في إطار دور وزارة الأوقاف التنويري والتثقيفي ، ومحاربة الأفكار المتطرفة ، وغرس القيم الإيمانية والوطنية الصحيحة ، ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف اليوم الجمعة 7/5/2021 م خطبة الجمعة بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها وأرضاها) بالقاهرة ، بحضور سيادة اللواءخالد عبد العال محافظ القاهرة نائبًا عن سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي (حفظه الله) ، وفضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ، والدكتور عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس لجنة التضامن بمجلس النواب ، والشيخ جابر طايع وكيل أول وزارة الأوقاف رئيس القطاع الديني ، ومحمود خليل وكيل مديرية أوقاف القاهرة ، وعدد من السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بمحافظة القاهرة ، وعدد من القيادات الأمنية والشعبية بالمحافظة، وبمراعاة الضوابط الاحترازية والإجراءات الوقائية والتباعد الاجتماعي.
وفي خطبته أكد معاليه أننا في أيام وليال مباركة من هذا الشهر الفضيل ، وليلة القدر هي إحدى هذه الليالي المباركة في العشر الأواخر ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "الْتمِسوها في العَشر الأواخِر من رمضانَ" ، وحتى لو غلب على ظن البعض أنها ليلة السابع والعشرين أو ليلة الخامس والعشرين ، فقد اقتضت حكمة الله إخفاء أمرها عن خلقه ، ليجتهدوا في العشر كاملة ، حتى لو علمت وتيقنت أنها ليلة السابع والعشرين ، فهل تقتصر الهمة في العبادة على ليلة واحدة ، وهل نحن في حاجة إلى الله في ليلة واحدة دون سائر اليالي ؟ أم أننا في حاجة إلى معية الله في كل وقت وحين ، إذا كنا في حاجة إلى معية الله في كل وقت وحين ،فكن معه يكن معك ، ثم إنه سبحانه أخفى رحمته في طاعته ، ففي كل ليلة عتقاء من النار ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "للهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عُتقاءُ منَ النارِ" ، فلنكثر من القيام والذكر وتلاوة القرآن في هذه الليالى المتبقية ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمانًا واحْتِسَابًا، غُفِر لَهُ مَا تقدَّم مِنْ ذنْبِهِ" ، فلعلنا أن نوافق ليلة القدر أو ساعة رحمة من الله فنكون فيها من المقبولين نسأل الله أن نكون منهم.
كما أشار معاليه إلى أننا في أوان إخراج صدقة الفطر ، حيث يجوز إخراجها في أول الشهر ، فعلينا أن نعجل في إخراجها ليقضي الفقراء حاجتهم ، قبل دخول العيد ، فعَن ابْنِ عُمَرَ (رضي الله عنهما) قَالَ: "فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "أَغْنُوهُمْ عن السؤال فِي هَذَا الْيَوْمِ".
مشيرًا معاليه إلى وجوب إخراج صدقة الفقر على كل أحد ، حتى من يأخذ الصدقة لابد من أن يُخرج صدقة الفطر ، لكن هل يكتفى بصدقة الفطر أم أننا بحاجة إلى مزيد من التراحم والتكافل؟ مشيرًا إلى أن هذا أوان إخراج زكاة المال أيضًا ، حيث تضاعف الحسنات في هذا الشهر الفضيل فالزكاة حصن للمال ، والصدقة أحد عوامل دفع البلاء ، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزكاةِ ، ودَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ ، واسْتَقْبِلوا أَمْوَاجَ البلاءِ بِالدعاءِ والتَّضَرُّع".
كما أكد معاليه أن ليلة القدر ليلة رحمة وسلام وسعادة ، فعلينا بالدعاء الإيجابي ، وإياك أن تجعلها ليلة انتقام من أحد أو دعاء على أحد ، فعن السيدة عائشة (رضى الله عنها) قلتُ : يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علمتُ أيَّ ليلةِ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قال : "قولي : اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي".
مشيرًا معاليه إلى أن ليلة القدر رحمة وسلام ، ليلة عفو ، ليلة فرحة ، وكذلك العيد فرحة ، يقول الحق سبحانه : "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ" ، وحتى يظل العيد فرحة لابد من أمور : التوسعة على الفقراء والمساكين وإغنائهم من الآن حتى يكون فرحة للجميع ، كما لابد أن نلتزم بالإجراءات الطبية الوقائية والاحترازية والتباعد الاجتماعي ، وأن يكون ذلك ثقافة مجتمع ونمط حياة في الظروف الحالية ، فهي مصلحة معتبرة شرعًا ، ووطنيًا ، وصحيًا ، حتى لا نتزاحم فنفقد حبيبًا ، فيتحول العيد من فرحة إلى حزن ، كما اقتضت عادات بعض الناس على التوسع في زيارةالقبور في العيد ، والبعض يخرج في تزاحم شديد ، ولهؤلاء نقول : إن كانت الزيارة من أجل العظة ففي سائر أيام العام متسع ، و اجعل يوم العيد يوم فرحة ، وزُر للعظة في سائر الأيام ، والبعض للأسف الشديد يحول يوم العيد يوم الفرح إلى تجديد للأحزان بما لا يتناسب مع جلال وفرحة العيد ، والأخطر من ذلك تحول بعض ساحات المقابر إلى ما يشبه السوق ، ويصاحب ذلك من التزاحم وألعاب للأطفال وغير ذلك ، مما يشكل في ظل الظروف الراهنة خطرًا كبيرًا على الصحة العامة ، فكل ما يؤدي إلى التزاحم والتلاحم والتلاصق ، ويسهم في نقل العدوى علينا أن نبتعد عنه ، وعلينا الالتزام بالكمامة ، وإجراءات التباعد حرصًا على أبائنا وأنفسنا ووطننا ومجتمعنا ، حتى يظل العيد فرحة.