اعلان

هل يجوز صرفُ أموال الزكاة لتوفير لقاح فيروس كورونا وعلاج المرضى؟ دار الإفتاء تجيب

لقاح كورونا
لقاح كورونا

قالت دار الإفتاء المصرية: "إنه يجوز صرف أموال الزكاة لتوفير لقاح فيروس كورونا؛ تحقيقا لمقصد حفظ النفس، وهو المقصد الأول من المقاصد الكلية العليا في الشريعة الإسلامية، وبناء المنظومة الصحية داخل في تحقيق هذا المقصد؛ صيانة لصحة الناس وقاء، وإنقاذا لها بالعلاج استبقاء، ودفع المرض يكون بالوقاية منه قبل حصوله، وعلاجه بعد نزوله، وكما جاز الصرف على المريض لعلاج ما فيه، جاز من باب أولى تلافيه".

وأضافت الدار -في فتوى لها- أن تطوّر وباء العصر وانتشار آثاره المدمرة يستوجب تكريس الجهود وضخ الأموال لاستكفاء بناء المنظومة الصحية؛ بكل آلياتها وأدواتها وأجهزتها، ونظم علاجها ووسائل وقايتها، كما يحتاج إلى تكاتف الجمعيات الخيرية والمؤسسات المدنية والهيئات الاعتبارية، بالإضافة لما توفره الدولة من ميزانية، وهذا اليق بمصرف (سبيل الله)؛ إذ لا يتوصّل لإعداد القوة إلا بذلك، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولا يشترط التمليك للزكاة في هذه الحالة؛ لأنّ التمليك إنما يشترط عند الفقهاء حيث يتصوّر، لا حيث يتعسّر أو يتعذّر.

وأوضحت الفتوى أن الزكاة مشروعة لبناء الإنسان وكفاية حاجته، وما يتصل بأمور حياته ومعيشته الفردية والمجتمعية؛ كالغذاء والسكنى والتعليم والعلاج وغير ذلك من ضروريات الحياة وحاجياتها؛ دفعا للمضار والأخطار، وجلبا للمصالح والمنافع؛ فهي تدفع غوائل الفقر والجهل والمرض والعدو، بجلب نوائل الكفاية والعلم والصحة والأمن، ولذلك بدأها الله تعالى بكفاية الفقراء والمساكين؛ للتأكيد على أولوية بناء الإنسان، ثم تدرج فيها إلى مصرف (سبيل الله) للتوصل إلى أمان الأوطان؛ فقال تعالى: {إنّما ٱلصّدقٰت للۡفقرآء وٱلۡمسٰكين وٱلۡعٰملين علىۡها وٱلۡمؤلّفة قلوبهمۡ وفي ٱلرّقاب وٱلۡغٰرمين وفي سبيل ٱللّه وٱبۡن ٱلسّبيلۖ فريضة مّن ٱللّهۗ وٱللّه عليم حكيم} [التوبة: 60].

وأشارت إلى أنه من أهم مظاهر بناء الإنسان وحماية مقومات معيشته وحياته على المستوى الفردي والمجتمعي: القضاء على الأمراض والأوبئة الفتاكة؛ ففيه تحقيق أعظم المقاصد الكلية العليا للشريعة الغراء وهو حفظ النفس؛ إذ الأمراض والأسقام هي أشدّ ما يعرّض النفوس للتلف.

وأضافت فتوى دار الإفتاء أنه لمّا كانت مدافعة المرض -وقاية وعلاجا- داخلة في حاجة الإنسان الأصلية ومقومات معيشته الأساسية؛ كان الإنفاق فيها على محتاجيها من مصرف الفقراء والمساكين، غير أن المرض إذا كان وباء فالأمر فيه أشد، والضرر فيه أعم؛ لأن في استشرائه إنهاكا للقوى وهلاكا للجماعات وتدميرا للاقتصاد وضعضعة للدول؛ فينتقل الشأن من مجرد كفاية المحتاجين على مستوى الفاقة والحاجة، إلى وقاية المواطنين وأمنهم الصحي على مستوى الأوطان والدول؛ حيث الحفاظ على الصحة يؤدي إلى كفاءة أداء الخدمة العسكرية، وإلى تطوّر المعدلات التنموية، وزيادة قوة الدولة الاقتصادية؛ فإن بناء القوة يبدأ من بناء الفرد وكفاءته في الأداء وقدرته على الإنتاج؛ لأن العقل السليم في الجسم السليم، وكل ذلك أساس لإعداد القوة المأمور بها شرعا في سبيل الله.

وبينت الدار أن أساس مصرف (في سبيل الله): جهاد الفعل؛ بصد العدوان ودفع الطغيان، وجهاد الردع: بإعداد العدة، وبناء أمن الأوطان، الذي أمرنا الله به في قوله سبحانه: {وأعدّوا لهم مّا ٱسۡتطعۡتم مّن قوّة} [الأنفال: 60]، وقد تطورت أساليب الحروب وتعددت أنواعها ومجالاتها وأساليبها؛ نفسية، وسياسية، واقتصادية، وبيولوجية، ونووية، وفضائية، وغير ذلك؛ بما يفرض على الفقهاء والمفتين نظرا جديدا في مفهوم إعداد القوة ووسائل الدفاع؛ إذ لكل نوع دفعه، ولكل أسلوب ردعه؛ ففي الحروب البيولوجية مثلا تنشر الفيروسات والأمراض الفتاكة؛ فتتطلب دفاعا بمختلف وسائل الوقاية، وعتادا بمنظومة العلاج وشتى أساليب الرعاية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً