في هذا الوقت من كل عام تخرج علينا دعوات تحريم الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف الذى من المقرر ان يوافق يوم 8 أكتوبر المقبل وأنه بدعة وليس من السنة الشريف.
من بين تلك الدعوات ما يقال بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين شيء من هذا، فلم يكن فى سيرتهم شيئًا يسمونه مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، ولأجل المحافظة على السنة الشريفة والعمل بالكتاب الكريم لا ينبغي للمسلمين أن يحدثوا أموراً ليست في كتاب الله ولا في سنة رسول الله، ثم يتقاعدوا عن سنته وحمل رسالته، وينشغلوا بأمور جانبية.
وكعادتها كل عام تحاول دار الإفتاء المصرية التصدى لمثل هذه الدعوات وتؤكد على إباحة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وأنه يندرج في إطار العبادات، وترد دار الإفتاء على الجدل الذي يدور كل عام حول تحريم الاحتفال بالمولد النبوي، وأن النبي والصحابة لم يحتفلوا بمولده الشريف، بأن هذا الكلام غير صحيح، وأن التعبير عن حب الرسول مباح بأي وسيلة.
وقالت دار الإفتاء، "مما يلتبس على البعض دعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضى الله عنهم والسلف الصالح في القرون الثلاثة الأولى الفاضلة، لم يقوموا بالاحتفال بالمولد النبوي كأمثال هذه الاحتفالات اليوم، وهذه الدعوى غير صحيحة، لأنه لا يشك عاقل في فرحهم رضى الله تعالى عنهم بمولده صلى الله عليه وسلم، ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولا حرج في الأساليب والمسالك لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وسلم عبادة وأي عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما يكون بأي وسيلة ما دامت مباحة".
وذكرت دار الإفتاء المنهج الذي كان يحتفل به السلف الصالح بالمولد النبوي الشريف: "دَرَجَ سلفُنا الصالح على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما نصَّ على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى".
وأجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على سؤال عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، مؤكدا أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مشروع بالأدلة الصحيحة التي وردت في الكتاب والسنة وباتفاق علماء الأمة، ورد على من يحرمون الاحتفال بالمولد النبوي، قائلا: « أي أقوال من شأنها تحريم الاحتفال بهذا اليوم المعظم هى مخالفة للصحيح وخروج على الإجماع».
وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوي، في حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، أن الاحتفال بيوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم -ظهر من مظاهر تعظيمه، وعلامة من علامات محبته، ومن المعلوم أن تعظيم النبي ومحبته أصل من أصول الإيمان.
واستشهد بالحديث الذي رواه الإمام البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».
وأشار إلى الدليل على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من القرآن الكريم، قوله تعالى في سورة إبراهيم: «وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ»، ولا شك أن أعظمُ أيام الله قدرًا هو يوم مولده صلى الله عليه وسلم، ومن أدلة مشروعية الاحتفال أيضًا من القرآن الكريم قوله تعالى في سورة يونس: «قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا»، قال عبد الله ابن عباس، في تفسيره لهذه الآية: (فضلُ الله: العلمُ، ورحمتُه: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين»).
واختتم مركز الأزهر العالمي للفتوى في حكم الاحتفال بالمولد النبوي: «قد كرَم الله تعالى الأيام التي ولد فيها الأنبياء - عليهم السلام - وجعلها أيام سلام، فقال سبحانه في سورة مريم: «وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ»، ومن المعلوم أن في يوم الميلاد نعمة الإيجاد، وهى سبب كل نعمة بعدها، ولا شك أن يوم ميلاد النبي - صلى الله عليه وسلم - سببُ كل نعمة في الدنيا والآخرة».