في تحوّل لافت بمشهد الطاقة الأميركي، يتجه إنتاج النفط من خليج المكسيك إلى تحقيق أكبر قفزة له منذ أكثر من عقد، وهو ما يعزز سطوة الرئيس السابق دونالد ترمب على ملف الطاقة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأميركية. فرغم تراجع أسعار الخام، فإن المشاريع البحرية طويلة الأجل تعزز تفوق الإنتاج من الخليج، وهو ما وصفه ترمب بـ"خليج أميركا"، على حساب النفط الصخري الذي يعاني من تباطؤ استثماري ملحوظ.
ووفقًا لتقديرات شركة وود ماكنزي، سيضيف الخليج هذا العام نحو 300 ألف برميل يوميًا من الإنتاج الجديد، وهو ما يمثل نصف النمو الإجمالي في إنتاج الولايات المتحدة. ومن المنتظر أن تستحوذ المنطقة بالكامل على الزيادة المتوقعة خلال عام 2026 بإنتاج إضافي يبلغ 250 ألف برميل يوميًا.
وتأتي هذه القفزة في وقت تشهد فيه صناعة النفط الصخري تباطؤًا حادًا نتيجة انخفاض الأسعار، وتراجع شهية المستثمرين نحو تمويل عمليات الحفر السريعة والعالية الكلفة. في المقابل، بدأت مشاريع خليج المكسيك – ذات الأمد الطويل – في الدخول إلى الخدمة، بدعم من شركات كبرى مثل شيفرون، بي بي، وشل.
ويعكس هذا التحول عودة الخليج إلى الواجهة بعد سنوات من تراجع مكانته عقب كارثة "ديب ووتر هورايزن" وتداعيات الجائحة. واليوم، تؤكد شركات النفط الكبرى أنها نجحت في خفض التكاليف وتعزيز الكفاءة، إذ باتت مشاريع المياه العميقة أقل اعتمادًا على رأس المال، وأكثر مرونة في التعامل مع تقلبات الأسعار.
فعلى سبيل المثال، خفضت "شل" تكلفة منصة "فيتو" بنسبة 70%، بينما لجأت "شيفرون" إلى ربط الحقول الجديدة بمنصات قديمة مثل "بلايند فيث" لتقليل النفقات. كما بدأت في إنتاج النفط من مشروع "أنكور" المعقد جيولوجيًا، باستخدام تقنيات حديثة تتيح العمل تحت ضغوط استثنائية.
ورغم قلة الاكتشافات الجديدة في المنطقة، يرى محللون أن التقدم التكنولوجي، إلى جانب الدعم السياسي لترمب لقطاع الحفر البحري، يعزز فرص النمو المستقبلي. ويبدو أن الخليج يستعد للعب دور استراتيجي محوري في الحفاظ على موقع الولايات المتحدة كأكبر منتج للنفط عالميًا، في وقت يتزايد فيه تركيز ترمب على شعار "هيمنة الطاقة الأميركية".