والمنتج النهائي من التليفون المحمول المصنوع فى مصر.
وشدد علي أن هذه الاجراءات والمبادرات التى تتخذها الدولة تهدف إلى إفساح المجال للقطاع الخاص لكى يعمل وينتج ويُصدِّر ويسهم فى تعزيز بنية الاقتصاد الكلى، مؤكدا أن مصر توجهت في الآونة الأخيرة نحو استخدام أدوات التمويل البديل، لإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة ارتفاع تكاليف التمويل في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية، من أبرزها: «التمويل الأخضر» الذي أصبح توجهًا عالميًا؛ نظرًا للتحديات البيئية المتزايدة، وفى الوقت نفسه أصبح محط اهتمام العديد من المستثمرين الذين يرغبون في دعم المشاريع البيئية المستدامة، وان مصر نجحت فى إصدار أول «سند أخضر» بقيمة 750 مليون دولار، وإصدار سندات «باندا» مستدامة بسوق المال الصينية، بقيمة 3.5 مليار يوان، وسندات «ساموراى» للمرة الثانية بقيمة ٧٥ مليار ين ياباني؛ لتمويل الاستثمارات الصديقة للبيئة، إضافة إلى تأمين تمويل بحوالي 1.5 مليار دولار من البنوك متعددة الأطراف للتنمية والمؤسسات العالمية، على نحو يعزز التزام مصر بمستهدفات مكافحة تغير المناخ.
واختتم وزير المالية، بتوجيه الدعوة لرواد القطاع الخاص المحلي والأجنبي، للاستفادة مما تطرحه الدولة من مزايا نقدية وحوافز ضريبية وجمركية وغيرها وإجراءات ميسرة، في دعم المسيرة التنموية للجمهورية الجديدة، مؤكدًا أن مصر برواد القطاع الخاص ومعهم تستطيع تجاوز أي تحديات وتحقيق الغايات الوطنية للمستهدفات الاقتصادية والاستراتيجية.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
