ألقى وزير الأوقاف محمد مختار جمعة اليوم خطبة الجمعة بمسجد "الجامع" بمحافظة أسوان، مشاركة لأهالي المحافظة احتفالاتهم بعيدهم القومي، تحت عنوان "علو الهمة سبيل الأمم المتحضرة "، بحضور أشرف عطية محافظ أسوان، ولفيف من القيادات التنفيذية والدعوية والشعبية بالمحافظة .
وخلال الخطبة أكد وزير الأوقاف، أن على كل منا أن يسأل نفسه ويحاسبها ماذا قدم لدينه ولوطنه ولمجتمعه ولمؤسسته ولأهله ولنفسه؟ ، ذلك أنه لن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا، فإن تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا، ولا يكون هذا إلا بإتقان العمل وبعلو الهمة ،فعلو الهمة جزء من ثقافتنا ، وجزء من وطنيتنا ، وجزء من حضارتنا.
وأضاف الوزير، أننا شعب يمتلك حضارة تضرب في أعماق التاريخ لأكثر من سبعة آلاف عام ، وديننا دين العمل والجد والإتقان ، لذا ينبغي أن نكون أصحاب همة عالية وإرادة قوية ، فرجل ذو همة يحيي الله (عز وجل) به أمة ، أو دولة ، أو مؤسسة ، فالمعلم في مدرسته ، والطبيب في مشفاه ، والعامل في مصنعه ، والأستاذ في جامعته ، ورئيس القرية فالمدينة فالمحافظة وسائر المؤسسات على كل منا أن يعمل على الرقي والنهوض بالمكان الذي استخدمه الله فيه.
وبين أن من أعلى درجات الهمة ، الهمة في خدمة المجتمع ، وإعانة الضعيف ، وإغاثة الملهوف ، وقضاء حوائج المحتاجين ، والنجدة والشهامة ، فعن سيدنا أبي ذر (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال: ” ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس” ، قيل: يا رسول الله ومن أين لنا صدقة نتصدق بها ؟ فقال: ” إن أبواب الخير لكثيرة : التسبيح ، والتحميد ، والتكبير ، والتهليل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وتميط الأذى عن الطريق ، وتسمع الأصم ، وتهدي الأعمى ، وتدل المستدل على حاجته ، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث ، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف ، فهذا كله صدقة منك على نفسك”.
وأظهر جمعة بعض الدقائق من هذا الحديث الشريف ، منها : إسماع الأصم في عصرنا الحديث أن تركب له سماعة ، أو تدفع له ثمن تركيبها ، أو تعلمه أو تسهم في تعليمه ، حتى توصل الرسالة المطلوبة دينا ووطنيا له ، وتعينه على قضاء حوائجه ، وأن تهدي الأعمى صدقة وهذا من مراعاة حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة التي هي من أعلى درجات الشهامة والنبل وعلو الهمة في الوفاء بحق المجتمع وواجبه ، ومنها : أن تحمل مع الضعيف بشدة ساعديك ، أي تعمل بهمة ومروءة عالية في مساعدته و في خدمة المجتمع ، وكذلك سعيك مع الملهوف المستغيث بشدة ساقيك ، لا مجرد تفضل أو نافلة ، إنما تسعى مع هذا وذاك سعيك لأمر هام يخصك ويشحذ همتك ، ولكل مجتمع رجاله الذين يحملون رايته ، قال (صلى الله عليه وسلم ) :” مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَاشْتَرَاهَا سيدنا عثمان (رضي الله عنه )” ، وقال صلى الله عليه وسلم :” مَن جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ؟”، فجهزه سيدنا عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) ، لذا قال (صلى الله عليه وسلم ) : ” ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم “، فديننا دين الهمم العالية وتاريخنا وحضارتنا تتطلب منا أن نكون أصحاب همة عالية والله يأمرنا أن نكون أصحاب همم عالية ، وعلينا أن ندرك أن إتقان عملنا سيكون سر تقدم وطننا ، وأن ندرك أن إرثنا الحضاري يدفعنا لذلك دفعًا ، وعلينا بالإيثار لا الأثرة ، فما استحق أن يولد من عاش لنفسه ، مؤكدًا على أهمية علو الهمة في العبادة وفِي العمل وفِي عمارة الكون وفِي خدمة الدين والوطن والمجتمع .