قال الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام، عضو الجمعية الأمريكية للقانون الدولي، إن مجلس الأمن الدولي لم يتخلى عن مصر عندما لجأت إليه في ملف سد النهضة الإثيوبي في المرات السابقة، أو أنه قرر عدم اختصاصه بشئون المياه وأحال الأمر للاتحاد الإفريقى لهذا السبب، مؤكداً أن هذه ادعاءات إثيوبية في الأساس لإضعاف الروح المعنوية المصرية.
وأضاف، في تصريحات صحفية: بالتأكيد هناك فارق كبير بين القرارت التي يصدرها مجلس الأمن، والبيانات الرئاسية، خاصة أن الأخيرة لم ينص عليها النظام الداخلي المؤقت لمجلس الأمن، غير أنها كانت قليلة حيث بلغ عدد قرارت المجلس في مطلع تأسيس الأمم المتحدة 89 قرارا، مقابل 3 بيانات رئاسية فقط، مشيراً إلى أنها ارتفعت بعد ذلك إلى نحو النصف في الفترة من 1986 وحتي 1990.
وأشار إلى الغاية من إصدار مجلس الأمن الدولي بيانات رئاسية، موضحأ أن المجلس يهدف من ذلك الحد من النزاعات والصراعات بين الاطراف المتنازعة حتى لا تطور التوترات بينهم لصراعات وحروب تمس الأمن والسلم الدوليين، غير أن هذه البيانات تكون أقل إلزامية من الناحية القانونية والسياسية من القرار الذي يصدر من المجلس، ولكنها أيضا يكون لها تأثير كبير في المجتمع الدولي.
الحل السلمي عن طريق التنظيمات الإقليمية
وعن سبب إسناد مجلس الأمن المفاوضات في ملف سد النهضة للاتحاد الإفريقى قال مهران: وفقاً للفصل الثامن من الميثاق المتعلق بالتنظيمات الإقليمية فإن المادة 52 تشجع على الاستكثار من الحل السلمي للمنازعات المحلية بطريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة تلك الوكالات الإقليمية بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن، موضحاً أن المجلس يفتح المجال للتنظيمات الإقليمية، لتقوم بدروها في التوصل لحل النزاع والحد من التوتر.
وتابع: في عام 2019 بلغ عدد البيانات الرئاسية 15 بياناً، وحتي نهاية عام 2021 بلغت حوالي 17 بياناً. رئاسية، لافتاً إلى أن هذه البيانات نبعت من مسئولية مجلس الأمن الأساسية فيما يتعلق بدوره الهام بحفظ الأمن والسلم الدوليين وفقا للفقرة الاولي من المادة 24 من ميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح أن مصطلح عدم إختصاص مجلس الأمن الذي ادعاه البعض من الناحية القانونية يعني عدم الخوض في الموضوع نهائيا والدخول فيه أو تناوله وهو ما لم يحدث حيث أشار البيان إلى إتفاق المبادئ لعام 2015، وأوصي بالزامية التفاوض وبضرورة التعاون واستئناف المفاوضات على وجه السرعة في مدة زمنية معقولة للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لكافة الأطراف بشأن مواعيد ملء وتشغيل السد برعاية الاتحاد الإفريقي.
وأكد، على أحقية مصر في اللجوء للمجلس وفقاً لما قرره ميثاق الأمم المتحدة في الفصل السادس المواد 33 حتى 38، موضحاً أن معيار اللجوء إلى مجلس الأمن هو وجود نزاع يهدد الأمن والسلم الدوليين، وضرر قد يؤثر على المجتمع الدولي، وذلك ينطبق علي حالة مصر من سد النهضة، لافتاً إلى أن مجلس الأمن إذا رأى أن هناك تهديدا يمس السلم والأمن الدوليين بشأن نزاع ما فإنه يجب عليه التدخل في الحال بهدف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، محذراً من خطورة هذا النزاع لتهديده لسيادة دول المصب وحياة مواطنيها.
وأضاف: لا توجد سلطة في المجتمع الدولي يمكن أن تحمل الدول على تنفيذ التزاماتها التي يجب أن تقوم بها بحسن النيه، ومن خلال التعاون ليسود السلام العالم، لافتاً إلى أنه إذا لم تلتزم إثيوبيا يجب أن يتدخل مجلس الأمن والمجتمع الدولي لوقف هذا التعنت والتصرفات الأحادية من الجانب الإثيوبي، للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، بالإضافة إلى ضرورة استمرار مصر في الضغط الدولي، وموضحا أنه في حالة الاستمرار في التعنت يجب على الدول أن تبدأ بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية مستشهداً بما حدث في النزاع الروسي الاوكراني، بفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي عقوبات على روسيا رغم أن هذه العقوبات لم تكن موجودة بالقانون الدولي.
وناشد وسائل الإعلام الوطنية تحرى الدقة في نشر المعلومات القانونية من المتخصصين، نظرا لحساسية الأمر، خاصة أن هناك من يتربص بمصر، ويريد أن يشعل الأزمة.