السفينة الجانحة تعيد ذكريات الأسطول الأصفر.. 14 سفينة علقت لمدة 8 سنوات وعمالها حولوا الصحراء لمدينة

تحرك السفينة الجانحة بقناة السويس
تحرك السفينة الجانحة بقناة السويس
كتب : عزة رخا

تخططت قناة السويس أصعب لحظات التاريخ، وعاد الشريان العالمي لفتح أبوابه من جديد، بعدما انتهت بعد ظهر أمس الإثنين، أزمة السفينة الجانحة ونجح عمال قناة السويس في تعويمها بعد أسبوع من العمل المتواصل، لتستأنف من جديد حركة الملاحة في الممر الدولي.

وتسبب جنوح السفينة العملاقة في إغلاق قناة السويس التي يصل طولها إلى 193 كيلومترا، وتعتبر سفينة الحاويات البنمية الجانحة 'إيفرجيفن' من أكبر سفن الحاويات فى العالم، إذ يبلغ طولها 400 متر، وعرضها 59 مترا، فيما تبلغ حمولتها الإجمالية 224 ألف طن بحمولة حوالي 120 ألف حاوية، الأمر الذي دفع الخبراء للتوقع بأن تظل عالقة لمدة أطول.

الأسطول الأصفر

وربما تعود بنا قصة السفينة 'إيفر جيفن' لنتذكر الحادث الشهير الذي وقع في عام 1967 خلال الحرب الإسرائيلية العربية، عندما توقفت حركة الملاحة في قناة السويس لمدة 8 سنوات، وعلقت 14 سفينة في الممر الملاحي، كان من المفترض أن تعبر القناة خلال فترة حرب الأيام الستة، أطلق عليها حينها الأسطول الأصفر، نظرا لـ ظهور هذه السفن باللون الأصفر نتيجة لتراكم رمال الصحراء على متنها.

وتعود ملكية السفن التي علقت في قناة السويس إلى بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا وفرنسا وبولندا والسويد وألمانيا الغربية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وكانت قناة السويس في ذلك الوقت تملك ذات الأهمية التي لديها اليوم، إذ كانت أقصر طريق ملاحي والأكثر أمانا وأقل تكلفة مقارنة مع قنوات الملاحة الأخرى بين آسيا وأوروبا، خاصة طريق رأس الرجاء الصالح.

وأرسلت الشركات أطقم إغاثة تقوم بالدوران داخل وخارج السفن لحماية السفن؛ فيما شكّل أفراد الطاقم مجتمعهم الدولي الخاص هناك في الصحراء، والذي أطلق عليه اسم جمعية البحيرات الكبرى، إذ قام أفراد طاقم السفن بتقسيم المهام من أجل الإدارة السلسة 'لبلدهم الجديدة وأرضها السفن الـ 14؛ حيث خدم أفراد الطاقم البولندي في مكتب البريد، بينما استضاف البريطانيون مباريات كرة القدم، فيما سفينة ثالثة تم تحويلها إلى كنيسة للصلاة، بينما تم تحويل سفينة رابعة إلى مسرح سينمائي؛ وسفينة أخرى كانت بمثابة مستشفى.

وداخل مجتمعهم الخاص الصغير ذو الكثافة السكانية القليلة، كان من الضروري لأعضاء الجمعية الجديدة، أن يظلوا مشغولين، إذن ماذا يفعلون بخلاف إقامة الحفلات وأحداث الرقص ومباريات كرة القدم؟ كان لديهم نسختهم الخاصة من أولمبياد عام 1968، هناك على متن إحدى السفن، فاز أعضاء الطاقم البولندي بالألعاب، حتى أنهم صنعوا طوابع بريدية يدوية الصنع، وفقا لكاث سينكر، مؤلف كتاب 'الذين تقطعت بهم السبل في حرب الأيام الستة'.

السفن المنتظرة

كان من حسن حظ السفينة 'إيفر جيفن' وعمالها أن مصر نجحت في إنهاء الأزمة سريعا في 6 أيام فقط، لتعود الأمور لطبيعتها، بعدما أدى تعطل الملاحة إلى ازدحام مروري في القناة وتشكل طابور انتظار طويل يضم أكثر من 300 سفينة كانت بصدد عبور القناة.

وتوقع الفريق أسامة ربيع، أن يستغرق عبور السفن المنتظرة عند مدخلي قناة السويس '3 أيام ونصف تقريبا' بعد تعويم السفينة إيفن جيفن.

وقال: إن القناة ستعمل 'على مدار 24 ساعة' لتتمكن السفن المنتظرة وعددها 425 بحسب موقع 'لويدز ليست'، من العبور في أسرع وقت ممكن.

الخسائر التي تسبب فيها جنوح السفينة

فقد تسبب جنوح السفينة لمدة 6 أيام في تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، وكانت أسعار النفط الخام قد تراجعت في وقت سابق بعد تعويم جزئي للسفينة، ثم عادت للانتعاش عندما أعلنت هيئة قناة السويس عن تعويم السفينة بالكامل، وتراجعت أسعار النفط، فيما يُرتقب اجتماع لمنتجي منظمة أوبك الخميس.

وأشار تقرير لشركة أليانز للتأمين إلى أن اليوم في تعطّل نقل البضائع، نتيجة وقف الملاحة بالقناة، 'يكلّف التجارة العالمية من 6 إلى 10 مليارات دولار'.

وقالت شركة 'لويدز ليست' إنّ الغلق يعيق شحنات تقدر قيمتها بنحو 9,6 مليار دولار يوميًا بين آسيا وأوروبا، وأشارت 'لويدز ليست' إلى أن 'الحسابات التقريبية' تفيد بأن حركة السفن اليومية من آسيا إلى أوروبا تُقّدر قيمتها بحوالي 5,1 مليار دولار ومن أوروبا إلى آسيا تُقّدر بنحو 4,5 مليار دولار.

ومن جهته قدّر الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إن الخسائر اليومية لقناة السويس بسبب تعطل الملاحة ما بين 12 و14 مليون دولار، حيث أدى تعطل الملاحة بالاتجاهين في المجرى المائي بالغ الأهمية إلى تأخير بالغ في عمليات تسليم النفط ومنتجات أخرى.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً