حذر الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، من مخاطر الاستخدام العبثى والعشوائي لـ المضادات الحيوية، لافتا إلى أنها تهدد الوقاية الفعالة والعلاج لمجموعة متزايدة من الالتهابات التي تسببها البكتيريا، والطفيليات والفيروسات والفطريات.
مخاطر الاستخدام العبثى للمضادات الحيوية
وقال بدران، في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، إنه بدون مضادات حيوية فعالة، يصبح نجاح العملية الجراحية الكبرى والعلاج الكيميائي للسرطان مهددا، موضحا أن تكلفة الرعاية الصحية للمرضى الذين يعانون من التهابات مقاومة أعلى من الرعاية للمرضى الذين يعانون من التهابات غير مقاومة بسبب زيادة طول فترات المرض، الحاجة لاختبارات إضافية مكلفة واستخدام عقاقير أقوى جديدة أكثر تكلفة.
وأضاف عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، أن كل عام هناك 480 ألف شخص يصابون ببكتيريا الدرن المتطورة متعددة المقاومة للأدوية
ومشكلة مقاومة المضادات الميكروبية تقوض أيضا جهود مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا، وتم العثور على الميكروبات المقاومة لمضادات الميكروبات في الحيوانات، والغذاء، والبيئة (في المياه والتربة والهواء) ويمكن أن تنتشر بين الناس والحيوانات، ومن شخص لآخر.
ولفت إلى أنه خاصة عند ضعف السيطرة على العدوى، وعدم التشبث بالعادات الصحية كتناول الأغذية السريعة الغربية النمط أو الغير معدة بطرق صحية، مشيرا إلى أنه في الولايات المتحدة يتم سنويًا تشخيص أكثر من 2 مليون شخص يعانون من التهابات نتيجة العدوى ببكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، وأكثر من 23000 يموتون سنويا بسبب هذه الأنواع من البكتيريا.
الجراثيم الخارقة
واستطرد بدران بأن الجراثيم الخارقة، وظهور البكتيريا الفائقة (السوبر) القوية والشرسة بسبب الإكثار والعشوائية في وصف المضادات الحيوية للناس والحيونات، ما نجم عنه نشوء مناعة تدريجية لدى البكتيريا، وأصبحت بالتالي قادرة على التغلب على تأثيرات المضادات الحيوية المتوفرة اليوم، حيث حذرت منظمة الصحة العالمية من ازدياد السلالات البكتيرية ذات المناعة ضد المضادات الحيوية.
وأكد بدران على الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية بواسطة المرضى وحتى أصبح 60% من العدوى داخل المستشفيات؛ نتيجة لهذه البكتيريا المستأسدة التى ربما تقاوم 30 نوعاً مختلفاً من أقوى المضادات الحيوية، وساهم فى ذلك أيضًا الاعتقاد الخاطىء فى المجتمعات البشرية بأن المضادات الحيوية سوف تعالج الالتهابات ونزلات البرد والإنفلونزا ولكنها فى الحقيقة لا تفعل ذلك إلا فى بعض الالتهابات الناشئة عن بكتيريا مستجيبة وليست عاصية أو مستأسدة وكذلك ليس لها أي أثر على الأمراض الفيروسية أو الفطرية أو الطفيليات غالباً.
وأشار عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة إلى أن المضادات الحيوية أدت إلى نشأة سلالات جديدة عديدة أصبحت تعيش داخل الإنسان الذى جعلت منه حاملاً لها رغماً عنه، ويؤدى ذلك إلى انتشارها فى المجتمع، خاصة المخالطين لهذا الإنسان الحامل لها، موضحًا أن الإنسان الذي يُكثر من تناول المضادات الحيوية باستمرار يجعل منهم حاملين لهذا النوع من البكتيريا العاصية.
وقال بدران، إن المضاد الحيوي يقتل بلا تمييز، فهو يقتل البكتيريا الضارة، ولكنه فى الوقت نفسه يقتل الملايين من البكتيريا النافعة للإنسان التي خلقها الله لحمايتنا من البكتيريا الضارة، وبالتالي يصبح الإنسان بعد تناول المضاد الحيوي محروماً من البكتيريا النافعة، ويصبح بذلك مرتعاً للبكتيريا الضارة الوافدة.
البكتيريا العنقودية الذهبية الشائعة
وأضاف أن البكتيريا العنقودية الذهبية الشائعة تستطيع أن تسبب أنواعاً خطيرة من العدوى مثل الالتهاب الرئوي القاتل، وتمكنت البكتيريا العنقودية الذهبيّة من تطوير ذاتها وأجيالها، وأصبحت لديها مناعة مقاومة للعديد من المضادات الحيوية المعروفة وتفرز هذه البكتيريا سموما تمكنها من التغلب على المضادات الحيوية وتسبب احتجاز 400 ألف شخص سنويا في الولايات المتحدة حيث تسبب تسمم الدم والالتهاب الرئوي ووفاة 19 ألف سنويا بسببها لافتا إلى ذكاء البكتيريا يتحدى ذكاء البشر فالبكتيريا تطور من نفسها من أجل البقاء وتغير من طبيعة الجدار الخلوي فلا يستطيع المضاد الحيوي العمل على هذه النوعيات من الجدران وتعطيل الأنزيمات الخاصة بالمضادات الحيوية.
واختتم بدران، تصريحاته لـ'أهل مصر'، أن الحد من نفاذية المضادات الحيوية فيقلل عبور المضادات الحيوية للجدر الخلوية للبكتيريا وتغيير المواقع المستهدفة بالمضادات الحيوية، بالإضافة إلى تطوير آليات طاردة للمضادات الحيوية، وتتمكن من إزالة جرعات المضادات الحيوية وزيادة معدل الطفرات لإنتاج أجيال أكثر مقاومة على دراية بكيفية عمل المضادات الحيوية مستمدة من الخبرات السابقة فى التعامل معها.