قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إنَّ رجالَ المدرسةِ الماتريديةِ الذين ينطلقونَ من المدرسةِ الحنفيةِ قَدْ قدَّمُوا للحضارةِ الإنسانيةِ زادًا علميًّا وقوتًا مُشْبِعًا ثَرِيًّا، يُشَكِّل في مُجْمَلِهِ لَبِنَةً أصيلةً من لَبِنَاتِ بناءِ الحضارةِ الإنسانيةِ، مطالبًا بضرورةِ البحثِ في الكنوزِ الجليلةِ التي تركَهَا لنا علماءُ هذه المدرسةِ في مختلَفِ المجالاتِ: العقديةِ والفقهيةِ والأصوليةِ واللُّغويةِ؛ باعتبارِهِا لاتزالُ تَلْفِتُ الانتباهَ، وتَجْذبُ العقولَ، وتَفتحُ للناسِ آفاقًا جديدةً من الفكرِ والتأمل.
وأضاف عياد - خلال كلمته بمؤتمر'الإمام أبو منصور الماتريدي والتعاليم الماتريدية' بأوزباكستان– أنَّ الإنسانيةَ –اليومَ- في حاجةٍ ماسَّةٍ إلى حضارةٍ تُذْكِي جَذْوَةَ الإيمانِ باللهِ، وبالرسالاتِ السماويةِ، حضارةٍ تَمْنَحُهَا الدِّيْنَ ولا تَحْرُمُهَا العِلْمَ، وتَمْنَحُهَا الإيمانَ الذي لا يعادي العقلَ، حضارةٍ تُعطيها غذاءَ الرُّوحِ والبدنِ، تُعطيها الآخرةَ، ولا تُحَرِّمُ عليها الدنيا، لافتًا إلى أن العقيدة الإسلاميةُ الصحيحة: هي –وَحْدَهَا- القادرةُ على بَعْثِ الحضارةِ الإسلاميةِ من جديدٍ؛ لأنَّها –وَحْدَهَا- القائمةُ على أساسِ التوحيدِ المطلَقِ، الذي يُصَحِّحُ العَلاقةَ بين الخالقِ والمخلوقِ، وإذا كان الإنسانُ هو محورَ البناءِ الحضاريِّ، والعقيدةُ هي محورَ صلاحِ الإنسانِ، فقد أسهمَ علماءُ العقيدةِ بنصيبٍ كبيرٍ في بناءِ هذه الحضارةِ، وفي تَحَمُّلِ هذه المسئوليةِ الدينيةِ، ومنهم رجالُ المدرسةِ الماتريديةِ، الذين سَرَتْ فيهم رُوحُ الإمامِ الأعظمِ أبي حنيفةَ، وتَتلْمَذُوا على مؤلفاتِهِ.
كلمة أمين البحوث الإسلامية بمؤتمر الماتريدي
وأشار الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إلى أن أعلامَ الحضارةِ الإسلامية قد أدركوا قيمة العقلِ ودَوْرَهُ في الإسهامِ في البناءِ الحضاريِّ، وأشاروا إلى العَلاقةِ بينَهُ وبينَ النقلِ، لافتًا إلى أنَّ العقلَ أَحَدُ أهمِّ ركائزِ الحضارةِ الإنسانيةِ عامةً، والحضارةِ الإسلاميةِ خاصةً؛ لِهَذا نَجِدُ له الدَّوْرَ الأكبرَ في شتَّى مجالاتِ العلومِ والفنونِ، وهذا ما نبَّهتْ عليه المدرسةُ الماتريديةُ، وانتهتْ إليه، فلمْ نَرَ عِلْمًا من العلومِ، أو فنًّا من الفنونِ إلَّا وكان للعقلِ دَوْرُهُ في هذا الإطارِ، وعِلْمُ الكلامِ خيرُ شاهدٍ على ذلك.
يُشار إلى أن مؤتمر «الإمام أبو منصور الماتريدي والتعاليم الماتريدية: التاريخ والحاضر» قد انطلق صباح اليوم بمدينة سمرقند بأوزباكستان، ويشارك فيه عدد من مؤسسات وعلماء العالم الإسلامي، على رأسهم مؤسسة الأزهر الشريف، وذلك بمشاركة فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف وعدد من أساتذة العقيدة والفلسفة المتخصصين في العقيدة الماتريدية بكليات أصول الدين بالأزهر.