أسدل محمد عبد الشافي، أحد أبرز رموز نادي الزمالك والكرة المصرية في العصر الحديث، الستار على مشواره الكروي الحافل، بعدما أعلن النادي الأبيض رسميًا اعتزاله كرة القدم، موجّهًا له رسالة وداع تحت عنوان: 'القدوة والرمز'.
رحيل 'شيفو' عن المستطيل الأخضر لم يكن مجرد إعلان اعتزال، بل لحظة مؤثرة ودّعت فيها الجماهير أحد أكثر اللاعبين التزامًا وتواضعًا في تاريخ النادي، والذي امتدت مسيرته لأكثر من عقدين من العطاء على المستوى المحلي والدولي.
من عزبة النخل إلى ميت عقبة.. بداية شيفو في عالم الساحرة المستديرة
ولد محمد عبد الشافي عام 1985 في منطقة المرج، ونشأ في 'عزبة النخل' حيث بدأت علاقته بكرة القدم. في السابعة من عمره، اصطحبه والده إلى نادي الزمالك، وهناك أظهر موهبة لافتة جعلته ينضم سريعًا إلى قطاع الناشئين.
ورغم قضاء سنوات بين جدران القلعة البيضاء، تلقى عبد الشافي صدمة مبكرة حين قررت إدارة النادي الاستغناء عنه دون إنذار، لكنه رفض الاستسلام وتمسك بحلمه،لينتقل بعد ذلك إلى إنبي.
بداية التألق.. من إنبي إلى بوابة غزل المحلة
انطلقت مسيرة عبد الشافي مع نادي إنبي، حيث عمل على إثبات نفسه واستعادة ثقته الكروية، ثم انتقل بعدها إلى غزل المحلة في واحدة من أبرز محطات مسيرته، وهناك تألق بشكل لافت في مركز الظهير الأيسر، ليضع اسمه بين الأفضل في هذا المركز.
أداؤه اللافت دفع الزمالك لإعادة التفكير، ليعود اللاعب إلى بيته القديم بعد أن أصبح من نجوم الدوري المصري، في صفقة أعادت 'الابن المُبْعَد' إلى حضن ناديه المفضل.
الاحتراف الخارجي.. تألق وتمثيل مشرف في السعودية
في يوليو 2015، بدأ عبد الشافي فصلًا جديدًا من مسيرته بالاحتراف في صفوف الأهلي السعودي، حيث أمضى ثلاث سنوات ناجحة، حصد خلالها العديد من الألقاب المحلية، قبل أن يخوض تجربة إعارة قصيرة مع نادي الفتح عام 2018، ويعود بعدها للأهلي ليكمل رحلته حتى 2019.
ورغم الاحتراف الخارجي، لم ينس عبد الشافي أصله، حيث قام بدعوة ثلاثة من عمال غرف الملابس في نادي غزل المحلة لأداء مناسك العمرة، في لفتة إنسانية تجسد قيم الوفاء التي طالما اتسم بها اللاعب.
عودة ثالثة.. شيفو يحسم الدوري للأبيض
عاد عبد الشافي إلى الزمالك للمرة الثالثة وهو في الـ34 من عمره، وبدأ مشواره على دكة البدلاء. لكن بإصراره المعروف ولياقته المذهلة، فرض نفسه مجددًا في التشكيل الأساسي، وساهم في تحقيق لقب الدوري موسم 2021، بعد غياب دام 6 سنوات.
وكان هدفه المؤثر أمام الاتحاد السكندري أحد المحطات البارزة في مسيرته مع القلعة البيضاء، حيث لعب دورًا كبيرًا في تتويج الفريق باللقب في الأمتار الأخيرة من المنافسة.
مشوار دولي مميز.. بطل إفريقيا رفقة منتخب الفراعنة
دافع عبد الشافي عن ألوان المنتخب الوطني في 51 مباراة دولية، سجل خلالها هدفًا لا يُنسى في مرمى الجزائر خلال نصف نهائي كأس الأمم الأفريقية 2010، البطولة التي تُوّج بها الفراعنة في نهاية المطاف.
كما شارك شيفو في كأس العالم 2018 في روسيا، ولعب المباراة كاملة، واستمر في تمثيل المنتخب حتى سن الـ36، حين أقنع المدير الفني حسام البدري بضمّه لتصفيات كأس العالم، بفضل مستواه المميز ولياقته العالية.
أخلاق استثنائية لـ شيفو داخل وخارج الملعب
لم يكتفِ عبد الشافي بما قدمه فنيًا، بل ترك بصمات إنسانية داخل نادي الزمالك جعلت الجميع يحترمه، إذ رفض في إحدى المرات تقاضي سبعة ملايين جنيه، مكتفيًا بثلاثة فقط، مشترطًا توزيع الفارق على زملائه في الفريق.
وفي واقعة أخرى، تنازل عن مستحقاته المتأخرة، وطلب من الإدارة دفعها لباقي اللاعبين أولًا. ولم تكن هذه المواقف استثناء، بل سلوكًا دائمًا، حيث شوهد غير مرة في التدريبات وهو يحمل أدوات المران بنفسه، بدلًا من العامل المسؤول.
وعلّق الحكم الدولي السابق ياسر عبد الرؤوف قائلاً: 'كنت أشعر بالحرج من إشهار البطاقة في وجه عبد الشافي، لأنه لاعب محترم، وتدخلاته دائمًا غير مقصودة، والجميع يحبه'.
402 مباراة و 14 بطولة.. وذكرى لا تُنسى
طوال مسيرته، خاض محمد عبد الشافي 402 مباراة رسمية، سجل خلالها 11 هدفًا، وصنع 34 هدفًا لزملائه، محققًا 14 بطولة، منها 10 ألقاب مع الزمالك (3 دوري، 4 كأس مصر، سوبر مصري، كونفدرالية، سوبر محلي)، و4 بطولات مع أهلي جدة (دوري، كأس الملك، كأس ولي العهد، سوبر سعودي)، إلى جانب لقب كأس الأمم الأفريقية 2010 مع منتخب مصر.