أسعار النفط تقفز بأعلى وتيرة منذ 2022 مدفوعة بتوترات الشرق الأوسط وآمال التجارة العالمية
سجّلت أسعار النفط الخام العالمية أكبر ارتفاع يومي لها منذ عام 2022، لتحقق مكاسب أسبوعية قوية، وسط تزايد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتنامي الآمال بتحفيز اقتصادي عالمي جديد. وبحسب التقرير الأسبوعي الصادر عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول 'أوابك'، فقد ارتفعت أسعار خام برنت بنسبة 11.7%، بينما قفز خام غرب تكساس الأمريكي بنحو 13% خلال أسبوع التداول المنتهي.
ويُعزى هذا الارتفاع الكبير إلى مجموعة من العوامل المحفزة، على رأسها تصاعد المخاوف من اندلاع اضطرابات أوسع نطاقًا في الشرق الأوسط، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على تدفقات الإمدادات النفطية من المنطقة، خصوصًا عبر مضيق هرمز، الذي يُعد شريانًا حيويًا يمر من خلاله حوالي 20% من تجارة النفط العالمية.
مؤشرات داعمة للارتفاع
وأشار تقرير 'أوابك' إلى أن الآمال المتجددة بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والصين ساهمت في دعم الأسواق، لما لهذا من انعكاسات إيجابية على النمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي الطلب على الطاقة.
كما لُوحظ انخفاض مخزونات النفط الخام التجارية الأمريكية بمقدار 3.6 مليون برميل، لتصل إلى 432.4 مليون برميل، وهو أدنى مستوى لها منذ فبراير الماضي. جاء هذا التراجع متزامنًا مع ارتفاع تشغيل مصافي التكرير الأمريكية إلى 94.3%، وهو أعلى معدل تشغيلي منذ يوليو 2024، ما يعكس قوة الطلب الداخلي على الوقود.
وشهد السوق كذلك تراجعًا في عدد منصات الحفر الأمريكية إلى 439 منصة، وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2021، ما يعزز التوقعات بانخفاض المعروض الأمريكي مستقبلًا. كما ساهم انخفاض مؤشر الدولار الأمريكي في تعزيز الطلب على النفط، نتيجة لانخفاض تكلفة الشراء لحاملي العملات الأخرى.
وعلى الصعيد النقدي، ارتفعت أسعار المستهلك الأمريكية بشكل طفيف، ما عزز من احتمالات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة قريبًا، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها داعمة للنمو وزيادة الاستهلاك، بما في ذلك الطلب على النفط.
عوامل تحدّ من الصعود
ورغم المكاسب الكبيرة، أشار تقرير 'أوابك' إلى أن بعض المؤشرات قد تكبح جماح الارتفاعات المستقبلية، أبرزها تراجع واردات الصين من النفط الخام في الشهر الماضي إلى 11 مليون برميل يوميًا، وهو أدنى معدل في أربعة أشهر، في ظل بدء أعمال الصيانة الموسمية بمصافي التكرير الصينية.
وفي جانب آخر، خفّض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعام 2025 إلى 2.3%، متأثرًا بتصاعد النزاعات التجارية وزيادة حالة عدم اليقين الجيوسياسي، ما قد يشكّل ضغطًا على الطلب العالمي على الطاقة.
تُظهر الأسواق النفطية العالمية حالة من التوازن الحرج بين المخاوف الجيوسياسية والآمال الاقتصادية، فيما يواصل المستثمرون مراقبة تطورات العرض والطلب باهتمام شديد. وبينما تدفع العوامل قصيرة الأجل الأسعار للارتفاع، تبقى التحديات الاقتصادية العالمية قائمة، ما يجعل مستقبل أسعار النفط مفتوحًا على جميع الاحتمالات في النصف الثاني من 2025.