عقدت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، لقاءات مع الحكومة المصرية والقيادة السياسية لمناقشة برنامج التمويل المبرم بين مصر والصندوق، وتم التأكيد على دعم صندوق النقد لاستقرار وتنمية مصر الاقتصادية، مع بدء المراجعة الرابعة للبرنامج يوم الثلاثاء الماضي، بهدف متابعة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
جاءت المراجعة في إطار الاتفاق الذي تم في أبريل 2023 لزيادة القرض من 3 إلى 8 مليارات دولار لدعم الاقتصاد المصري في مواجهة أزماته، وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية مثل ارتفاع التضخم والضغوط المالية، أشادت غورغييفا بالإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها مصر، متوقعة نمواً بنسبة 4.2% في 2025، وتراجعاً في التضخم إلى حوالي 16-17% بحلول نهاية السنة المالية.
المراجعة والتحديات الاقتصادية
منذ توقيع الاتفاق، مرّ الاقتصاد المصري بتحديات إضافية، أبرزها ارتفاع التضخم والضغوط على الموازنة العامة، ففي سبتمبر الماضي، كان من المقرر أن يُجري صندوق النقد الدولي مراجعة جديدة للبرنامج، لكن تم تأجيلها، مما أخر حصول مصر على شريحة جديدة من القرض بقيمة 1.2 مليار دولار، هذه الشريحة كان من المتوقع أن تساهم في دعم احتياطيات مصر من العملات الأجنبية التي تأثرت بشكل كبير جراء الأزمات العالمية والإقليمية.
من جانبه قال وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن المراجعة الرابعة لصندوق النقد الدولي لبرنامج مصر تعكس تطورًا إيجابيًا في الأداء الاقتصادي المصري في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي والمحلي، مؤكداً أن تواجد مديرة صندوق النقد الدولي في مصر يعكس اعترافًا بتجاوز الحكومة المصرية للأزمة الاقتصادية التي مرت بها مؤخرًا، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية استطاعت الحفاظ على استقرار اقتصادها في ظل الظروف الصعبة.
وأوضح في بيان، أن الهدف من زيارة وفد صندوق النقد إلى مصر هو تقييم المؤشرات الاقتصادية المحلية والتعرف على الوضع الاقتصادي في ظل التغيرات الإقليمية والعالمية، وهو ما يعكس رغبة الصندوق في التأكد من أن الإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها كانت فعالة وأن الاقتصاد المصري يقترب من الاستقرار ويصبح أكثر مرونة وقوة في مواجهة الصدمات المستقبلية.
وقال النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أنه في ضوء التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، وبالنظر إلى تأثير الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، مثل التطورات في غزة ولبنان والتوترات بين إسرائيل وإيران، فإن الاقتصاد المصري قد واجه ظروفًا صعبة، ومع ذلك، استطاعت مصر تحقيق مؤشرات مالية مطمئنة، مما يعكس قدرة الدولة على التكيف مع هذه الأزمات.
وأكد أن مصر قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية، بل ويمكنها التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتمديد تنفيذ بعض البنود في ضوء هذه التحديات غير المتوقعة.
توصيات في انتظار الموافقة
وكشفت مصادر مطلعة أنه من المتوقع أن تخرج المراجعة بتوصيات قد تتضمن إعادة النظر في بعض بنود البرنامج لتخفيف الأعباء عن المواطنين، دون المساس بطبيعة تمويل البرنامج، كما سيتم تقييم توجيه بعض البرامج الزمنية والهدف المستقبلي للبرنامج بشكل يتناسب مع الظروف الحالية.
وأكدت المصادر أن الحكومة تأجيل بعض النقاط في البرنامج، وهو ما سيُعرض على مجلس إدارة صندوق النقد في واشنطن لموافقته، فالحكومة نعمل على ضمان أن يتماشى برنامج الإصلاح مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية، بما يعزز القدرة على تخفيف الأعباء المعيشية على المواطنين ويحسن مستوى الحياة بشكل عام.
أشادت غورغييفا بالإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة المصرية، مشيرة إلى أن صندوق النقد الدولي يقدر التزام القاهرة بإجراء التغييرات الهيكلية اللازمة لتحقيق استقرار طويل الأمد. وقالت: 'الإصلاحات التي تم تنفيذها، مثل التحول إلى نظام سعر صرف مرن وزيادة دور القطاع الخاص، تمثل خطوات مهمة نحو تحقيق النمو المستدام.'
تقديرات نمو وتضخم إيجابية
فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي الحالي، أوضحت غورغييفا أن الاقتصاد المصري يظهر إشارات تحسن، رغم التحديات التي يواجهها. وقالت: 'النمو الاقتصادي في مصر آخذ في الارتفاع. نحن نتوقع أن يصل النمو إلى 4.2% في السنة المالية 2025، مقارنة بـ 2.4% في العام الماضي.'
أما بالنسبة للتضخم، الذي يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه المصريين، فقد أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أن التضخم في مصر بدأ في التراجع بعد أن بلغ ذروته عند 37% في العام الماضي، حيث يتراوح حالياً بين 25-26%، ومن المتوقع أن ينخفض إلى حوالي 16-17% بحلول نهاية السنة المالية 2024-2025.
أكدت غورغييفا على التزام صندوق النقد الدولي بدعم استقرار مصر الاقتصادي والتنمية المستدامة، وقالت: 'نحن هنا اليوم لدعم استقرار وتنمية أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان، ونحن نقدر بشدة شراكتنا مع مصر في هذا السياق'.
وأضافت أن أن فريق العمل من الصندوق يتعاون مع البنك المركزي المصري والوزارات المعنية بشأن المراجعة الرابعة من برنامج الإصلاح الاقتصادي، وذلك في سياق الاتفاق الذي تم توقيعه بين القاهرة والصندوق في أبريل 2023، والذي تم بموجبه زيادة حجم القرض من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار لمساعدة مصر في التعامل مع أزمتها المالية الراهنة.
توجيهات القيادة السياسية
من جانبه، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي على أهمية تخفيف الأعباء عن المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، مشيراً إلى خسائر في إيرادات قناة السويس بسبب الأزمات الإقليمية.