أوضح معهد التخطيط القومي الذراع البحثي لوزارة التخطيط، أن بناء مدن مستدامة وصحية ولديها القدرة على تأدية وظائفها يتطلب تنسيقًا واسعًا للسياسات وخيارات الاستثمار، وللحكومات الوطنية والمحلية دور مهم يحتم عليها أن تتحرك الآن كي تشكل مستقبل تنميتها وتتيح فرصًا للجميع.
ولفت إلى أن التوسع العمراني يمثل قوة دافعة للتنمية في مصر، وهو ما تتبناه الدولة خلال السنوات الأخيرة من خلال الإجراءات التي اتخذتها في إطار استراتيجية 2030 و2050.
كما أشار إلى عدد من الأسباب التي تجيب عن السؤال بشأن هل من الأفضل الاستمرار في بناء مدن جديدة أم العمل على تحسين المدن القائمة، والتى تمثلت فيما يلي:
- يعيش في المدن حاليًا نحو 55% من سكان العالم، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، وبحلول عام 2050 سيزداد سكان الحضر بأكثر من ضعف العدد الحالي، بحيث سيعيش 7 من بين كل 10 مواطنين في العالم بالمدن.
- تساهم المدن بأكثر من 80% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، يمكن للتوسع الحضري أن يسهم في تحقيق النمو المستدام إذا ما أحسن إدارته، وذلك بزيادة الإنتاجية وإتاحة الفرصة لروح الابتكار والأفكار الجديدة للخروج إلى النور.
- الزيادة المتوقعة في عدد السكان من 100 مليون إلى 160 مليون نسمة بحلول عام 2050.
- سرعة التوسع الحضري ونطاقه يحملان معهما تحديات، من بينها تلبية الطلب المتسارع على الإسكان ميسور التكلفة، وتوفير أنظمة نقل ومواصلات مترابطة وغير ذلك من مرافق البنية التحتية، والخدمات الأساسية فضلًا عن الوظائف.
- الزحف الحضري يُشكل ضغوطًا على الأرض والموارد الطبيعية، ويؤدي إلى نواتج غير مرغوب فيها، فالمدن تسهم بنسبة الثلثين من استهلاك الطاقة العالمي، وأكثر من 70% من انبعاثات غازات الدفيئة.
- تؤدى المدن دورًا متزايد الأهمية في التصدي لتغير المناخ، لأن تعرضها لمخاطر المناخ والكوارث يزداد مع نموها، فقرابة نصف مليار شخص من سكان الحضر يعيشون فى مناطق ساحلية، وهو الأمر الذى يزيد من خطر تعرضهم لعصف الرياح وارتفاع منسوب مياة البحر، وفى المدن الساحلية الأكبر فى العالم وعددها 136 مدينة يتعرض 100 مليون نسمة أو 20% من سكانها وأصول قيمتها 4.7 تريليونات دولار لمخاطر الفيضانات الساحلية، ويجرى نحو 90% من التوسع الحضاري في البلدان النامية بالقرب من مناطق معرضة لمخاطر طبيعية.
- المدن أيضًا في الخطوط الأمامية لمكافحة الأوبئة، وتخضع المدن في أنحاء المعمورة حاليًا لأقصى اختبار مع تفشي كورونا، فهي لا تؤثر على الصحة العامة فحسب وإنما أيضًا على الاقتصاد والنسيج الاجتماعي، وتكشف جائحة كورونا في ظل ما أحدثته من أزمات صحية واجتماعية واقتصادية متزامنة عن مدى جودة تخطيط المدن وإدارتها، وتأثير ذلك على مدى قدرة كل مدينة أو عجزها عن أداء وظائفها لا سيما في أوقات الأزمات.