ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر فضيلة أ.د حسن صلاح الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، حيث دار موضوعها حول المظاهر والمقاصد الإيمانية والأخلاقية للصيام وشهر رمضان.
في بداية الخطبة قال الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، إن المولى عز وجل قد شرع الله الصيام لمقاصد سامية، وحكم جليلة، فهو مدرسة للإيمان والأخلاق، ومحضَنٌ إيماني، يتلقَّى فيه الصائم دروس الأخلاق، ويتربَّى على جميل الطباع، ورفيع الخِلال، وتتحقق من خلاله معانٍ عظيمة، ومقاصد سامية موضحا أن المتأمل في القرآن الكريم يجد أن الحق (سبحانه وتعالى) ذكر الغاية من الصيام في كتابه العزيز، حيث يقول سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}، لافتا إلى ان المقصود من قوله "لعلكم تتقون" ليست التقوى في شهر رمضان فقط بل في سائر العام، حيث أن الصيام يعد تدريبا وتعليما ربانيا للمسلم على التقوى.
وأوضح أمين هيئة كبار العلماء أن للصوم عدة مقاصد وفوائد أبرزها التقرب إلى الله عز وجل بالصيام والعبادات والطاعات والذكر وقراءة القرآن، مؤكدا أن الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" رواه البخاري ومسلم، مضيفا أن من فوائد الصوم تطهير النفس من الذنوب والمعاصي، وتعلم الصبر والتحكم في الشهوات وترك المنكرات، والعطف على الفقراء والمحتاجين والتعلق بالمساجد.
ولفت الصغير إلى أن الحفاظ على الوقت من أبرز المقاصد والمظاهر الإيجابية للشهر الكريم، حيث أن رمضان يعلمنا قيمة الوقت وكونه من أهم النعم التي ينبغي علينا أن نحسن الاستفادة منها واستغلالها في طاعة الله عز وجل، والعمل على تحقيق أهدافنا المعنوية والروحانية، بالإضافة إلى البعد عن الكسل وتجنب الخمول، والاجتهاد والعمل بجد لخدمة المجتمع ونفع الناس، موضحا أن المسلم بإمكانه فعل الكثير والكثير خلال شهر رمضان وفي كل يوم من أيامه، بدءا من القيام في الثلث الأخير من الليل وتناول وجبة السحور مع أبناءه وأهل بيته، ثم الذهاب إلى صلاة الصبح في جماعة وقراءة القرآن ثم الذهاب إلى العمل، واجتناب اللغو والبعد عن البغضاء والنميمة، وحضور الدروس الدينية بعد الصلوات في المساجد، وتناول وجبة الإفطار مع أهله مرة أخرى، ودعوة الأقارب والجيران للمشاركة في مائدة الإفطار، ثم آداء صلاتي العشاء والتراويح، وغير ذلك من العمال الصالحة، مؤكدا أن كل ذلك يعد تدريبا عمليا للمسلم على كيفية إدارة وقته في سائر العام، وحسن التخطيط لمستقبله.
وأضاف خطيب الجامع الأزهر أن من أهم مقاصد الصيام التكافل والتراحم والعطاء والكرم، وشعور الإنسان بحال من حوله من الفقراء والمحتاجين؛ فيحنوا عليهم، ويواسيهم، ويقضي حوائجهم، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، لافتا إلى أنه إذا كان أجر التكافل والتراحم، والجود، وإطعام الطعام عظيماً في شهر رمضان، فإن ذلك يعد تدريبا للمسلم على البذل والعطاء في سائر شهور العام، داعيا الأغنياء ورجال الأعمال باتخاذ شهر رمضان فرصة لتقديم العون للمحتاجين والعمل على النهوض بهم في رمضان وغير رمضان من خلال إقامة المشروعات التي تخلق فرص عمل للشباب والمحتاجين، حتى يستطيعوا أن ينهضوا بأنفسم وبوطنهم.
وفي نهاية الخطبة أكد أمين هيئة كبار العلماء أن رمضان لم يكن شهر صيام وقيام ودعاء واعتكاف وعمرة وإكثار من العبادة فحسب، بل كان شهر جهاد ومجاهدة ودعوة وعمل، فقد سطر فيه أسلافنا أعظم الانتصارات وأكبر الفتوحات، بدءا من غزوة بدر الكبرى و فتح مكة المكرة حتى نصر أكتوبر المجيد، بما يبرهن على أن ليالي هذا الشهر وأيامه تحكي ما حققته الأمة من انتصارات وأمجاد، مشددا على أن كل ذلك هو نصر من عند اللهعز وجل لعباده المؤمنين، لقوله تعالى "وما النصر إلا من عند الله".