قال الدكتور محمد الجوهري، الخبير الاقتصادي ورئيس مركز أكسفورد للدراسات الاقتصادية، إن الدولار عملة العالم بين الذروة والتذبذب ، خلال عام 2025، موضحاً أن تحرك الدولار الأمريكي في مسار متقلب على الساحة العالمية فمن ناحية، ظل محتفظًا بمكانته كعملة الاحتياط الأولى، ومن ناحية أخرى تعرض لضغوط واضحة نتيجة تغير توجهات السياسة النقدية الأمريكية.
وأكد "الجوهرى"، أنه مع اتجاه الاحتياطي الفيدرالي إلى تهدئة التشديد النقدي وبدء خفض تدريجي لأسعار الفائدة، فقد الدولار جزءًا من زخمه الذي اكتسبه في الأعوام السابقة، وتابع:"هذا التراجع النسبي انعكس على مؤشر الدولار، الذي شهد موجات صعود وهبوط، متأثرًا بتوقعات الأسواق بشأن النمو الأمريكي، ومستويات العجز المالي، وحجم الدين العام".
الدولار محليًا في مصر
وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أن الدولار على الصعيد المحلي، كان عام 2025 عامًا استثنائيًا لسعر الصرف، فقد شهد الجنيه المصري تقلبات واضحة، حيث سجل الدولار في بعض الفترات مستويات مرتفعة، قبل أن يستقر نسبيًا قرب نهاية العام في نطاق أقل حدة، مؤكداً أن هذا المسار جاء نتيجة تفاعل عدة عوامل، أبرزها، مرونة أكبر في نظام سعر الصرف، وتحسن نسبي في تدفقات النقد الأجنبي من السياحة والاستثمارات، واستمرار الضغوط التضخمية والطلب المرتفع على الدولار، وبذلك أصبح سعر الصرف في 2025 تعبيرًا مباشرًا عن مرحلة انتقالية في الاقتصاد المصري، بين الإصلاح النقدي واستعادة التوازن.
وفيما يتعلق بالذهب قال الدكتور محمد الجوهرى، إن الذهب ملاذ آمن يعود إلى الواجهة بقوة، موضحاً أنه إذا كان الدولار قد تراجع نسبيًا، فإن الذهب كان نجم عام 2025 بلا منازع، فقد سجل المعدن الأصفر مستويات تاريخية غير مسبوقة، محققًا قفزات كبيرة في السعر العالمي للأوقية، وتابع:"لماذا ارتفع الذهب بهذه القوة؟ الارتفاع القياسي للذهب لم يكن حدثًا عابرًا، بل نتيجة عوامل متراكمة منها تزايد الطلب من البنوك المركزية، خاصة في الاقتصادات الناشئة، لتقليل الاعتماد على الدولار، و استمرار التوترات الجيوسياسية عالميًا، ما عزز البحث عن ملاذات آمنه ، وتراجع العائد الحقيقي على السندات الأمريكية مع خفض الفائدة، وتصاعد المخاوف من التضخم طويل الأجل وعدم استقرار النظام المالي العالمي.
وعلى صعيد الذهب في السوق المصرية، أكد "الجوهرى"، :محليًا انعكس هذا الصعود العالمي بشكل مباشر على أسعار الذهب في مصر، مضاعفًا بتأثير سعر الصرف ، فارتفعت أسعار الأعيرة المختلفة، وازداد الإقبال على الذهب ليس فقط كزينة، بل كأداة ادخار وتحوط لدى الأسر والمستثمرين الصغار، وتابع:"ماذا ينتظرنا في 2026؟ عام التوازن الحذر لأنه مع دخول عام 2026، تتجه الأنظار إلى مستقبل الدولار والذهب وسط سيناريوهات متعددة، تتراوح بين الاستقرار والتصعيد".
وأردف "الجوهرى"،:"توقعات الدولار في 2026 السيناريو الأكثر ترجيحًا تشير إلى استمرار تذبذب الدولار عالميًا مع ميل نسبي للضعف، إذا استمرت سياسة خفض الفائدة الأمريكية، ومحليًا، من المتوقع أن يتحرك الدولار مقابل الجنيه في نطاقات مرنة، تعكس حالة السوق، وتطور تدفقات النقد الأجنبي، وقدرة الاقتصاد المصري على تعزيز الإنتاج والتصدير ، وتابع:"بعبارة أخرى، لن يكون عام 2026 عام القفزات الحادة بقدر ما سيكون عام إدارة التقلبات".
ورجح "الجوهرى"، أن يظل الذهب في 2026، محتفظًا بجاذبيته، ولكن بوتيرة أكثر هدوءًا مقارنة بعام 2025، والسيناريو الأساسي استمرار الأسعار عند مستويات مرتفعة مع صعود محدود، والسيناريو الصاعد ارتفاع جديد إذا تجددت الأزمات أو تسارعت وتيرة خفض الفائدة عالميًا، والسيناريو التصحيحي: تراجع نسبي في حال تحسن النمو العالمي وعودة الثقة للأسواق.
عام 2025 كان عامًا كاشفًا، أعاد التأكيد على حقيقة اقتصادية راسخة، وهى أن الدولار والذهب ليسا مجرد أرقام، بل انعكاس مباشر لثقة العالم في المستقبل، ومع دخول 2026، يبدو أننا أمام مرحلة تتطلب قدرًا أعلى من الحذر، سواء من صناع القرار أو المستثمرين أو المواطنين، فالتوازن بين العملة والذهب، بين المخاطرة والتحوط، سيظل هو العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة، والعام المقبل يحمل اختبار حقيقى لقدرة الاقتصادات على تحويل التقلبات إلى فرص.