بين اختفاء مصريين وتهريب الآثار.. قضية ريجيني تفضح ازدواجية السياسة الإيطالية

الشاب الإيطالي المجني عليه ريجيني
الشاب الإيطالي المجني عليه ريجيني
كتب : أهل مصر

قالها الشاعر المصري أحمد شوقي قديمًا "أحرام على بلابـله الدوح.. حلال للطير من كل جنس"، ربما بهذا البيت الشعري يمكننا أن نصف ما يجري في الأونة الأخيرة من هجوم وشد وجذب في التصريحات الإيطالية، تجاه واقعة مقتل جوليو ريجيني، وتنسي روما أو تتناسي العديد من الأبناء المصريين الذي اختفوا أو لقوا حتفهم هناك أو الدبلوماسيين المتهمين بتهريب أثار مصر التاريخية.

ولا تزال ثقافة الكيل بمكيالين في التعامل مع الأمور تعمي الأنظار، وتشي بشيء ينبئ بأن هذه القضية ستصبح بمثابة المدخل الذي سيحاول بعض أعداء مصر من خلالها تمرير سياسات معينة ستكشفها الأيام القليلة القادمة، وفي هذا التقرير نحاول أن نرصد أبعاد القضية من البداية ونبرز تناقضات الرؤية الإيطالية للواقعة وردود الفعل الأوروبية تجاه الواقعة في الفترة الأخيرة.

من هو ريجيني؟

طالب وباحث شاب إيطالي قتل في مصر بين تاريخ اختفائه في 25 يناير 2016 (الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير)، والعثور على جثته مشوهة في صباح 3 فبراير في منطقة صحراوية في مدينة 6 أكتوبر في القاهرة الكبرى.

التحقيق في مقتل ريجيني

لم تتوقف التحقيقات لمدة 4 سنوات في قضية مقتل الطالب الإيطالي، بداية من طلب وزارة الخارجية الإيطالية في يناير 2016 لنظيرتها المصرية حول البحث عن ريجيني عقب اختفائه، إلى ظهور جثته في منطقة صحراوية بالسادس من اكتوبر.

فتحت مصر بقرار من النائب العام وقتها المستشار نبيل صادق تحقيقا موسعا حول أسباب مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي توفي في ظروف غامضة، أتبعه وصول بعثة إيطالية إلى القاهرة في فبراير من العام ذاته للمشاركة في متابعة عمليات البحث الجنائى والتحقيق.

الشرطة تنفي صلتها بمقتل ريجيني

نفى وزير الداخلية وقتها اللواء مجدى عبد الغفار أن تكون الشرطة ضالعة في مقتل ريجيني أو لها أية صلة بالطالب الإيطالي وقت وجوده في مصر، الأمر الذي أبعد الشرطة عن الشبهة بشكل مطلق، الداخلية تعلن تصفية المتهمين بمقتل ريجيني حيث أعلنت الوزارة في بيان لها عثورها على متعلقات ريجيني بمنزل شقيقة أحد أعضاء التشكيل العصابي الذي تم استهدافه بالقاهرة الجديدة، والذي تخصص في سرقة بعض الأجانب بالإكراه بانتحال صفة ضباط شرطة. حيث عٌثر على كارنيه منسوب صدوره لوزارة الداخلية "مزور" مثبت عليه صورة أحدهم، إضافة إلى تصفية 4 من المتهمين ونشر أسمائهم وكيفية القضاء عليهم وتصفيتهم.

تعاون قضائي للتحقيق في مقتل ريجيني

التقى النائب العام، المستشار حمادة الصاوي، وفريق التحقيق المصري في قضية وفاة المواطن الإيطالي "جوليو ريجيني"، عددا من المحققين الإيطاليين، لتطوير للتعاون، وأشار إلى تشكيل فريق تحقيق جديد يعكف على دراسة وترتيب أوراق القضية ويعمل على اتخاذ كافة إجراءات التحقيق اللازمة لاستجلاء الحقيقة في حيادية واستقلالية تامة.

وأكد النائب العام المستشار حمادة الصاوي استمرار وتطوير التعاون القضائي بين النيابة العامة المصرية والنيابة العامة بروما؛ من أجل الوصول إلى الحقيقة بموضوعية وشفافية تامة، بعيداً عما يتم تداوله إعلامياً من معلوماتٍ مغلوطة عن القضية.

واستمع فريق التحقيق المصري خلال الاجتماعات المشتركة التي دارت خلال يومي 14 و15 يناير الجاري إلى رؤى المحققين الإيطاليين، وتبادلا المعلومات ووجهات النظر.

واتفق الطرفان على استمرار التعاون القضائي المثمر بين النيابتين، وأكدا على تنفيذ كل جانب كافة إجراءات التحقيق المطلوبة من الجانب الآخر، مع احترام قوانين الدولتين. ورحب النائب العام والفريق المصري في قضية "ريجيني" المحققين الإيطاليين.

النيابة العامة تغلق التحقيق مؤقتا وتكشف عن "تحفظات"

أعلنت النيابة العامة المصرية، الاثنين الماضي، عن إغلاق ملف التحقيقات في واقعة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، بينما تحفظت على قرارات النيابة الإيطالية.

