تعتبر زيارة كريستينا جورجييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي إلى مصر محطة مهمة في سياق الدعم الدولي للاقتصاد المصري، وتأتي هذه الزيارة في وقت هام تشهد فيه البلاد تحديات اقتصادية كبيرة تتراوح بين ارتفاع معدلات التضخم وتقلبات السوق العالمية، وتسعى من خلال هذه الزيارة إلى تقييم الوضع الاقتصادي المصري عن قرب، واستكشاف تأثير المتغيرات الإقليمية والدولية على الأداء الاقتصادي، لدعم التزام صندوق النقد الدولي بدعم جهود مصر نحو تحقيق الاستقرار والنمو المستدام.
وأكدت كريستالينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، أن تعديل الرسوم الأساسية والإضافية الخاصة ببرامج وقروض الصندوق سيحقق لمصر وفرًا يصل إلى 800 مليون دولار حتى عام 2030، موضحه أنها ستزور القاهرة لتفقد الوضع الاقتصادي عن كثب، مشيرة إلى أهمية مراجعة المتغيرات التي قد تستدعي تصحيحًا على مستوى البرنامج الإصلاحي، مؤكده أن تنفيذ الإصلاحات في أقرب وقت ممكن سيكون له أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي في البلاد، مشيرة إلى أن التوترات الجيوسياسية في المنطقة تؤثر سلبًا على إيرادات قناة السويس، حيث تقدر الخسارة بحوالي 70%، وهو ما يُعد فقدانًا هائلًا لموارد مصر المالية.
دعم الاقتصاد
من جانبه قال د. أحمد القزاز الخبير الاقتصادي، إن تعديل الرسوم على قروض صندوق النقد الدولي يمثل خطوة إيجابية لدعم الاقتصاد المصري في ظل الظروف الحالية.
وأشار إلي أن توفير 800 مليون دولار يمكن أن يساعد الحكومة في تنفيذ برامجها الإصلاحية وتحقيق استقرار مالي أكبر. من المهم أن نستفيد من هذه الفرصة لتعزيز الاستثمارات في البنية التحتية.
وأوضح أن تقديم حزمة تخفيض الرسوم قد يسهم في تخفيف العبء المالي على الدولة، ما يسمح لها بتحسين خدماتها العامة، ونتطلع أن تأتي زيارة مدير عام صندوق النقد الدولي، إلى مصر بتوصيات عملية لدفع عملية الإصلاح الاقتصادي.
من ناحية أخري قال د. فوزي الشناوي أستاذ الاقتصاد، إن التوترات الجيوسياسية لها تأثير واضح على الإيرادات، خصوصًا من قناة السويس، وخفض الرسوم يساعد مصر على مواجهة هذه التحديات من خلال تقليل تكاليف الاقتراض.
وأوضح أن تعديل رسوم القروض يمكن أن يعزز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، ويوفر 800 مليوم دولار سنويًا يعد بمثابة فرصة لتعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر محركًا رئيسيًا للنمو، مشيرا إلي أن هذه الخطوات التي يتخذها صندوق النقد الدولي لدعم مصر مهمة جدًا، لكن يجب أن تركز الحكومة أيضًا على تعزيز الشفافية والمساءلة في استخدام هذه الموارد، ونجاح الإصلاحات يعتمد بشكل كبير على كيفية توجيه هذه الأموال نحو مشاريع تسهم في التنمية المستدامة.
مواجهة التوترات الجيوسياسية
من جانبه، صرح جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، بأن الوضع الاقتصادي لمصر يمكنها من مواجهة التوترات الجيوسياسية الحالية، مؤكداً أن البرنامج الحالي للصندوق قد تم رفع قيمته من 3 إلى 8 مليارات دولار في أبريل الماضي، وذلك بهدف تعزيز قدرة البلاد على مواجهة التحديات.
وأوضح أن المؤشرات الاقتصادية تشهد تحسنًا ملحوظًا، حيث من المتوقع أن يتسارع النمو العام المقبل بينما يتباطأ التضخم، رغم الأثر السلبى لتحرير أسعار الصرف، مضيفاً أن الهدف من البرنامج هو تمكين مصر من تعبئة موارد إضافية، حيث تمكنت البلاد من جمع 34 مليار دولار من شركاء دوليين، بما في ذلك الإمارات.
ويمثل تعديل رسوم قروض صندوق النقد الدولي خطوة استراتيجية لدعم الاقتصاد المصري في وقت حرج، ويعكس المرونة في التعامل مع التحديات الاقتصادية الراهنة، مع وجود الدعم العربي والدولي، تبدو مصر في موقعٍ يمكنها من التعافي والنمو في السنوات القادمة، شريطة استمرارية الإصلاحات الاقتصادية اللازمة.
اقتصادات الدول العربية
وأكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية السابق، والمدير التنفيذي وعضو مجلس المديرين التنفيذيين ممثل المجموعة العربية والمالديف بصندوق النقد الدولي على أهمية العمل على دعم اقتصادات الدول العربية من خلال سياسات مالية ونقدية متسقة، مع التركيز على معالجة مشاكل الديون المتزايدة في الدول النامية، لتوفير المساحات المالية اللازمة للتنمية.
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد قد وافق في مراجعته لسياسة رسوم القروض قبل أسبوعين، على حزمة من الإجراءات تتضمن خفض تكاليف اقتراض أعضائه بنسبة 36%، أو نحو 1.2 مليار دولار سنويًا، وبنحو 6 مليارات دولار على 5 سنوات.