شهدت الديون الخارجية لمصر تراجعًا ملحوظًا خلال العام الجاري، في ظل التحديات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الاقتصادات النامية، حيث يعتبر هذا الانخفاض مؤشرًا إيجابيًا على قدرة مصر على تحسين سياساتها الاقتصادية، لكنه أيضًا نتيجة لعدة عوامل متداخلة تتعلق بالسياسات المحلية والدولية، وكذلك بالتغيرات في أسواق المال العالمية.
تراجع الديون الخارجية لمصر
ومن جانبه، قال ياسين أحمد، الخبير الاقتصادي، إن أسباب تراجع الديون الخارجية لمصر، ترجع إلى سياسات تقشفية وإصلاحات اقتصادية صارمة، حيث اتخذت الحكومة المصرية خطوات جادة لتحقيق استقرار اقتصادي أكبر، من خلال سياسات تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي وزيادة الاعتماد على الموارد المحلية، وشملت هذه السياسات تخفيض النفقات وزيادة الإيرادات من خلال الضرائب والإصلاحات الهيكلية.
تهيئة مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال
وأضاف أحمد في تصريحات خاصة لـ « أهل مصر»، أن الدولة المصرية عززت مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية، من خلال تهيئة بيئة تشريعية وبنية تحتية أكثر ملاءمة، حيث إن هذه الخطوات دفعت عجلة الاقتصاد، وساهمت في تخفيف الضغط على التمويل الخارجي، إضافة إلى أن الاحتياطي النقدي الأجنبي تَحسن بفضل زيادة عائدات السياحة، وتدفق التحويلات المالية من المصريين في الخارج، حيث شهد الاحتياطي النقدي ارتفاعًا ملحوظًا، مما سمح لمصر بسداد جزء من ديونها الخارجية، وتقليل الاعتماد على القروض الدولية.
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن تراجع أسعار الفائدة العالمية، أدت إلى السياسات النقدية في بعض الاقتصادات الكبرى إلى تخفيض أسعار الفائدة، مما ساعد الدول النامية، مثل مصر في سداد ديونها الخارجية، وتحويل استثماراتها إلى قطاعات أخرى تدعم الاقتصاد المحلي، إضافة إلى اتفاقيات إعادة الجدولة مع الدائنين الدوليين، حيث أبرمت مصر اتفاقيات إعادة هيكلة لبعض ديونها الخارجية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ومؤسسات مالية دولية أخرى، مما ساهم في تقليل عبء الدين وسداد جزء منه بشكل تدريجي.
استقرار الدين الخارجي يتطلب توجيه الاستثمارات إلى مشاريع طويلة الأمد
وأكد، أنه على الرغم من هذا التراجع، تواجه مصر تحديات مستمرة تتعلق بضرورة المحافظة على استقرار الدين الخارجي، والعمل على تحسين معدل النمو الاقتصادي ليتمكن من تلبية الاحتياجات المالية المستقبلية دون العودة للديون الخارجية، كما يتطلب الوضع الحالي توجيه الاستثمارات إلى مشاريع طويلة الأمد تدعم التنمية المستدامة، مثل قطاعات الطاقة والصناعة والسياحة.
جدير بالذكر، تراجع الدين الخارجي لمصر بنحو 15.149 مليار دولار بنسبة 9.9% خلال النصف الأول من العام الجاري- يناير إلى يونيو- مقارنة بنهاية ديسمبر الماضي)، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.