وقالت النيابة المصرية في بيان مشترك مع النيابة الإيطالية، أنها ستغلق ملف تحقيقات الواقعة مؤقتا، مع تكليف جهات البحث والتحري باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للوصول إلى مرتكب الجريمة. وأكدت النيابة أن مرتكب واقعة مقتل الطالب لا يزال مجهول الهوية.

في الوقت ذاته، أعلنت النيابة الإيطالية في البيان ذاته عن نيتها إنهاء التحقيقات في الواقعة بالاشتباه في 5 أفراد منتمين لأجهزة أمنية بتصرفات فردية منهم، من دون صلة بأي جهات أو مؤسسات حكومية مصرية، وعرضها هذا الاشتباه وفق الإجراءات القضائية الإيطالية على قاضي التحقيقات الأولية في روما لتقييمه واتخاذ الإجراءات القضائية بشأنه.

وأضاف البيان أن "النيابة العامة المصرية تتحفظ تماما على هذا الاشتباه ولا تؤيده، إذ ترى أنه مبني على أدلة غير ثابتة، وتؤكد تفهمها للقرارات المستقلة التي سوف تتخذها النيابة الإيطالية". وأعلنت النيابة العامة المصرية أنها توصلت إلى أدلة ثابتة على ارتكاب أفراد عصابة واقعة سرقة متعلقات الطالب الإيطالي المجني عليه، حيث عثر على تلك المتعلقات بمسكن أحد أفراد العصابة، وأيدت شهادات بعض الشهود ذلك.

كما ثبت من التحقيقات ارتكاب العصابة جرائم مماثلة، كان من بين المجني عليهم فيها أجانب، منهم إيطالي الجنسية غير ريجيني، وأنهم استخدموا وثائق مزورة تنسبهم إلى جهة أمنية مصرية، وأكد البيان الصادر عن نيابتي مصر وإيطاليا، أنه جاء في إطار التعاون القضائي المتبادل والمستمر بين النيابة العامة المصرية والنيابة الإيطالية على مدار السنوات الماضية وحتى الآن، وبعد عقد العديد من الاجتماعات بين الطرفين. وأبدى الطرفان التزامهما باستمرار التعاون القضائي بينهما، وتقديم كل ما يتم التوصل إليه من معلومات حول الواقعة للكشف عن الحقيقة.

الإنتربول المصري يطالب إيطاليا بتسليم دبلوماسيين هربا آثار

طالب الإنتربول المصري، الحكومة الإيطالية بتسليم المتهمين الإيطاليين أعضاء البعثة الدبلوماسية للسفارة الإيطالية السابقين في القاهرة والذين نهبوا آثار مصر لمدة عامين، والصادر ضد أحدهم ويدعى "لادسلاف أوتكر سكاكال" الذي شغل منصب القنصل السابق لإيطاليا في مصر، حكما قضائيا.

وأكد الإنتربول المصري أن لاديسلاف أوتكر صدر بحقه حكم بالسجن المشدد 15 عاما وغرامة مليون جنيه لقيامه بتهريب عدد ما يقرب من 22 ألف قطعة أثرية من آثار مصر لدولة إيطاليا خلال أعوام 2016 و2018 من خلال حاويات البعثة الدبلوماسية لدولة إيطاليا بمعرفة الإيطالي ماسيميليانو سبونزيللي الملحق الدبلوماسي الاقتصادي والتجاري بالسفارة الإيطالية، حيث تم ضبط حاوية بدولة إيطاليا وإعادة جزء من الآثار بخلاف العديد من عمليات تهريب الآثار الأخرى التي تمت خلال تلك الفترة بمعرفة عناصر إيطالية بالاشتراك مع مصريين.

وحكمت محكمة الجنايات المصرية على المتهمين بتاريخ 15 فبراير الماضي، وحتى الآن لم تقوم السلطات الإيطالية بتسليمهم لمصر وهي الدولة التي وقعت الجريمة على أراضيها وقاموا بالتنقيب وسرقة الآثار المصرية وتهريبها لدوله ايطاليا. وحكمت محكمة الجنايات المصرية في ذات القضية على شركائهم "الإيطاليين" الممثل بطرس رؤوف غالي شقيق يوسف بطرس غالي، وأحمد حسين نجدي، ومدحت ميشيل بالسجن بذات العقوبة 15 عاما.

ضغط دولي على مصر لتطبيق سياسة الأمر الواقع

ليأتي البرلمان الأوربي ويناقش فرض عقوبات على مصر، بادعاء عدم قبول مصر بتسليم المتهمين فى قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجينى.

البرلمان طالب كل أعضاء الاتحاد الأوروبي بوقف المساعدات لمصر وتوقيع عقوبات عليها حتى تسليم المتهمين، كما يتوعد بإجراءات تصعيدية في حالة عدم الاستجابة.

سياسة روما والكيل بمكيالين

لم يكن المكيال الذي تكيل به روما عادلا، فهي تطلب من مصر تسليم أشخاص ليس لهم أية صلة بمقتل الطالب ريجيني، وفي ذات الوقت ترفض تسليم الدبلوماسيين المتهمين والمحكوم عليهم بتهريب الآثار المصرية؛ لتفتح جبهة جديدة لمحاولة إيقاف قطار التنمية المصري الذي أرهب وأبهر العالم.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
رئيس النواب: استكمال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية بجلسة الغد