اعلان

طارق متولي يكتب: ماكينات صغيرة

طارق متولي
طارق متولي

حضرتك لم تأت إلى الدنيا عبثا بدون حكمة أو فائدة لوجودك في هذه الحياة لم تأت لكي تأكل وتشرب وتنام وتتكاثر فهذه ليست هدف بحد ذاته بل ان هذه الأشياء وسيلتك للحياة والاستمرار. حضرتك أتيت إلى الحياة لكي تقوم بدور في الحياة وتقدم فائدة للحياة والأرض التى تعيش عليها.

تخيل ماكينة تضع لها الزيت والماء وتوصل لها الكهرباء ثم تشغلها فتدور تحدث جلبة وتستهلك الزيت والجاز والماء والكهرباء ثم لا تنتج اي شيء تدور فقط على الفاضي او تنتج ماكينات صغيرة مثلها تدور أيضا دون أن تخرج لنا منتج ينتفع به عامة الناس هذه الماكينة تشبه الإنسان الذي يأكل ويشرب وينام ويتكاثر ولا ينتج شيئا,

الهدف الاسمي من حياة الإنسان هو أن يعمل على إعمار الأرض، لإعمار بمعناه الشامل ، للأسف البعض يربط كلمة إعمار بالبناء المادي للمباني والمنشآت فقط وهو أوسع من ذلك فالإعمار نقيض الخراب والإفساد في الأرض.

كون الهدف الاسمي من وجود حضرتك هو الإعمار وعدم الإفساد والخراب يتطلب منك العمل على تحقيق ذلك بقدر طاقتك وقدرتك لا أن تجعل الحياة بحد ذاتها هي هدفك.

أن يكون هدفك هو أن تعيش فقط وتستمتع بالحياة وتنتهي حياتك دون أن تقدم شيئا او فائدة للحياة ، الأرض والخلق عندما ينتهج أكثر الناس هذا النهج ويتركوا إعمار الأرض والمحافظة عليها وعدم إفسادها وخرابها ويتوجهوا للعيش فقط والإستمتاع بالطعام والشراب والنوم والتكاثر فستخرب الحياة لا محالة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾[ سورة التكاثر: 1] ﴿ حَتَّىٰ زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾[ سورة التكاثر: 2] في إقرار بالخسارة بأننا انشغلنا بالتكاثر حتى انتهت اعمارنا ولم نقوم بعمل شيئا صالحا لنا ولغيرنا.

إعمار الأرض هو دورنا في الحياة إعمار الأرض بالعمل بالزراعة والصناعة وبناء الإنسان الصالح الذي يقوم بدوره في الحياة بشكل جيد بل والعمل على عدم إفساد أنفسنا وإفساد غيرنا وأفساد الأرض والبيئة التى نعيش فيها.

هذا هو دور الإنسان في هذه الحياة الدنيا ، ليس دوره أن يأكل ويشرب ويتكاثر ويكون كل هدفه وهمه هو المتعة والإستمتاع التى من اجلها يبني المنتجعات ووسائل الراحة والمتعة فهذه جزئية بسيطة فمن حق الإنسان بالطبع أن يرتاح ويستمتع لبعض الوقت ولكن ليس كل الوقت ولاحتى نصف الوقت بل لوقت قصير ومحدد لكي يستعيد فيه قوته وهمته للعمل الذي هو الأساس ليعمر الأرض ويترك أثرا جيدا فيها يحسب له.

لا يكن مجيئك للحياة وحياتك مجرد عبأ على الحياة او كم بلا قيمة فإن قيمة الإنسان الحقيقية فيما يقدمه من نفع لا فيما يحققه لنفسه فقط من مكاسب ومتاع وراحة ومتعة دون أن يكترث لما حوله من بيئة ومجتمع يضم الجميع.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً