جمود اقتصادي يضرب منطقة اليورو والركود يهاجم ألمانيا وفرنسا.. تقرير

منطقة اليورو
منطقة اليورو

خالف نمو اقتصاد منطقة اليورو لتوقعات المحللين الذين توقعوا نمواً بنسبة 0.1%، إذ تعرضت منطقة اليورو لحالة من الجمود الاقتصادي في الربع الأخير من عام 2024، ولم يسجل الناتج المحلي الإجمالي أي تغيير مقارنة بالربع السابق، وفقاً لبيانات 'يوروستات' (Eurostat).

جاء ذلك مخالفاً لتوقعات المحللين الذين توقعوا نمواً بنسبة 0.1%، في حين سجلت ألمانيا انكماشاً بنسبة 0.2%، وفرنسا بنسبة 0.1%. وعلى مدار العام بأكمله، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 0.7%.

التحديات الاقتصادية والاضطرابات السياسية

تعاني منطقة اليورو من صعوبات في تحفيز النمو، حيث تسببت أزمة التصنيع في ألمانيا في فرض ضغوط إضافية على الاقتصاد، بينما تأثرت ثقة الأسواق والمستهلكين بتصاعد التوترات السياسية. كما زادت المخاوف مع تهديد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بفرض إجراءات تجارية عقابية، ما ألقى بظلاله على مناخ الاستثمار الأوروبي. أما إيطاليا والنمسا، فلم تشهدا أي نمو يُذكر خلال هذه الفترة.

البنك المركزي الأوروبي يخفض الفائدة وسط ضغوط التضخم

في محاولة لدعم الاقتصاد، قام البنك المركزي الأوروبي، ومقره فرانكفورت، بخفض أسعار الفائدة على الودائع بمقدار 25 نقطة أساس، لتصل إلى 2.75%. لكن مع استمرار الضغوط التضخمية، يراقب صناع السياسة النقدية اتجاه الأسعار عن كثب. وأظهرت بيانات منفصلة ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في إسبانيا بنسبة 2.9% خلال يناير، متجاوزاً توقعات المحللين.

قبيل قرار البنك المركزي، زاد المستثمرون رهاناتهم على مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، حيث سعّرت الأسواق احتمالية تيسير نقدي بمقدار 94 نقطة أساس بحلول نهاية العام، مقابل 89 نقطة أساس في اليوم السابق. وتشير هذه التوقعات إلى ثلاث تخفيضات مؤكدة بمقدار ربع نقطة مئوية، مع احتمال 80% لإجراء خفض رابع.

على مستوى الأسواق المالية، واصلت أسعار السندات ارتفاعها، ما أدى إلى انخفاض العائد على السندات الحكومية الألمانية لأجل 10 سنوات بمقدار 6 نقاط أساس إلى 2.53%. في الوقت نفسه، تراجع سعر صرف اليورو بنسبة 0.2% مقابل الدولار، ليصل إلى 1.04 دولار، وهو أدنى مستوى له خلال اليوم.

ألمانيا.. أزمة سياسية تزيد من الضغوط الاقتصادية

في ألمانيا، تعززت المخاوف الاقتصادية في ظل اقتراب موعد الانتخابات المبكرة المقررة في 23 فبراير، والتي قد تسفر عن تغيير سياسي كبير. تشير التوقعات إلى إمكانية فوز فريدريش ميرتس، زعيم التكتل المحافظ (CDU/CSU)، وإطاحة المستشار الحالي أولاف شولتس. يتعهد ميرتس بإصلاحات اقتصادية تشمل خفض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية، لكن المحللين يشككون في قدرة هذه الإجراءات على إخراج الاقتصاد الألماني من حالة الركود.

وفي مؤشر على التحديات التي تواجهها الشركات، أعلنت شركة 'كونتيننتال' (Continental) لصناعة الإطارات والمكونات عن صعوبات متوقعة في زيادة مبيعات وحدتها الخاصة بالسيارات خلال 2025، نتيجة 'بيئة السوق الحافلة بالتحديات'. كما تخطط الشركة لخفض التكاليف في محاولة لتعزيز الأرباح.

سجلت ألمانيا انكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي للعام الثاني على التوالي في 2024، كما خفضت الحكومة الألمانية توقعاتها للنمو في 2025 إلى 0.3% فقط، مقارنةً بالتقدير السابق البالغ 1.1%.

فرنسا تواجه أزمة موازنة وركود اقتصادي

في فرنسا، تفاقمت الأزمة الاقتصادية نتيجة تراجع الإنفاق الاستهلاكي وركود الاستثمار التجاري. ورغم توقعات المحللين بالجمود الاقتصادي، إلا أن تأثير 'أولمبياد باريس' الذي عزز النمو الصيف الماضي تلاشى بسرعة، ما أدى إلى تراجع النشاط الاقتصادي.

وتواجه الحكومة الفرنسية تحديات مالية كبيرة، حيث ارتفع عجز الموازنة إلى حوالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، مدفوعاً بانخفاض الإيرادات الضريبية وتباطؤ النمو. ومن المتوقع أن تُحسم مفاوضات موازنة 2025 خلال الأسبوع المقبل، حيث تتعرض خطط رئيس الوزراء فرانسوا بايرو المتعلقة بالضرائب والإنفاق لضغوط كبيرة، وقد يواجه تصويتاً برلمانياً يجبره على الاستقالة.

في سياق متصل، أعربت الشركات الفرنسية عن قلقها المتزايد إزاء السياسات المالية، حيث حذر برنارد أرنو، رئيس شركة 'إل في إم إتش' (LVMH)، من أن زيادة ضرائب الشركات قد تؤدي إلى هروب الاستثمارات من فرنسا. كما قال باتريك مارتين، رئيس اتحاد الأعمال الفرنسي 'ميديف' (Medef)، إن 'الوضع الاقتصادي في فرنسا يتدهور بشكل ملحوظ، وهناك شعور متزايد بالإحباط والقلق حيال السياسات المتبعة'.

إسبانيا تقود النمو الأوروبي وسط توقعات بتحسن الطلب المحلي

رغم الأداء الضعيف في معظم دول منطقة اليورو، سجلت إسبانيا نمواً قوياً بنسبة 0.8% خلال الربع الأخير من 2024، ما يجعلها الاقتصاد الأسرع نمواً في المنطقة. كما شهدت كل من البرتغال وليتوانيا معدلات نمو إيجابية، مما يعكس تفاوت الأداء الاقتصادي بين دول الاتحاد.

وفي تحليله للوضع، كتب بيرت كولجين، كبير الاقتصاديين في 'آي إن جي' (ING)، أن 'أوروبا تبدو عالقة في حالة ركود، ومن غير المرجح أن تشهد انتعاشاً سريعاً خلال الشتاء الحالي. ومع ذلك، نتوقع أن يسهم الطلب المحلي في تحقيق بعض النمو خلال العام الجاري'.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً